FINANCIAL TIMES

عناوين تغير المناخ تصدم العالم بحقائق مميتة

عناوين تغير المناخ تصدم العالم بحقائق مميتة

عناوين تغير المناخ تصدم العالم بحقائق مميتة

عناوين تغير المناخ تصدم العالم بحقائق مميتة

رد الفعل الغاضب على مظاهرات تغير المناخ في أمستردام وباريس ومدن أخرى، يتناقض بشكل ملحوظ مع ما شاهدته في شوارع وسط لندن.
"آسف على الإزعاج" قال الرجال الملتحون في ماربل آرك، إذ أغلق المتظاهرون مفترق الطرق.
وفي الجهة الجنوبية، انحنى أحد التنفيذين من خارج النافذة الثابتة لسيارته التي يقودها سائقه الخاص، للإشارة إلى أهمية موضوع "تغير المناخ".
محاولات تصوير هذه الحركة على أنها مجموعة من الهيبيين الغاضبين المسايرين لأهوائهم، لا تعبر عن الواقع.
قابلت جدات لم يتظاهرن من قبل، ومسافرين قرروا الانضمام إلى الحراك. في شارع أكسفورد، لخصت إحدى اللافتات أجواء التصميم المؤسف.
كتب "أعتذر، ولكني لا أعرف ما يمكنني فعله غير ذلك". هذا يعكس ما يشعر به كثير منا، ونحن نراقب مجتمعاتنا وهي تشتت انتباهها نحو كل شيء، باستثناء حالة الطوارئ المناخية التي تلوح في الأفق.
يتهم النقاد حراك "متمردون ضد الانقراض" (Extinction Rebellion)، بأنهم من "الطبقة الوسطى".
إن الطبقات الوسطى هي التي يتعين عليها تعديل أنماط حياتنا إذا كان سيحدث تغيير. نعم، فمقابل كل محافظ على البيئة يطالب بفرض ضرائب أعلى على الوقود، سيكون هناك أصحاب "سترات صفراء" يطالبون بالعكس.
غير أن فقراء العالم هم الذين تعرضوا للضرر الأكبر من تغير المناخ. ورؤساء هذه المجموعة لديهم مؤهلات صحيحة: غيل برادبروك حاصل على درجة الدكتوراه في الفيزياء الحيوية الجزيئية، وفارحانا يامين، التي قبض عليها بعد أن ألصقت نفسها على الرصيف خارج المقر الرئيسي لشركة شل، كانت محامية في مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ.
هل سينجح الأمر؟ يطالب المشاركون في الحملة الحكومات بفرض قيود صارمة على انبعاثات الكربون.
نادرا ما يؤثر العمل المباشر في سياسة الحكومة، خاصة عندما تتجاوز المشاكل الحدود الدولية والجيلية.
ونادرا ما يجازف السياسيون قبل الرأي العام. يشك كثيرون أيضا في أن المعلمين والتلاميذ في مختلف البلدان الذين استجابوا لدعوة السويدية غريتا ثونبرج، البالغة من العمر 15 عاما، في الإضراب من أجل المناخ، أرادوا فقط قضاء يوم خارج المدرسة.
إذا استمرت هذه الحركة بتصدر العناوين الرئيسة، فقد تحقق التغيير المستدام الذي نحتاج إليه. عندما يصبح الناخبون قلقين بما فيه الكفاية سيتبع ذلك الإجراءات الحكومية.
يشعر الناس بأسف عميق بشأن عالم الطبيعة، لكن الصمت مقابل التهديدات المتسللة لكوكبنا كان غير عادي، حتى أن بعض الناس باوا يدركون أننا نعيش في انقراض شامل لبعض الكائنات.
لقد مرت 20 عاما على أول حملة بيئية فعلتها (غير ناجحة إلى حد ما). نفذتها في محطات البنزين، إذ إن الأدخنة جعلت من غير المحتمل العمل لفترة طويلة.
في السنوات التالية، فهمت أن التشاؤم لم ينجح. كان رد فعل الناس غاضبا على أي تلميح بأنهم ملامون - حتى لو قبلوا أن العالم يتعرض لاحتباس حراري.
وصف عالم المناخ جيمس هانسن "التكتم العلمي" الناتج بأنه وضع لسيناريوهات متشائمة.
يزعم متشككون من أن وسائل الإعلام مغمورة بقصص بيئية مبالغ فيها.
مثل هذه القصص نادرا ما تحصل على المساحة التي تستحقها. نحن البشر لا نحب التفكير في التهديدات الوجودية المعقدة مثل الانهيار التام للنظام البيئي.
عندما استنتجت اللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، من أنه يتعين على العالم خفض انبعاثات الكربون بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2030، للحفاظ على ارتفاع درجات الحرارة إلى ما دون 2 درجة مئوية، تسبب ذلك بالكاد في إيجاد قدر من الأصداء. نقلب الصفحة، ونعانق بطانية الراحة الكاذبة التي تدور حول إعادة التدوير.
يتحدى شعار "متمردون ضد الانقراض" المتمثل بـ"قل الحقيقة" عقودا من الإيمان بالحركة البيئية التي يعاكسها التشاؤم.
ربما كانوا على حق، وأن هذا هو الوقت المناسب للصراحة. تغير المناخ يهدد النظام البيئي العالمي الذي يعتمد عليه البشر. الجدل الحقيقي الوحيد يدور حول المدة المتاحة لنا، قبل أن نصل إلى إحدى النقاط الحرجة التي يخشاها العلماء.
قال محافظا البنك المركزي في لندن وباريس في بيان مشترك قوي، إن خسائر التأمين المتعلقة بالمناخ قد تضاعفت خمسة أضعاف في 30 عاما، وأن "إعادة تخصيص رأس المال بشكل كبير" هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يمنع درجات الحرارة من الارتفاع بمقدار 2 درجة مئوية.
تجاهل شخصان جديران بالثقة أصعب من تجاهل مجموعة من الناس في الشوارع.
فقدت الحركة الخضراء سنوات من التقدم عندما أصبحت حمراء.
في الحملات الانتخابية لأمور مثل الإسكان الاجتماعي والحكومة العالمية والحد الأدنى للأجور، تشوشت رسالتها ما تسبب في نفور الكثير من جمهورها المحتمل.
كما مكنت رؤساء أمريكيين متعاقبين من الادعاء بأن تغير المناخ كان مؤامرة شيوعية. الحركة القديمة عندما شنت حملة ضد الطاقة النووية النظيفة، أحبطت قادة خضر مثل جيمس لوفلوك.
إذا تمكنت الحركة الجديدة من التركيز على الطوارئ المناخية، من غير الممانعة فيما إذا كان الرأسماليون أم الشيوعيون، هم من يجدون طرقا للاحتفاظ بالوقود الأحفوري في الأرض، والحفاظ على الغابات المطيرة وتحقيق قفزة هائلة في تخزين البطاريات، وزيادة الحصول على الكربون وتخزينه، فهي تستحق أن تصل إلى نطاقات واسعة.
للوصول إلى صافي انبعاثات الكربون بمقدار صفر، ستكون التضحيات ضخمة. إذا لم نفكر حتى فيها، فلن نتكمن من البدء. آمل أن يبدأ المشاركون في الحملة قريبا في تقديم تعهدات بشأن ما يمكنهم، ويمكننا القيام به كأفراد.
وكما قالت ثونبرج العنيدة، عند مخاطبتها للأمم المتحدة "أنت لست أصغر من أن تحدث فرقا"، خاصة إذا كنت تتحدث، كما يفعل هؤلاء المتظاهرون، بنوع من الأسف المهذب الجاد والمجدي بقدر كبير.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES