FINANCIAL TIMES

من المصلحة تغيير أساليب فرض الضرائب على الشركات

من المصلحة تغيير أساليب فرض الضرائب على الشركات

كيف نفرض الضرائب على الشركات في عالم من الرساميل المحمولة في ظل العولمة؟ وكيف ينبغي تشجيع استثمار الشركات وإحباط الهندسة المالية؟ ثم كيف نعمل على خفض الضرائب على العمالة؟ ونفرض ضرائب على الأرباح بدلا من فرضها على النشاط الإنتاجي؟ هل تنجح كل تلك الكيفيات في إحباط التهرب الضريبي المعقد؟
أخيرا ينبغي علينا خفض الحوافز لتفادي سباق عالمي نحو القاع، يتعلق بفرض الضرائب على الشركات.
هناك ثلاثة أسئلة مهمة للغاية في مجال السياسة الاقتصادية، وهي مهمة ليس من حيث قدرة الحكومات على زيادة الإيرادات فحسب، بل مهمة أيضا من أجل الشرعية السياسية للرأسمالية.
للأسف، هناك بعض من الإجابات الجيدة عن هذه الأسئلة كانت قيد المناقشة في النقاش الأمريكي الأخير، بشأن إصلاح فرض الضرائب على الشركات، لكنها دفنت في النهاية. كان للإصلاح مبدآن: أن تقع الضريبة على التدفقات النقدية، أو أن يتم فرضها على وجهة صفقات الشركات، وليس مصدرها.
اقترح بعض الخبراء نظاما يعرف باسم "ضريبة التدفق النقدي القائمة على الوجهة"، وهي مسألة لديها كثير من النقاط في صالحها.
القاعدة الضريبية لمثل هذا النظام ستكون التدفقات الداخلة غير المالية، ناقصا التدفقات الخارجة غير المالية.
إنها قاعدة تشمل التدفقات الداخلة والخارجة المالية القابلة للتنفيذ أيضا، لكني سأتجاهل ذلك هنا.
سيتم خصم تكاليف الاستثمار والعمالة عند حدوثها، إلا أنه لن يتم السماح بأي خصم للتكاليف المالية.
من شأن التعويض الكامل للإنفاق على الاستثمارات الحكومية أن يتيح لها أن تصبح شريكة في المشاريع الاستثمارية، حيث ستسهم فيها وتحصل على عوائد منها بنسبة متساوية.
في نهاية المطاف ستقع الضريبة على أرباح الشركات – العوائد التي تكون أعلى من تكاليف عوامل الإنتاج (بما في ذلك الرساميل) اللازمة لإيجادها.
"المبالغ المكتسبة من الموارد نتيجة استخدامها" هي أيضا ما ينبغي علينا فرض الضرائب عليه.
الفائدة الكبيرة لهذا النظام أنه لن يكون هناك بعد الآن ذلك التحيز الحالي الذي يميل لصالح تمويل السندات، ما يشكل بالتالي مخاطر كبيرة على الاستقرار الاقتصادي، كما أظهرت الأزمة المالية الأخيرة، طوال العقد الماضي.
على نطاق أوسع، هناك كثير من الهندسة المالية التي نشهدها الآن، ويجب أن تكون مدفوعة بما هو أكثر قليلا من الرغبة في تجنب الضرائب، في الغد. إن هذا وضع لا يوفر أي فائدة اجتماعية على الإطلاق.
من هنا، فإن التغيير الكبير الآخر سيكون نحو فرض الضرائب على الاستهلاك (الوجهة) وليس الإنتاج (المصدر).
إحدى طرق التفكير في هذا أننا سنعمل على استبدال الجهود الحالية لفرض الضرائب على الأرباح، ونضع في مكان إنشائها ضريبة قيمة مضافة تعفي تكاليف العمالة.
من الواضح أن إعفاء تكاليف العمالة أمر جذاب للغاية.
علاوة على ذلك، بموجب فرض الضرائب حسب المصدر، من شأنه أن يجعل لدى الشركات حافزا لنقل إنتاجها إلى سلطات قضائية منخفضة الضرائب، بعيدا عن السلطات القضائية التي جعلتها ناجحة.
في ظروف اليوم، فإن ما يتعلق بالإنترنت ودور الملكية الفكرية، فكثير من هذا النقل للأصول الإنتاجية هو مجرد نسج مربح للغاية من الخيال.
الوجهة ليست نسج خيال، لأن من الصعب أكثر إخفاء مكان بيع الأشياء ما يمكن بالنسبة إلى مكان صنعها.
التحول إلى فرض الضرائب على الوجهة قد يجبر الشركات على دفع الضرائب في الأسواق ذات الأهمية.
أحد أكثر عوامل الجذب لهذا الإصلاح أنه سيكون مفيدا للبلاد، حتى إذا قامت بالتحول لوحدها.
قد يزيد الحافز للاستثمار في البلد الذي يقوم بالتغيير، بسبب القدرة الكاملة على اقتطاع الاستثمار من الضريبة.
ومع أن من شأن تنفيذ الضريبة الجديدة أن يكون بسيطا نسبيا، لأنه سيتم فرضها على مبيعات الشركة في الأسواق فحسب، إلا أن الأكثر جاذبية سيكون أنه إذا أدخل البلد هذا الشكل من الضرائب، فسوف يتوقف عن فرض ضرائب الشركات على الإنتاج المحلي الذي يستهدف الأسواق الخارجية.
هذا من شأنه إيجاد حافز كبير لتحويل الإنتاج في اتجاه البلد الذي يدخل هذه الإصلاحات، وهذا الحافز قد يقنع البلدان الأخرى بأن تحذو حذوه.
لهذا السبب كان من المؤسف عدم انطلاق الولايات المتحدة إلى أبعد مدى في تنفيذ الإصلاح المتصور. المملكة المتحدة بعد "بريكست" ينبغي أن تنظر بشكل عاجل في هذا الإصلاح المقترح لنفسها.
هذا من شأنه تحسين الحافز للاستثمار؛ وسيجعل المملكة المتحدة بمنزلة قاعدة أكثر جاذبية للإنتاج بالنسبة للأسواق العالمية؛ كما سيقضي إلى حد كبير على الظلم الواقع على الشركات الخاضعة لضرائب قليلة، والقائمة في الخارج التي تضارب على المنافسين المحليين.
الإصلاح سيوجد تحديات. أحدها هو أن الصادرات من الشركات القائمة على الموارد لن تقع عليها الضريبة، بالتالي، ستكون هناك حاجة إلى ضريبة محددة على المكاسب من الموارد،
كما ستنشأ مشاكل وإن كانت قابلة للحل، في طريقة معاملة الشركات المالية.
على أن النقطة المهمة واضحة. النظام الضريبي الحالي للشركات القائم على المصدر، خاصة مع اقتطاع الفائدة وعدم كفاية الخصم للإنفاق على الاستثمار، يوجد مشاكل هائلة. بدلا من التلاعب به إلى ما لا نهاية، فإننا بحاجة إلى إصلاح أكثر جذرية في النظم الضريبية المتبعة.
إن ضريبة التدفق النقدي القائمة على الوجهة هي التي تمثل خيار الإصلاح. عليه، يجب أن تتاح لها الفرصة الكاملة في التطبيق، ولعل بريطانيا ما بعد "بريكست"، هي المرشح الأفضل لخوض تلك التجربة المستحقة.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES