Author

مصافي النفط .. نقاط بيع مهمة استراتيجيا «3»

|
مختص في شؤون الطاقة


عودا على بدء، تناولت في المقالين السابقين من هذه السلسلة شرحا موجزا عن المصافي النفطية والهدف من إنشائها، وأهم العمليات الرئيسة لتكرير النفط، وسلطت الضوء على بعض الأرقام المهمة عن مصافي النفط السعودية والمشتركة، سواء الموجودة في المملكة أو خارجها، التي تصل طاقتها التكريرية الكلية إلى 3.120 مليون برميل يوميا، منها 1.924 مليون برميل يوميا تم تكريرها في الداخل، وما يقارب 1.196 مليون برميل يوميا تم تكريرها في مصاف خارجية. نسبة ما تم تكريره في المصافي الخارجية بالنسبة للطاقة التكريرية الكلية بلغت 38.3 في المائة، ومن وجهة نظري هي نسبة ممتازة، ولكن ما أهمية الاستثمار في المصافي النفطية في دول تستهلك كميات كبيرة من النفط ومنتجاته؟ لا يخفى على المختصين والمهتمين بعالم النفط وصناعته أن هناك تنافسا شرسا بين مصدري النفط في العالم سواء كانوا من أعضاء "أوبك" أو من المنتجين المستقلين خارجها، فجميع الدول المصدرة تسعى بلا شك لزيادة حصتها السوقية والاستفادة ما إذا كان هناك زيادة في الطلب على النفط بسبب عوامل كثيرة منها نمو اقتصادات الدول الصناعية الكبرى، التي تستهلك كميات كبيرة من النفط الخام، ومنها النمو المطرد في استهلاك الطاقة بأنواعها المختلفة، التي يتربع النفط على صدارتها. صدر تقرير قبيل أسابيع من "بريتيش بتروليوم" وهي من الجهات التي يعتد بتقاريرها، حيث أشار التقرير إلى أن مصادر الطاقة في عام 2040 ستكون على النحو التالي على التوالي، النفط يحتل المرتبة الأولى بنسبة تقارب 27 في المائة من مجمل مصادر الطاقة الأخرى، ويليه الغاز الطبيعي بنسبة 25 في المائة، وتأتي الطاقة المتجددة ثالثا بنسبة 23 في المائة، وهو تحول كبير للطاقة المتجددة التي كان من المتوقع ألا تتجاوز من 5 إلى 8 في المائة بحلول عام 2040 بناء على كثير من الدراسات الاستشرافية المختصة، حيث أزاحت الفحم الطبيعي من المرتبة الثالثة ليحل رابعا بنسبة تقارب 20 في المائة، ومن ثم الطاقة النووية بنسبة 5 في المائة.
كما ذكرت سابقا أن الأرقام والتوقعات ليست مسلمات قد تتغير في زمن قصير وتختلف اختلافا لافتا عما تم توقعه سابقا، وهذا طبيعي بل هذا هو المتوقع. على المستوى الشخصي لن أفاجأ بعد سنوات قليلة إن تقلص التوقع على استخدام الفحم كمصدر من مصادر الطاقة دون الـ10 في المائة بحلول عام 2040، بل أتوقع أن يتم ذلك والله أعلم. عليه نجد أن الاستثمار في المصافي النفطية في الدول الصناعية التي تستهلك كميات كبيرة من الطاقة والمنتجات النفطية الأخرى هو خطوة مهمة استراتيجيا للدول المصدرة للنفط، التي تعد نقاط بيع مهمة لهذه الدول.
المملكة خطت خطوات مميزة في هذا الإطار، وما امتلاكها لبعض المصافي بنسبة تملك كاملة أو بنسب مختلفة في كل من أمريكا وكوريا الجنوبية وماليزيا وإندونيسيا والصين وغيرها إلا خطوة رائدة في هذا الصدد. تصريح خالد الفالح وزير الطاقة قبل شهرين تقريبا أن السعودية تخطط لبناء مصفاة نفطية ومصنع للبتروكيماويات في جنوب إفريقيا ضمن استثمارات بعشرة مليارات دولار، حيث إن "النفط السعودي" سيستخدم في هذه المصفاة، وهذا التوجه بلا شك هو توجه استراتيجي ذكي جدا للحصول على عقود دائمة لشراء النفط.

إنشرها