التعويل على مستقبل المرأة «1من 2»

الفقر ليس حقيقة أو حالة واحدة، بل بالأحرى مجموعة من الحقائق والحالات تتمثل في نقص الأصول المالية، وعدم إمكانية الحصول على الممتلكات، وانعدام صوت الفرد في المجتمع. اليوم، كما كان الحال دائما، يقع التأثير الأكبر للفقر على المرأة. ففي جميع أنحاء العالم، يقل دخل المرأة عن الرجل بنسبة 63 في المائة، ومع ذلك فإنها تقضي ثلاثة أضعاف عدد الساعات التي يقضيها الرجل في العمل غير مدفوع الأجر، مثل العمل المنزلي. وتثبت عقود من البحث أيضا أن الفقر يؤثر في المرأة بصورة مختلفة عن تأثيره في الرجل ويحرم المرأة من الفرص الأساسية طوال حياتها.
وعلى العكس من ذلك، نعلم أنه عندما يكون لدى المرأة القدرة على كسب مالها الخاص وإنفاقه وادخاره والتحكم فيه، فإنها تحقق مكاسب ليس لنفسها فحسب بل لمجتمعها أيضا. وتشير تقديرات معهد ماكينزي العالمي إلى أن الدمج الكامل للمرأة في الاقتصاد سيضيف 12 تريليون دولار إلى إجمالي الناتج المحلي العالمي بحلول عام 2025. وبعبارة أخرى، إن تحقيق المساواة بين الجنسين ينهض بجميع الأمم.
ويعد الاستثمار في الشمول المالي إحدى السبل التي يمكننا مساعدة المرأة بها على إطلاق العنان لقدرتها على التحكم في مستقبلها الاقتصادي. ففي مؤسسة بيل وميلندا جيتس، نركز على دمج المرأة في العالم النامي، حيث لا تملك أربعة من كل عشر نساء حسابا ماليا من أي نوع. ونظرا لأن هناك ما يقرب من مليار امرأة لا يمكنها الحصول على الخدمات المالية الرسمية، فإننا نحتاج إلى حلول يمكن تطبيقها على نطاق واسع.
ويمكن للخدمات المالية الرقمية بما في ذلك خدمات الدفع عبر الهاتف المحمول، وبطاقات الخصم والائتمان، ومنصات التجارة الإلكترونية أن تساعد الشركات على النمو بكفاءة أكبر بكثير مقارنة بالفروع المادية، كما يمكن أن تكون رسومها أقل بنسبة 90 في المائة تقريبا مقارنة بالرسوم المرتبطة بالخدمات والمعاملات النقدية.
ففي ليبيريا، يسافر المعلمون لمدة تصل إلى عشر ساعات ذهابا ومثلها إيابا لتحصيل أجورهم نقدا وهي رحلة تتطلب غالبا التغيب عن العمل وإنفاق ما يصل إلى 15 في المائة من أجورهم على الطريق. وعندما تمت رقمنة الرواتب، وفر المعلمون 13.5 ساعة في المتوسط كل أسبوعين وانخفضت تكلفة تحصيل أجورهم بنسبة 90 في المائة. أي إنهم يستطيعون الآن قضاء أكثر من نصف يوم في الفصول المدرسية أو مع عائلاتهم.
وعندما تمتلك المرأة حسابا شخصيا للاحتفاظ بدخلها الشخصي، يمكنها أن تكتسب أيضا مزيدا من الاستقلالية في حياتها. ففي بنجلادش، تشكل النساء معظم القوى العاملة في مصانع الملابس، لكن حسب الأعراف الاجتماعية المحلية، غالبا ما يقمن بتسليم أجورهن النقدية إلى الزوج أو الوالد. ولذلك، لا يكون لديهن رأي يذكر في كيفية ادخار أو إنفاق ما يتقاضينه من أموال. ومع ذلك، أثبت بحث أجرته "رابطة أفضل من النقد" أن في مصانع الملابس، حيث تكون الأجور رقمية فإن احتمال إبلاغ العاملات عن عدم قدرتهن على ادخار الأموال لأن أحد أفراد العائلة يتحكم في رواتبهن يكون أقل بنسبة 69 في المائة.
ويعد الإدماج المالي للمرأة إحدى الوسائل القوية العديدة التي يمكنها تعزيز المساواة بين الجنسين، لكن لا يمكننا إحراز تقدم كبير إذا لم نفطن بحق إلى واقع حياة المرأة. وقد لفتت أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة انتباه العالم إلى الفجوة في البيانات الجنسانية حيث أظهرت أن من بين مؤشرات المساواة بين الجنسين الـ14، لا يوجد سوى ثلاثة مؤشرات تتوافر لها بيانات كافية لمتابعة التقدم المحرز.
ومن الواضح أننا نحتاج إلى بيانات أكثر وأفضل. في عام 2016، أعلنت مؤسستنا استثمارا قيمته 80 مليون دولار للمساعدة في سد بعض هذه الفجوات الخطيرة في البيانات الجنسانية. ومن خلال تحسين البيانات، يمكن لصناع السياسات أن يفهموا بشكل أكمل ما يصلح وما لا يصلح، وأن يتخذوا الإجراءات التي أثبتت فعاليتها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي