أخبار اقتصادية- عالمية

توقعات باستمرار تراجع أسعار المنازل في بريطانيا .. تواجه اضطرابات بسبب «بريكست»

توقعات باستمرار تراجع أسعار المنازل في بريطانيا .. تواجه اضطرابات بسبب «بريكست»

في ظل انقسام سياسي ومجتمعي حاد بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخلاف حول تفاصيل الصفقة المزمع عقدها بين الطرفين لإتمام عملية الانفصال، بدأت سوق العقارات البريطانية مضطربة وقلقة وغير مستقرة، وهو ما يثير توتر وحفيظة ملايين البريطانيين من ملاك العقارات والمستثمرين الأجانب.
فأسعار المنازل في جميع بريطانيا ترتفع بأبطأ معدل لها منذ أكثر من ست سنوات، في الوقت الذي تتعرض فيه أسعار الوحدات السكانية في لندن إلى أكبر انخفاض لها منذ عقد من الزمان.
وفي الشهر الماضي، انخفضت أسعار المنازل في المملكة المتحدة بأكثر من 3000 جنيه استرليني، وبات متوسط سعر الوحدة السكنية في المملكة المتحدة 233181 جنيها استرلينيا منخفضا عن 236800 جنيه استرليني في شباط (فبراير) الماضي.
ووفقا لمكتب الإحصاءات الوطنية، فإن متوسط أسعار المنازل في المملكة المتحدة كان قد ارتفع بنسبة 0.6 في المائة حتى شهر شباط (فبراير) الماضي، وهو أدنى معدل للنمو منذ أيلول (سبتمبر) 2012. أما في لندن فإن تدهور أسعار العقارات كان أكثر وضوحا، حيث انخفض سعر المنزل المتوسط بنسبة 3.8 في المائة، وهو أكبر انخفاض منذ الركود الكبير في منتصف عام 2009.
وبحسب التقديرات، كان من المتوقع أن تصعد أسعار المنازل في ثاني أكبر اقتصاد أوروبي بنحو 1.3 في المائة خلال شباط (فبراير) الماضي على أساس سنوي، وتعد هذه القراءة هي أقل وتيرة نمو في أسعار المنازل البريطانية منذ أيلول (سبتمبر) 2012.
إذا، ما الذي يحدث في سوق العقارات البريطانية؟ هل يواجه هذا القطاع الحيوي في الاقتصاد البريطاني وعكة مؤقتة، أم أنه أمام وضع متراجع سيتواصل لفترة زمنية طويلة نتيجة الارتباك الحادث جراء عملية الطلاق الجاري بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي؟
وهل يمكن للحكومة البريطانية ترك القطاع العقاري يواجه خسائره بمفرده أم ستعمل على التدخل لإنقاذ الوضع والحيلولة دون مزيد من التدهور؟
“الاقتصادية”، استطلعت آراء عدد من الخبراء في المجال العقاري في مسعى لرسم صورة للمشهد العام حاليا ومستقبلا، وربما يكون القاسم المشترك بين الخبراء الذين استطلعت آراؤهم، هو قناعتهم بأن أسعار المنازل ستواصل الانخفاض في جميع أنحاء بريطانيا هذا العام على الأقل، لكنهم اختلفوا حول المستقبل، وبينما تمثلت قناعة الأغلبية بأن عدم اليقين حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يترك بصمات سلبية على قطاع الإسكان، بعد سنوات من ارتفاع الأسعار فوق معدلات التضخم، فإن الاختلاف كان بينا بشأن مستقبل القطاع العقاري إذا ما تمت عملية الطلاق البائن.
وتقول لـ “الاقتصادية”، ليزي ريفير، الاستشارية في المجال العقاري، إن “متوسط الأجور في جميع أنحاء المملكة المتحدة بدأ يأخذ في الارتفاع أخيرا، ما ساعد الأسر على البدء في إصلاح أوضاعهم المالية بعد الأضرار التي لحقت بهم نتيجة الأزمة المالية، وهذا سيتطلب بعض الوقت؛ لينعكس إيجابا على سوق العقارات، ولهذا أتوقع ألا تتحسن سوق العقارات حاليا، ولكن بعد اتضاح صورة العلاقة مع الاتحاد الأوروبي في تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، فسنكون في حاجة إلى عام أو عام ونصف لردم الفجوة بين أسعار المنازل والأجور، وستنمو قدرة البريطانيين على تحمل تكلفة الرهن العقاري، وسيدعم هذا الطلب على المنازل في المستقبل المتوسط”.
ووفقا لتلك النظرة، فإن الأمر في حاجة إلى ما بين عامين ونصف وثلاثة أعوام حتى تبدأ أسعار العقارات في الارتفاع مجددا.
ويعول معظم الخبراء على أسعار عقارات العاصمة لندن لجذب سوق العقارات إلى أعلى، فتباطؤ نمو أسعار المنازل في بريطانيا انتشر من لندن إلى أجزاء أخرى من البلاد، فهبطت الأسعار في جنوب شرق إنجلترا، بينما كان هناك نمو صفري في مناطق أخرى، ومع هذا تظل العاصمة لندن أغلى مكان في بريطانيا لشراء العقارات بمتوسط قدره 460 ألف جنيه استرليني. لكن آر. إس راهول، نائب رئيس وحدة الرهن العقاري في مؤسسة “ليدز” للإقراض السكني يعتقد أن المشكلة لها أبعاد أكثر اتساعا من حصرها فقط في قضية “بريكست”.
ويضيف لـ “الاقتصادية”، أن “القضية تتعلق بالمخاوف البريطانية من أن المشترين الأجانب يستغلون سوق العقارات البريطانية كملاذ آمن لأموالهم، وهو أحد أهم العوامل وراء ارتفاع الأسعار في سنوات سابقة، فنحو 13 في المائة من المنازل الجديدة في لندن، وفقا لدراسات جامعة يورك تم شراؤها من قبل غير المقيمين بين عامي 2014 و2016، وقدرت دراسة أخرى أجرتها كينجز كوليج زيادة قدرها 1 نقطة مئوية في حجم المنازل التي يتم بيعها إلى الشركات الأجنبية، ما رفع أسعار المنازل بنحو 2.1 في المائة”.
ويعد راهول أن تلك القناعات كانت وراء رفع الضرائب على العقارات الفاخرة ما دفع كثيرا من المستثمرين الأجانب إلى إعادة النظر في جدوى استثماراتهم العقارية في بريطانيا.
ويتفق موقف الحكومة البريطانية مع تحذيرات صندوق النقد الدولي، وتأييده لاتخاذ الحكومة البريطانية إجراءات للحد من شراء المقيمين في الخارج للعقارات في بريطانيا، من منطلق أن تلك الخطوات تضمن عدم حدوث فقاعة عقارية في المملكة المتحدة، يمكن أن تؤدي على المدى الطويل إلى أزمة اقتصادية إذا ما انفجرت.
ويثير الوضع الراهن في السوق العقارية البريطانية مخاوف البعض من أن يؤدي إلى حدوث تغير في منطق التفكير التجاري لدى الشركات العقارية.
ويرى المهندس روبنسون سيمون، في شركة “آي إس جى” البريطانية، أن الانخفاض الراهن في أسعار العقارات والارتباك الناجم عن “بريكست”، يحتمل أن يدفع المطورين العقاريين إلى تبني مواقف أكثر حذرا، والتريث في عملية الإنشاء، حتى تتضح الصورة لهم، وهذا سيضعف من المعروض في الأسواق ويعمق الأزمة.
ويشير سيمون، إلى أن “هذا جزء من المشكلة لكن هناك عوامل أخرى مؤثرة على الوضع الراهن في أسواق العقارات، فالمشترون لأول مرة يحتاجون إلى عشر سنوات مقابل توفير الدفعة الأولى لشراء المنزل، وعلى الرغم من التزام الحكومة برصد مبلغ ثلاثة مليارات جنيه استرليني لتوفير 30 ألف منزل جديد بأسعار معقولة، إلا أن بريطانيا في حاجة إلى مزيد من الإجراءات لإحداث تغيير حقيقي في معادلة العرض والطلب”.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية