FINANCIAL TIMES

قبل انهيار السوق .. انتشاء أباطرة برمجيات السحابة

قبل انهيار السوق .. انتشاء أباطرة برمجيات السحابة

قبل انهيار السوق .. انتشاء أباطرة برمجيات السحابة

في دورة انخفاض معدل النمو العالمي، سادت أسهم الشركات التي لا سقف زجاجي لها. خذ على سبيل المثال الشركات المفضلة لدى "ألفافيل" وهي "تسلا" و"نتفلكس" و "ويفير" - شركات رائدة تتاجر في منتجات متعددة، الأمر الذي يشير إلى أن المستقبل البعيد هو كل شيء، عدا أن يكون أمرا مؤكدا.
هناك قطاع كامل من السوق الأمريكية وهي شركات البرمجيات السحابية، أو مثلما نطلق عليها "ملوك السحب".
في العقد الماضي، حظيت بأداء جيد للغاية. يظهر ذلك على الرسم البياني الصادر عن صندوق المؤشرات المتداولة فيرست إكتشينجز كلاود كومبيوتينج First Exchange's Cloud Computing لتبادل الأسهم، أي مؤشر إس كيه واي واي SKYY بالطبع، منذ إطلاقه منتصف عام 2011: عائد 179 في المائة مقارنة بـ109 في المائة لمؤشر ستاندرد آند بورز 500.
مستثمرو التجزئة ليسوا وحدهم المتحمسين إزاء العقود الآجلة غير المحدودة لملوك القطاع السحابي. توصلت مذكرة بحثية حديثة من "مورجان ستانلي"، إلى أن تعرض صافي صناديق التحوط لشركات البرمجيات، يلامس مستويات مرتفعة قياسية.
لماذا الوفرة؟
تحديد مساحة البرمجيات السحابية يعد أمرا صعبا. ثمة شركات قائمة تقدر رساميلها في السوق، مثل "مايكروسوفت" المقدرة بـ856 مليار دولار، وشركة أدوبي المقدرة بـ128 مليار دولار، حولا بسلاسة مجموعاتهما الناجحة من منتجات برمجية للشركات إلى السحابة.
وكذلك هناك ثمة شركات طموحة ذات رساميل قليلة مثل شركة يكست المقدرة بـ2.1 مليار دولار - وهي منصة معرفة رقمية - وشركة دومو المقدرة بـ1.1 مليار دولار - التي تقدم أدوات تحليل الأعمال للشركات.
كما أن أنواع المنتجات تختلف أيضا. هناك علامات تجارية تعتمد على اشتراكات فيها مواجهة للمستهلكين الأفراد مثل شركة سبوتيفاي، وشركات خاصة بالمؤسسات فحسب، مثل شركة سيلزفورس. وبعضها، مثل شركة دروب-بوكس، التي تلبي احتياجات الاثنين معا.
في الواقع، بلغ متوسط نمو الإيرادات لكل شركة من الشركات الـ50 خلال السنة المالية الماضية 35.2 في المائة.
في السنة المالية الماضية، حصد مؤشر ستاندرد آند بورز 500 نحو 9.1 في المائة، فحسب.
في الأوقات العادية، تتمتع الشركات ذات النمو المرتفع بتقييمات عالية، على أنه حتى بالنسبة إلى دورة تمتد لعمر طويل، فإن المضاعفات المعروضة للمستثمرين، تعد مذهلة.
حتى أقل المضاعفات المعروضة، مبيعات تبلغ 3.4 ضعف بقيمة أربعة مليارات دولار لشركة لوج ميلن - مزود التحكم عن بعد - هي بدورها أكثر من معدل مبيعات ستاندرد آند بورز 500 التي تبلغ 2.4 ضعف.
في نهاية أكثر جنونا، نجد أن شركة زيسكيلر المقدرة بـ8.2 مليار دولار، وهي شركة أمنية قائمة على البرمجيات السحابية، قد دخلت أسهمها منطقة الشفق البالغة 41 ضعفا للمبيعات. لوضع هذا في الحسبان، على افتراض أن " زيسكيلر" تحقق هوامش بنسبة 100 في المائة، ودون نمو، يجب عليك الانتظار 41 عاما لاسترداد استثمارك الأولي.
مع ذلك، عند النظر إلى الهوامش الإجمالية - الأموال المتبقية لعمليات الخدمة بعد خصم تكاليف تسليم المنتج - لهذه الشركات، فإن توقعات الأرباح المستقبلية الضخمة، لا تبدو بعيدة المنال.
خلال السنة الماضية، بلغ الأداء الموحد الأثيري متوسطا هامشيا إجماليا يقدر بنحو70.5 في المائة.
يعود ذلك إلى هيكل التكلفة في هذه الشركات. ومثلما لاحظ بن طومسون من موقع ستراتشيري، فإن لشركات الإنترنت -مثل "جوجل" و"فيسبوك" تكاليف ثابتة مرتفعة، وتكاليف هامشية صفرية.
هذا يعني أنه بمجرد أن تتطور البنية التحتية الأساسية للأعمال التجارية، يجب أن تتدفق الأرباح الإجمالية مباشرة إلى الحد الأدنى.
بافتراض بقاء التكاليف الثابتة نسبيا، على حالها، بالطبع. من المتوقع ارتفاع هوامش الربح الإجمالية، إلا أن هناك ثمة مشكلة سائدة بين الشركات السحابية الـ50 تكمن في الحفاظ على التكاليف الثابتة الضرورية، أو أن تبقى ثابتة، إلى حد ما.
ضمن مجموعتنا، تحقق هامش ربح إيجابي العام الماضي أقل من النصف، قبل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين. في الواقع، كان المتوسط - 6.5 في المائة، شركة دومو المذكورة سابقا كانت هي الأسوأ، إذ سجلت إيرادات قبل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين بنسبة - 94.9 في المائة.
لا يبدو أن المستثمرين قلقين، فقد ارتفع سعر السهم بنسبة 107.5 في المائة، منذ الاكتتاب العام الأولي البالغ 311 مليون دولار، في الصيف الماضي.
بطبيعة الحال، فإن عديدا من هذه الشركات الخاسرة في بداياتها نسبيا. من بين 29 شركة ذات هوامش سالبة، هناك خمس منها فحسب، لديها قيمة مؤسسية تزيد على عشرة مليارات دولار، تشمل شركة تويلو بقيمة 16 مليار دولار، بهامش نسبته 14.1- في المائة، وشركة وركداي بقيمة 42 مليار دولار، التي حولت إيراداتها البالغة 2.8 مليار دولار العام الماضي إلى - 240 مليون دولار من الإيرادات قبل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين. هذا وضع مذهل.
على أننا في "ألفافيل"، نسمع صراخ مستثمري البرمجيات: "أنتم تتجاهلون أن هذه الشركات مدرة لأموال ذات تدفق نقدي حر". حسنا، ربما سنقدم لكم ذلك. هناك رسم بياني للشركات السحابية ذات هوامش تدفق نقدي حر في العام الماضي، (يعرف بأنه التدفق النقدي التشغيلي، مطروحا منه النفقات الرأسمالية مقسوما على الإيرادات) يجيب بالنيابة عنا.
إذن من بين 50 شركة، هناك 13 شركة سجلت تدفقا نقديا حرا سلبيا. حتى الآن، نسير بشكل جيد جدا. مع ذلك، هناك عامل رئيس يسهم في هذا التوليد النقدي: التعويض القائم على الأسهم. الشركات ذات النمو المرتفع تحب أن تدفع لموظفيها باستخدام الأسهم وخيارات الأسهم. ليس لأن ذلك يربط مصالح الموظفين بحملة الأسهم، بل أيضا لأنه يعني عدم الدفع للموظفين بأموال ثمينة.
بين ملوك البرمجيات السحابية، بلغ الأمر مستويات قصوى. وفي بعض الحالات، يشوه مقياس التدفق النقدي الحر الوضع، بما يفوق كل تقدير.
شركة كلاود إرا المقدرة بـ2.4 مليار دولار، مثلا، وهي منصة برمجية لهندسة البيانات. مثلت تعويضات الأسهم فيها 485 في المائة من التدفق النقدي الحر، خلال 2018. فلو دفعت للموظفين بالدولار، لكان التدفق النقدي الحر قد انخفض من 24 مليون دولار إلى -93 مليون دولار. وهي ليست وحدها.
من بين الشركات الـ50، هناك 13 شركة كانت تتمتع بتدفق نقدي حر موجب، وذلك بفضل تعويض الأسهم فقط. بالنسبة إلى 11 شركة أخرى، فإن توزيع القطع الورقية على الموظفين يمثل 50 في المائة من المقياس.
هناك رسم بياني آخر أطلقنا عليه التدفق النقدي الحر المعدل، وهو ببساطة التدفق النقدي الحر، مطروحا منه تعويض الأسهم: بكل وضوح، لا يبدو أن المستثمرين يهتمون بهذا الأمر كثيرا. تجدر الإشارة إلى أن تعويض الأسهم ينطوي على تكلفة حقيقية للمساهمين، لأنه يخفف من مطالباتهم المستقبلية بشأن التدفق النقدي للشركة.
بعض الشركات مثل "مايكروسوفت"، تستخدم عمليات إعادة شراء الأسهم لتعويض التخفيف. على العكس من تعويض الأسهم، فإن عمليات إعادة شراء الأسهم تمر من خلال النقد حسب بيان التمويل، لذلك لا يوجد توازن في رقم التدفق النقدي الحر. هناك اقتراح متواضع من "ألفافيل": ينبغي تقسيم عمليات إعادة الشراء في بيان التدفق النقدي، لتعكس الغرض منها، على أن تلك مسألة أخرى.
مع ذلك، فإن هذه الممارسة تشكل أيضا خطرا وجوديا على الشركة عند ظهور هبوط السوق. العمال، الذين يشعرون بالقلق من انخفاض الأسهم، ربما لا يكونوا على استعداد لقبول بعض من الورق بدلا من النقد- ما يؤدي إلى تفاقم مشكلات التدفق النقدي خلال فترة الانكماش.
لا يزال مهندسو البرمجيات سعداء بقبول أموال مضحكة، وملوك السحابة مستعدون للالتزام. في الواقع، نمت قيمة الدولار لدى 32 شركة من المجموعة لتعويض الأسهم بشكل أسرع من الإيرادات، في السنة المالية الماضية.
ضمن ساحة البرمجيات السحابية، هناك شركات ممتازة بوضوح. شركة أدوبي، مثلا، أعلنت عن هوامش تدفق نقدي حر بنسبة 41.7 في المائة، بينما زادت الإيرادات بنسبة 23.7 في المائة، خلال 2018.
وبالمثل، فإن شركة في إم وير التابعة لشركة ديل، التي تقل قيمتها عن 77 مليار دولار، حققت إيرادات قبل خصم الفائدة والضرائب والإهلاك وإطفاء الدين بنحو 30.9 في المائة، ونمو في التدفق النقدي الحر بنسبة 15.9 في المائة.
لذلك عندما ينجح هذا النموذج حقا، فإنه ينجح حتما. والسؤال المطروح هو: بالنظر إلى التقييمات في أفق دائم التراجع، هل سينجح ذلك بالنسبة إلى المستثمرين؟
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES