ولادة «التجميل» في الحرب العالمية الأولى

الحرب الكبرى أو الحرب العالمية الأولى لم تكن في مجملها سيئة رغم ما خلفته من قتلى وجرحى وخسائر مادية فادحة. فعدد الضحايا الذين قضت عليهم الإنفلونزا في العام نفسه الذي انتهت فيه الحرب أي عام 1918 أكبر بكثير من وفيات الحرب نفسها، حيث توفي نحو 40 إلى 50 مليون شخص حول العالم جراء الإنفلونزا التي انتشرت بعد انتهاء الحرب، التي لم تكن الحرب سببا فيها حسب رأي العلماء. أما ضحايا الحرب فقد بلغوا نحو 15 إلى 20 مليون شخص.
ولعل من المفرح المحزن أن الحرب العالمية الأولى كانت سببا في نشأة عمليات التجميل بسبب التشوهات التي أصابت المحاربين، ما دعا جراح الجيش البريطاني هارولد جيليز لتخفيف معاناتهم وإعطاء الجنود ذوي الوجوه المشوهة مظهرا أقل بشاعة. كان مشفى (جيليز) الميداني خاليا من أي تجهيزات حديثة، فلم يملك حتى المرايا، ما صعب عمليات تجميل وترميم الوجوه التي لم تكن مسبوقة من قبل ودفع بالجنود للمغامرة بحياتهم رغم صعوبة العمليات وقلة الإمكانات. ونتيجة لغياب الرجال في ساحات المعارك في شتى البقاع وبقاء النساء في بلادهن وقيامهن بأدوار الرجال من العمل في المصانع إلى تنظيم مباريات بين الفرق النسائية الناشئة، ما تسبب في ازدهار كرة القدم في إنجلترا، لكن فرحتهن لم تكتمل فعند انتهاء الحرب عادت النساء لمزاولة الأنشطة المخصصة لهن ومنعتهن رسميا من لعب كرة القدم في عام 1921.
وبسبب الحرب كان العداء على ألمانيا ظاهرا لدرجة أنه تم تغيير أسماء الحيوانات والمنتجات الألمانية إلى أسماء أخرى تدل على الحرية والانعتاق من الحرب ومنها أسماء الكلاب الألمانية الأصيلة - أجلكم الله - فكلب (دوشخوناد) أصبح اسمه في أمريكا كلب الحرية، أما في بريطانيا فقد تم تغيير اسم كلب الراعي الألماني إلى كلب ألزاسيان نسبة إلى منطقك ألزاس على الحدود الفرنسية الألمانية، حتى الملفوف تم تغيير اسمه إلى ملفوف الحرية ونقانق الحرية!
واكتشف فيها أيضا شفرة حيرة الألمان الذين كانوا يتنصتون على محادثات الجنود الأمريكان ويعرفون أسرار الحرب، فقد كان نقيب في الجيش يستمع بالصدفة إلى حوار كان يدور بين اثنين من جنود قبيلة تشوكتو، التي يتحدث بها نسبة قليلة من البشر وولد من تلك اللحظة الحديث بالشفرات، التي طورت وأصبحت شفرات داخل هذه الشفرة أسهمت في تسهيل عملية المراسلات بين الجنود، وخداع الألمان! لقد أنقذت لغة الهنود الحمر السكان الأصليين لأمريكا ممن أراد القضاء عليهم وعلى لغتهم ونالوا أعلى تكريم من الدولة لكن متأخر جدا!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي