Author

حقوقهم مكفولة بالشرع والنظام

|


قبل نحو ثلاثة أشهر أعلنت النيابة العامة بشكل شفاف أنه تم القبض على عدة أشخاص من قبل رئاسة أمن الدولة بعد رصد نشاط منسق لهم وعمل منظم للنيل من أمن واستقرار المملكة وسلمها الاجتماعي والمساس باللحمة الوطنية، ولقد كان هذا الإعلان كافيا لكل من يسعى إلى محاولة زعزعة استقرار الأمن في المملكة، أو أي دولة محرضة، فليس في اعتقال مشتبه فيه في قضية ما أي مساس بحقوق الإنسان، بل هو من صميم ذلك، إذ إن حفظ أمن الناس، والمجتمع من العبث به من حقوق الإنسان، حيث يجد الناس طريقهم إلى أعمالهم آمنين، ويجدون سبلهم إلى حياتهم وأسرهم سالكة، ويجدون قيمهم وثقافتهم سالمة من العبث، وهذا حق للمجتمع يجب عدم العبث به وهو حق لهم، ولهذا تقوم الدول وتنشأ المجتمعات لقمع من تسول له نفسه العبث بالأمن الاجتماعي، واعتقال من يخل بذلك لا يعني بأي شكل أن يتهم من اعتقله بخرق حقوق الإنسان. ورغم وضوح هذه المسألة إلا أنه بمجرد إعلان القبض على هؤلاء الأشخاص انطلقت أبواق الشر تتهم المملكة بأنها لا تراعي حقوق الإنسان، وكانت تلك الهجمة المسعورة المتزامنة شاهدا كبيرا على أن وراء الأكمة ما وراءها، ولقد أدرك الشعب فورا أن هذه الهجمة الشرسة والاتهامات من دول بعينها دليل على ارتباط هذه القضايا والأشخاص بهذه الدول بطريقة ما، ورغم حجم الهجمة وشدتها الإعلامية فقد كانت ثقة الشعب بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة كبيرة، ذلك أننا ندرك دائما أن الصراخ على قدر الألم وأن صراخ هذه الأبواق الإعلامية كان على قدر الألم من القبض على هؤلاء الأشخاص وانكشاف المخططات ونهاية اللعبة.
لقد كان هدف النيابة العامة من إعلان القبض على هؤلاء الأشخاص في حينه هو إعلان الالتزام بجميع الحقوق التي يضمنها النظام والشرع المطهر في هذه الحالات وذلك على الرغم من أن النيابة العامة تدرك أنها ستكون عرضة لحملة مسعورة من أجل تأزيم الموقف وتدويل القضية ومن ثم التأثير السياسي في إجراءات التقاضي، ولقد شهدت الساحة السياسية معركة شرسة جدا بهذا الشأن، لكن الدبلوماسية السعودية كانت لها بالمرصاد وأثبتت كفاءة كبيرة وتم إفشال أهداف الحملة السياسية والإعلامية المخططة، ومنح النيابة العامة استقلالية كافية من التأثيرات مهما كان نوعها وشكلها ومصدرها، وضمان أن يجد جميع الأشخاص المتورطين في هذه القضية فرصة التحقيق العادل والنزيه، ولم يكن صعبا للدبلوماسية السعودية أن ترد على تلك الحملة بقوة وتسكت جميع الأبواق ببراعة سياسية مشهودة، وهو ما مكن النيابة العامة من العمل بشكل نظامي، وموضوعي، ومستقل في هذه القضية الأمنية الخطرة.
وقبل أمس أعلنت النيابة العامة انتهاء تحقيقاتها وإعداد لوائح الدعوى العامة ضد المتهمين وأكدت أن جميع الموقوفين على ذمة هذه القضية يتمتعون بجميع حقوقهم التي كفلها لهم النظام، وهذا الإعلان في هذا التوقيت وبعد مضي هذه الفترة منذ القبض على المتهمين، أكبر شاهد على أن المملكة العربية السعودية تراعي حقوق الإنسان، فالفترة معقولة وطبيعية منذ القبض والتوقيف وحتى التحقيقات والإحالة للمحكمة، وهذا يدل بلا شك أننا أمام قضية من القضايا التي لها نظام وإجراءات واضحة بشأنها، وأن رئاسة أمن الدولة والنيابة العامة قد التزمتا هذه الإجراءات وفق تسلسلها وتوقيتها النظامي، وليس هناك أي شكل من أشكال الاعتقال التعسفي القمعي، كما أن عدد الموقوفين في هذه القضايا يشير بكل وضوح إلى أنهم قلة قليلة، فلقد كانت البيانات التي أصدرت عند القبض على هؤلاء الأشخاص تشير إلى أن عددهم بلغ 17 شخصا، ثم صدرت أوامر بالإفراج بحق ثمانية متهمين، منهم (خمس نساء وثلاثة رجال) لحين استكمال إجراءات التحقيق، واستمر إيقاف تسعة متهمين (خمسة رجال وأربع نساء)؛ وذلك بعد توافر الأدلة الكافية، واعترافهم بما نسب إليهم من تهم، تندرج ضمن الجرائم الموجبة للتوقيف.
لقد كان وجود العنصر النسائي في هذه القضية مثارا للضجة الإعلامية التي افتعلتها القنوات المعادية للمملكة، واستغلت ذلك للفوز بانتصار سياسي ولو كان وهميا والتأثير في مسار التحقيقات، ولكن المملكة دائما تؤكد أن للمرأة في المملكة خصوصية محترمة، حيث تتمتع المرأة في المملكة بكثير من الحصانة الاجتماعية، وهذا يفرض أن يتم التعامل معها بما يضمن لها هذه الحصانة المجتمعية، لكن ليس في هذا ما يعني أنها لن تكون مسؤولة عن تصرفاتها الجنائية، بل هناك مساواة في ذلك مع الرجل، فالحصانة الاجتماعية تضمن للمرأة كثيرا من الإجراءات عند القبض وإجراءات التحقيق، حتى أسلوب التعامل في الحجز، لكن نظام العقوبات لا يفرق بين رجل وامرأة خاصة في هذه القضايا الأمنية، وهي الآن بصدد أن تحال إلى المحكمة المختصة.
ومع وصول هذه القضية إلى القضاء السعودي، فمن المتوقع أن تصحب هذه المرحلة هجمات إعلامية معادية، لكن الحكومة السعودية والدبلوماسية السعودية التي نجحت في تحييد هذه الهجمات ومنع وصول تأثيرها إلى التحقيقات التي انتهت في وقتها الطبيعي، فإن هذه القوة السعودية الناعمة قادرة على الرد ومنع هذه الحملات من التشويش على مسار المحاكمة وأحكام القضاء.

إنشرها