التحول النوعي للاقتصاد السعودي والاستثمارات الأجنبية

لم تتوقف المصارف العالمية في التسابق نحو المملكة. وهذا الحراك يستند أساسا إلى عدة معطيات. أولها أن السعودية تتمتع بثقة دولية كبيرة على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إلى جانب طبعا أنها ساحة آمنة للاستثمارات في ظل "رؤية المملكة 2030". وهذه الأخيرة استقطبت في الواقع جهات استثمارية أجنبية كبرى متعددة في كل المجالات، وصنعت آفاقا جديدة جاهزة لمن يرغب في خوض غمار الاستثمار. ومع التشريعات التي جلبتها "الرؤية"، تسعى جهات مصرفية عالمية من الطراز الأول إلى دخول السوق السعودية، بعضها حقق غاياته، والبعض الآخر يستعد لهذا الدخول، بما في ذلك فتح فروع لبنوك كبرى، والعمل وفق القوانين والتشريعات التي خففت كل القيود السابقة في هذا المضمار.
يضاف إلى ذلك بالطبع السمعة الائتمانية العالية للمملكة. ففي الأسابيع القليلة الماضية، أكدت كل وكالات التصنيف تقريبا، المستوى الائتماني للبلاد، ليس فقط من ناحية انخفاض مستوى الدين قياسا ببقية بلدان مجموعة العشرين، والسيطرة على العجز في الموازنة، بل من جهة الإنجازات الاقتصادية التي تتحقق بصورة مستمرة على الساحة الوطنية. وإذا ما أخذنا في الحسبان التحول الصحي للاقتصاد السعودي، فإن تصنيفه عند حدود A+ يأتي في سياق طبيعي. وهذا ما تنشده أي جهة تسعى إلى الاستثمار. لهذه الأسباب وغيرها، باتت الساحة السعودية مقصدا استثماريا في النطاق المصرفي وغيره، ناهيك عن المشاريع المتجددة، التي توفر بدورها ميادين متنوعة من الناحية الاستثمارية. والاستثمار الأجنبي يشكل في المملكة "وفق استراتيجيتها الراهنة" محورا رئيسا، لاستكمال عملية البناء الاقتصادي ككل.
وفي كل المناسبات الاقتصادية الكبرى، تتحدث الجهات الاستثمارية العالمية عن هذه النقطة. بما في ذلك المؤتمر المصرفي الذي عقد في الرياض أخيرا. ولعل أهم ما يميز كلام هذه الجهات أنها متخصصة تماما وتتحدث عما هو موجود على الأرض حقا. ومن هنا يمكن النظر إلى ما قاله، مثلا، جون فلينت الرئيس التنفيذي لبنك "إتش إس بي سي" : إننا "ملتزمون تجاه السعودية، فهي تتمتع باقتصاد نثق به بصورة كبيرة". والكلام نفسه وبصيغ متطابقة يصدر عن مسؤولين ورؤساء في البنوك العالمية الكبرى. فالثقة بالاقتصاد السعودي كبيرة، وهي ترتفع يوما بعد يوم، ولا سيما مع تأكيدات جهات عالمية مستقلة على ذلك. وهذه الجهات تضع الاقتصاد المذكور في المكانة العليا التي يستحقها.
ورغم أن بعض هذه الجهات تتحدث عن أن المنطقة ليست مثالية تماما، إلا أن التغيرات التي حدثت في المملكة في العامين الماضيين، كانت مذهلة، وأتاحت فرصا كثيرة. ما يعني أنه رغم التوتر الواضح الذي تشهده المنطقة بشكل عام، تتمتع السعودية بما يكفي من الاستقرار والأجواء المناسبة للاستثمارات، والأهم أنها تتمتع بالعوامل المساعدة لاستكمال عملية البناء الاقتصادي الوطني التاريخي. وهذا البناء على وجه الخصوص يحظى بإعجاب كبير من جانب حكومات الدول المتقدمة، فضلا عن الجهات الاستثمارية المختلفة. ويرى الجميع أن المسيرة تمضي قدما بأعلى معايير الجودة لإتمام هذه العملية الاستراتيجية الكبرى. فالأدوات فاعلة، والرؤى واضحة، وإرادة القيادة في استكمال ما بدأت به لا حدود لها.
المملكة باتت مقصدا استثماريا في مختلف الميادين، ليس فقط بسبب ما تطرحه "رؤية المملكة 2030" من إمكانيات وفرص ومشاريع ومبادرات، بل أيضا بسبب الاستقرار الذي تنعم به على مختلف الأصعدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي