FINANCIAL TIMES

تقاطع التكنولوجيا والبيولوجيا يوحد تخوم علم أحياء الغد

تقاطع التكنولوجيا والبيولوجيا يوحد تخوم علم أحياء الغد

سيرج ساكسونوف يلعب دور مدرس علوم حيث يرسم خلايا على لوح أبيض لصف دراسي مشوش مكون من شخص واحد: أنا.
مع حركة قلم، يرسم دائرة كبيرة لتمثيل قطرة صغيرة، مع خلية داخلها. ثم، نقطة لتمثيل حبة هُلام تُميّز كل خلية كفرد.
الرئيس التنفيذي البالغ من العمر 42 عاماً لشركة تن إكس جنوميكس 10x Genomics يشرح سبب تحمّس العلماء الشديد للتكنولوجيا الجديدة في شركته الناشئة في علم الوراثة: يُمكنهم الآن دراسة كيف تعمل الجينات في كل خلية.
تحليل الخلية الواحدة يبدو بسيطاً، لكنه بداية ثورة، وذلك وفقاً لمجلة العلوم، التي حددت القدرة على تحليل كل خلية بأنه إنجاز عام 2018. ما تفعله تكنولوجيا شركة 10x هو تمكين فهم أعمق للوحدات الأساسية للحياة هذه، من خلال إجراء التسلسل للحمض النووي الريبي، أو RNA، الذي يترجم الحمض النووي إلى بروتينات.
قد يكون هناك أكثر من 20 ألف جين في الجسم، إلا أن بضعة آلاف منها فحسب، يتم التعبير عنها في كل خلية.
يقول ساكسونوف: "حتى وصولنا، كان الناس يقيسون الحمض النووي الريبي عن طريق أخذ الأنسجة وخلط محتويات جميع الخلايا معاً، للحصول على متوسط. من المفترض أن تكون الخلايا مختلفة – هذا هو الهدف من الأمر".
نشر العلماء أكثر من 350 بحثا يحدد تفاصيل الاكتشافات الجديدة التي حققوها باستخدام منتجات شركة 10x.
على نحو بارز، اكتشف العلماء في معهد برود التابع لـ"ماساتشوستس للتكنولوجيا" وجامعة هارفارد، نوعاً جديداً ونادراً من الخلايا في الرئتين الصيف الماضي، الذي تبيّن أنه مسؤول عن التليّف الكيسي، ويبحثون الآن عن أدوية جديدة لاستهدافها.
يقول ساكسونوف، "هذا يُظهر أن البيولوجيا الأساسية يُمكن أن تكون لها تطبيقات سريعة للعلاج".
لقد شارك في تأسيس شركة 10x في عام 2012 في منطقة الخليج (بالقرب من سان فرانسيسكو) في كاليفورنيا، بهدف أن تكون عند نقطة التقاطع بين البيولوجيا والتكنولوجيا.
وكان التحدي الذي يواجهه هو جعل تخصصات مختلفة إلى حد كبير – مهندسو الأجهزة والبرامج، علماء الكيمياء والكيمياء البيولوجية – تعمل معاً.
يعتقد ساكسونوف أننا ندخل حقبة جديدة من الاستكشاف في علم الأحياء -شارك في تأسيس شركة 10x لتوفير "التكنولوجيا اللازمة" للعلماء الذين يقودون الطريق.
ويضيف: صحيح أنه تم إجراء التسلسل لأول جينوم بشري قبل نحو 20 عاماً، لكنه "الخطوة الأولى" في فهم علم الأحياء: "إذا فهمت فعلاً التعقيد الهائل، ستدرك أننا نفهم في الواقع القليل جداً عن علم الأحياء".
لتغيير الرعاية الصحية وبناء تشخيصات وأدوية جديدة، يقول إن عليك الرجوع إلى المبادئ الأولية.
بالنسبة لشركة 10x، كان تطوير المنتج الأول سهلا، كفريق يمكن وضعه في غرفة مؤتمرات يتعاون بشكل جيد. مع زيادة عددهم، اضطر ساكسونوف إلى تحويل الشركة إلى شبكة من مجموعات صغيرة لمواكبة وتيرة الابتكار.
شارك في تأسيس شركة 10x عالِم مختص في المعلومات الحيوية وعالم كيمياء ومهندس ميكانيكي.
ساكسونوف، الحاصل على درجة الدكتوراه في المعلومات الحيوية – باستخدام البرمجيات لفهم البيانات البيولوجية – تعاون مع بن هيندسون وكيفين نيس، وهما زميلان في عمله السابق، شركة كوانتالايف للتكنولوجيا الحيوية.
هذا المزيج غير العادي من المؤسسين من مختلف التخصصات ساعد الشركة على إنشاء أول منتجاتها بسرعة، وفحص هيكلة الجينوم بأكملها، بدلا من مجرد إجراء التسلسل له في أجزاء. وهكذا دخل السوق في عام 2015.
اضطر مهندسو الأجهزة إلى العمل مع الصيادلة لإنشاء آلة من شأنها تشغيل كثير من ردود الفعل في أحجام صغيرة بشكل متواز.
إذا لم يتمكنوا من حل أي مشكلة لأنها تواجه الحدود الصارمة للفيزياء والكيمياء، يستشيرون علماء الأحياء الحسابي، الذين بإمكانهم أن يقولوا لهم ما إذا كانوا قادرين على تعويضها باستخدام الخوارزميات.
قد لا يجد علماء الكيمياء الحيوية الإنزيم الصحيح – لكن بعد ذلك يقول ساكسونوف إن علماء الكيمياء قد يتدخلون من خلال "مجموعة حيل".
"جزء كبير من تعلّمي من العمل مع أشخاص مثلهم، هو أنهم يتوصلون إلى أفكار سحرية تعرف نفسك أنه لا يُمكنك توفيرها، وتُساعد المنتج النهائي" على حد قوله.
بعد عام من إطلاق المنتج الأول، بدأ السحر يختفي.
يقول ساكسونوف، "نجحنا بالتوسع في هذا النوع غير القابل للتوسع، وقطعنا أشواطا واسعة للغاية، كما أعتقد، بسبب الأشخاص الموهوبين الذين يعملون لدينا. هذا أعطاني الدرس الخاطئ، أنه كان يعمل بشكل جيد".
لم يكُن يعمل بشكل جيد للجميع – حيث بدأ بعض الموظفين الموهوبين بالمغادرة. يقول: "نجاح الشركة إلى حد كبير هو دور الأشخاص الذين يعملون لدينا. بمجرد أن يبدأ أشخاص رائعون بمغادرة الشركة، هذا يعني أن هناك خطأ ما" حسبما أضاف.
يقول ساكسونوف إن الموظفين الذين غادروا لم يكُن بإمكانهم دائماً معرفة المشكلة: "في النهاية، تُدرك أنك يجب أن تكون الشخص الذي يعرفها. جزئياً، هذا يعتبر تحديا جوهريا للتوسع".
بدلاً من ذلك، لجأ إلى رئيس مجلس الإدارة التنفيذي في شركة 10x للحصول على المشورة. جون ستولبناجل أسس شركة إلومينا لتسلسل الجينوم المهيمنة، التي يقول ساكسونوف إنها معروفة لـ"براعتها في تطوير المنتجات".
لذلك، تبنت شركة 10x استراتيجية فِرق العمل الصغيرة، غالباً مع ممثل من كل تخصص. بإمكان علماء الكيمياء طلب المشورة من مجموعة من علماء الكيمياء الآخرين، أو بإمكان مهندسي البرمجيات استشارة نظرائهم، لكن الفريق الأساسي يُركّز على العمل معاً.
اختار ساكسونوف تكليف الموظفين المبتدئين بمسؤولية فِرق العمل. بدون عقود من الزمن في الصوامع، غالباً ما يكونون أكثر انفتاحاً على إيجاد حلول جديدة.
ويقول: "يوجد قدر كبير جداً من المواهب المتحمسة ولديها كثير من الطاقة. في أغلب الأحيان، يُفاجئونك بما يُمكنهم إنجازه".
بعد عامين من التحوّل، شحنت شركة 10x منتجات مختلفة في عام 2018. وتضاعفت الإيرادات في عام 2018 إلى 146 مليون دولار على أساس سنوي.
كما ارتفعت قيمة الشركة لتصل إلى نحو 1.3 مليار دولار. وجمعت 35 مليون دولار في كانون الثاني (يناير) الماضي، في جولة بقيادة شركة ميريتيك كابتيال، بمشاركة من صندوق فيديليتي و"ويلز فارجو".
ساكسونوف، الذي عاد للتو من اجتماع مع زبائنه العلماء في أوروبا، يشعر بالحماس لما يُمكنهم بناؤه "عند تخوم علم الأحياء".
ويقول: "الأمر الرائع هو أنك حين تحقق الفوز في بعض المجالات، سيكون لديك سفراء داخليون يرون قيمة هذه الفرق ذات التخصصات المتعددة. وسيرون أيضا أن من الممتع تماما أن تكون عاملا في هذه الأنواع من البيئات".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES