الأسماء المستعارة .. الحيل المكشوفة

لماذا يلجأ البعض لاستخدام الاسماء المستعارة؟ سؤال طالما حيرني، وتمنيت الوصول إلى إجابة شافية تشبع فضولي في معرفة الأسباب الحقيقية، وبالرجوع إلى ما قبل 30 و40 عاما نجد الظاهرة مرتبطة بشكل أساسي بالفنانين، إذ إن الثقافة ترفض، وبشكل حاسم الغناء، لذا يلجأ كثير منهم إلى انتحال اسم مستعار مثل فتى نجد، وفتى الجزيرة، وذلك في محاولة لإخفاء الهوية، والاسم الحقيقي؛ تجنبا للنقد، سواء لهم، كأفراد، أو لعائلاتهم الذين يسوؤهم ظهور اسم العائلة مصاحبا للمغني، وما من شك في منطقية مثل هذا السبب لاستخدام الاسم المستعار، أو التحريف فيه مثل حمدي، بدلا من محمد، وغيرها من الأسماء المستعارة التي كانت تعج بها الساحة في تلك الفترة.
في الكتابة الصحافية تم استخدام الأسماء المستعارة من قبل الرجال، والنساء، إلا أن النساء أكثر استخداما له؛ لأن الثقافة الاجتماعية في ذلك الوقت تعيب على المرأة استخدام اسمها على الملأ، ومما يحير المرء في هذا الموضوع أن الشرع لا يعطي أي مبرر لهذا الفعل، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- ، كان يخاطب النساء بأسمائهن يا فاطمة، يا عائشة لكن كيف وجدت هذه الثقافة التي تمنع ذكر اسم المرأة على الملأ؟ وما مصدرها طالما لا أساس شرعيا لها؟ وأين علماء الشريعة المستنيرون عن هذا في حينه؛ لتبصير الناس بخطأ الممارسة؟
لقد زال هذا الشيء، ولم يعد سببا لاستخدام الاسم المستعار في الكتابة، إلا أن الممارسة لا تزال قائمة، خاصة في وسائط التواصل الاجتماعي، إذا ما السبب، أو الأسباب؟ والغريب في الأمر أن بعض الكتاب من الرجال كان يتقمص شخصيات نسائية مثل بنت الوادي، وبنت الديرة، وهكذا، ولعل السبب في ذلك يعود إلى إمكانية قبول المقال، وتسهيل إجراءات نشره، نظرا لندرة الكاتبات في ذلك الوقت.
فيما يخص الكتابة الصحافية، سواء الورقية، أو الإلكترونية من الأسباب المحتملة عدم الثقة في النفس، والخوف من النقد من قبل المختصين إن كان الموضوع ذا طبيعة متخصصة، فالشاعر المبتدئ من الصعب عليه أن يتحمل النقد الحاد من النقاد، أو شعراء آخرين كبار قد يجدون فيه منافسا قويا لذا يقسون عليه، وكذلك الكاتب الأدبي، خاصة إذا كان حديث عهد بالكتابة، ولم يكتسب مهاراتها، ما يجعله فريسة سهلة لأدباء ذوي باع طويل في المجال لذا يمثل الاسم المستعار جدارا يحتمي به حين لا يعلم من هو الكاتب، فالهجوم يتم على مجهول. كما أن الخوف من العين قد يكون أحد الأسباب وراء إخفاء الاسم الحقيقي.
في الكتابة السياسية يوجد هذا السلوك، خاصة أن الكتابة السياسية حساسة وحتى يتم تجنب الآثار المترتبة على ارتداءات ما يحدثه المقال يلجأ كتاب المقالات السياسية إلى التهرب من ذكر الاسم الصريح تفاديا للمساءلة.
من متابعة فاحصة لبعض مستخدمي وسائط التواصل الاجتماعي، خاصة "تويتر"، و"سناب شات" فإن سيئي الأدب مع الآخرين هم أكثر من يلجأ الى الاسم المستعار؛ إخفاء لهويتهم؛ وتجنبا للمساءلة القانونية، ومحاولة للتستر على سوء أخلاقهم، وتربيتهم، لكن مع التقنيات الحديثة لم يعد بالإمكان الهروب من المسؤولية القانونية لمن يتجنى على الآخرين، ويسيء الأدب معهم. ومن الممارسات السيئة: احتماء سيئي الأدب ذوي الأقلام السيئة الذين لا يتورعون عن السب، والشتم، والقذف، واستخدام الألفاظ السوقية باسم مستعار، مع وضع صورة أحد المسؤولين في حسابه ما يمثل إساءة بليغة لصاحب الصورة التي تم توظيفها؛ بسوء تصرف لإشعار القراء أن له سندا يحميه، وهذا حدث معي حين سبني أحد الحسابات حيث وضع صورة مسؤول سابق كان حينها على رأس السلطة في قطاعه.
السؤال كيف يسمح أصحاب الصور، وهم من ذوي المسؤولية العامة لذوي الحسابات الوهمية بوضع صورهم مع سوء أخلاقهم، وقلة أدبهم، وافترائهم على الآخرين، وابتلائهم بما ليس فيهم؟ ذلك أن سكوتهم على سوء أخلاقهم يشجعهم على الاستمرار في التطاول، وسوء الأدب، وتلويث ساحات التواصل الاجتماعي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي