FINANCIAL TIMES

سر السير دون وعي نحو نهاية عالم الحشرات

سر السير دون وعي نحو نهاية عالم الحشرات

عندما يتعلق الأمر بتجسيد شعار "لا تهدر شيئا ولن تحتاج" فإن خنافس الروث هي التي تسود.
هناك نحو ستة آلاف نوع من هذه الأنواع التي تستمتع بالعبث بالنفايات: تلفها في كرات وتدفنها وتبيض فيها وتتغذى عليها.
تسهم هذه الحشرات اللامعة في سير الكوكب بسلاسة، ضمن أمور أخرى، في تهوية التربة والتخلص من أكوام الروث التي تحتوي على طفيليات من شأنها أن تصيب الماشية لولاها. خنافس الروث، رغم ذلك، مهددة بفقدان الموائل ومبيدات الحشرات والأنواع الغازية وتغير المناخ في المناطق الاستوائية.
أشار بحث علمي نشر أن العث والفراشات معرضة للخطر بشكل خاص.
بمعدلات الانخفاض الحالية، وفقا لمجلة "بايولوجيكال كونفيرزيشن"، يواجه نحو 40 في المائة من أنواع الحشرات الانقراض خلال العقود القليلة المقبلة.
هناك تداعيات تتجاوز الفضلات غير المعالجة: الحشرات حلقة أساسية في السلسلة الغذائية، وفقدانها سيعرض الطيور والثدييات التي تتغذى عليها للجوع.
كان يمكن أن يكون الدليل أكثر إقناعا لو تم جمعه من مجموعة واسعة من الموائل، فالدراسات الفردية الـ73 المساهمة في البحث تغطي الولايات المتحدة وأوروبا.
مع ذلك، يعزز الادعاء القائل إننا نمر في "انقراض سادس" تسببنا فيه في الغالب، مع فقدان الموائل بشكل رئيس للزراعة المكثفة.
أشار تقرير الكوكب الحي الصادر في العام الماضي من الصندوق العالمي للطبيعة، إلى حدوث انخفاض بنسبة 60 في المائة، في المتوسط، في الأنواع الفقارية بين عامي 1970 و2014.
رفاقنا ذوات الأرجل الست يفوقوننا عددا بدرجة كبيرة، وخصوبتهم لا نظير لها في مملكة الحيوانات: يمكن لملكة النمل الأبيض في شرقي إفريقيا أن تضع بيضة كل ثانيتين، وقريبا من أماكن السكن، يمكن أن تضع أنثى الذبابة 900 بيضة خلال فترة حياة تقل عن شهر.
اكتشف نحو مليون نوع من أنواع الحشرات، وقد يكون هناك ما يصل إلى 30 مليون نوع. بعض الأنواع ذات شهرة اجتماعية: احتُسب ضم سرب الجراد ما يصل إلى مليار جرادة.
بينما ينظر كثيرون إلى الحشرات على أنها مصدر إزعاج، فإن ديفيد ماكنيل، مؤلف كتاب Bugged يصفها بأنها "تحرك دورة الحياة".
الحشرات تطعم الحيوانات "والأشخاص" وتلقح المحاصيل. من دون مساهمتها سيكون الكوكب مليئا بالنفايات المتعفنة.
تشكل الحشرات جزءا لا يتجزأ من النظام البيئي الكوكبي المتشابك بدقة. ومن خلال السماح لأعدادها بالانخفاض، فإننا نشد خيطا يمكن أن يؤدي إلى تفكك النسيج البيئي للأرض.
يصف القائمون على البحث عواقب خسارة الحشرات على نطاق واسع بأنها يحتمل أن تكون "كارثية".
كما صدر تقرير قاتم على نحو مماثل من معهد أبحاث السياسة العامة، وهو مركز أبحاث. تحت عنوان "هذه أزمة: مواجهة عصر الانهيار البيئي"، يذكر ثلاث نقاط رئيسة - أن البيئة تزعزعت بسرعة من خلال، على سبيل المثال، تآكل التربة السطحية وفقدان أنواع كائنات حية، وأن السياسيين وصانعي السياسات تجاهلوا تاريخيا الاعتبارات البيئية، وأن الفقراء هم الأكثر عرضة للمعاناة من العواقب.
يحذر معهد أبحاث السياسة العامة كذلك من أن "نافذة الفرصة لتجنب النتائج الكارثية في المجتمعات حول العالم تنغلق بسرعة. هذه النتائج تشمل عدم الاستقرار الاقتصادي والهجرة غير الطوعية واسعة النطاق والصراع والمجاعة والانهيار المحتمل للأنظمة الاجتماعية والاقتصادية".
ها هي تلك الكلمة مجددا "كارثي". نتوقع أن تصبح هذه الكلمة التي تعرف "الأنثروبوسين"، هذا العصر الجيولوجي الجديد الذي نترك فيه نحن البشر بصمتنا.
قد يكون تغير المناخ أخيرا على جداول الأعمال العالمي، لكن البيئة ليست تحديا يمثل قضية واحدة، سواء كان ذوبان الجليد البحري أو الإفراط في استخدام المبيدات أو التلوث البلاستيكي. أو في الواقع، نهاية عالم الحشرات. إذا اختفت خنفساء الروث، فستكون هدية فراقها رمزية كريهة: أكوام من العفن، وفضلات بشرية مليئة بالطفيليات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES