الصحة

أمريكيون يضحون بممتلكاتهم من أجل جرعة الأنسولين باهظة الثمن

أمريكيون يضحون بممتلكاتهم من أجل جرعة الأنسولين باهظة الثمن

ضحت الأمريكية لورا مارستون بالكثير لتبقى على قيد الحياة، إذ تشمل قائمة التضحيات سيارتها، وأثاث منزلها، وشقتها، ومعاش تقاعدها، وكلبها.
الشابة، ذات الستة وثلاثين ربيعا، باعت كل ممتلكاتها مرتين لتتحمل نفقات جرعات الأنسولين اليومية التي يحتاجها جسمها.بحسب "بي بي سي"
ويختلف الأنسولين عن العقاقير العادية. وهو بالأساس هورمون يفرزه الجسم للتحكم في مستويات السكر في الدم، فزيادة مستويات السكر قد تتسبب في فقد البصر، وتراجع التركيز، والغثيان، فشل وظائف الجسم في مراحل متقدمة. أما انخفاضه فقد يؤدي إلى اضطراب وظائف القلب، وتقلب المزاج، والإغماء.
وبشكل عام، تنتج أجسامها كميات الأنسولين التي تحتاج إليها. لكن مرضى النوع الأول من السكري، مثل مارستون، يتلقون جرعات الأنسولين في حقن، ويشترونها من الصيدلية... إذا استطاعوا تحمل تكلفتها.
وتدفع مارستون 275 دولارا مقابل جرعة الأنسولين الواحدة، في غياب تأمين صحي.

والمفارقة أنه في عام 1923، عندما ظهر الأنسولين لأول مرة، كانت تكلفة الجرعة دولار واحد فقط، بدافع الإبقاء على هذا العلاج الأساسي في متناول يد الجميع.
والآن، يبلغ متوسط سعر جرعة الأنسولين الواحدة 300 دولار، وتسيطر على السوق ثلاثة علامات تجارية كبرى.
أي أن سعر الجرعة زاد بما يزيد على ألف في المئة، وذلك مع وضع مستويات التضخم في الحسبان.
وتتصدر قصص الأمريكيين اللاهثين وراء توفير ثمن الأنسولين، وأحيانا يموتون في سبيله، عناوين الصحف في أنحاء البلاد.
وربما أشهرها على الإطلاق كانت قصة أليك سميث، 26 عاما، الذي توفي عام 2017 بعد أقل من شهر من إسقاطه من التأمين الصحي الخاص بوالدته. ورغم عمله بدوام كامل، وتخطي راتبه للحد الأدنى للأجور، إلا أنه لم يقدر على شراء نظام تأمين صحي مستقل، أو توفير ألف دولار شهريا لشراء جرعات الأنسولين.

كحال الكثير من مرضى السكري، مرت مارستون بفترات غابت فيها تغطية التأمين الصحي بدون حول منها ولا قوة.
فمثلا، منذ عدة سنوات، أُغلق مكتب المحاماة الذي كانت تعمل به فجأة، وأصبحت بلا عمل وبلا تأمين صحي. "وكنت أنفق 2880 دولار شهريا للبقاء على قيد الحياة، وهو مبلغ يفوق راتبي الشهري من وظيفة تتطلب 50 ساعة عمل أسبوعيا."
واضطرت مارستون لترك منزلها، والانتقال إلى واشنطن العاصمة للحصول على وظيفة تأمن لها ثمن جرعات الأنسولين. "وبعت كل شيء، حتى سيارتي، واضطررت للتخلي عن كلبي لأقدر على الانتقال".
وتتعدد أسباب خروج الأفراد من أنظمة التأمين الصحي، مثل عدم أهليتهم لنظام تأمين يتحمل صاحب العمل تكلفته، أو فقدان الوظيفة فجأة، أو عدم تحملهم تكلفة خطة تأمين مستقلة.
وتتندر مارستون بصدمتها عندما علمت بسعر جرعة الأنسولين لأول مرة عند إصابتها بالمرض عام 1996، الذي بلغ 25 دولار، وكانت في الرابعة عشر آنذاك.
وما زالت تستخدم نفس نوع الأنسولين، حتى أن شكل العبوة لم يتغير "لكن السعر ارتفع من 21 دولار إلى 275 دولار للجرعة الواحدة."
يشير أغلب المرضى إلى جشع شركات الأدوية، التي تشير بدورها إلى مشاكل في التعامل مع اللوائح الحكومية ومقدمي خدمات التأمين الصحي.
لكن ثمة لغز معقد لمعرفة من يدفع ثمن الأنسولين في الولايات المتحدة، وبأي قدر.

وتضيف شركات التأمين مفاوضين كطرف ثالث، يُطلق عليهم مديرو امتيازات الصيدلة، للحصول على خصومات من مصنعي الدواء، وهو ما يؤدي إلى إضافة مدفوعات مشتركة يتحملها متلقي الخدمة. ويقول الخبراء إن جزء من المشكلة يرجع لغياب الشفافية حول طريقة الوصول لسعر التفاوض، والسعر الذي يدفعه المريض بالفعل.
كما يعني هذا النظام أن مقدمي خدمات التأمين يحصلون على أسعار مختلفة من كل شركة أدوية، فمثلا قد ينتهي الأمر بأن تكون إحدى العلامات التجارية من الأنسولين خاضعة لمدفوعات مشتركة لدى إحدى شركات التأمين، في حين تكون بسعرها الأصلي كاملا لدى شركة أخرى.
وتتبعت مارستون السعر الأصلي للأنسولين على مدار سنوات. ووفقا لحساباتها، فإنها بحاجة لحوالي سبعة ملايين دولار لشراء كميات من الأنسولين تكفيها حتى سن السبعين، حال تحملها التكلفة كاملة. "وقد وصلت إلى مرحلة اتخاذ قرار بعدم إنجاب أطفال لأنني لا أشعر بالاستقرار المادي بشكلٍ كافٍ."
لكن مصنعي الدواء يقولون إن عدد قليل جدا من الناس يُضطر لدفع ثمن الأنسولين كاملا.

قالت رابطة السكري الأمريكية إن تغيير الأنواع لأسباب غير طبية أكثر من مجرد أمر مؤرق، بل أمر خطير يتطلب المتابعة المستمرة للمريض، واستشارة الطبيب.
وقد يكون للأمر مضاعفات خطرة ومستديمة، مثل فقد البصر، وأمراض الكلى التي قد تصيب مريض السكري عند تباين مستويات السكر في الدم، ارتفاعا وانخفاضا، بشكل حاد.
وفي الولايات المتحدة، يرتبط التأمين الصحي بالتوظيف بشكل أساسي، كما أن الخيارات محدودة. ويقدم مرضى النوع الأول من السكري تضحيات كثيرة لتحمل نفقات الأنسولين، من بينها البقاء في وظائف تحت ضغط عصبي، أو تغيير نوع الأنسولين استجابة لمقدم خدمة التأمين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من الصحة