Author

البحوث والبرامج الأكاديمية للقطاع العقاري

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية


القطاع العقاري قطاع رئيس في أي اقتصاد، ودول الخليج خصوصا المملكة لها عناية كبيرة بالقطاع العقاري إذ يعد أضخم القطاعات بعد النفط وحجمه كبير جدا خصوصا في المدن الرئيسة والحرمين الشريفين، إذ إن حجم هذا القطاع قد يصل إلى تريليونات الريالات، وهذا القطاع ما زال بوضعه الحالي لا يعد من القطاعات التي تحظى باهتمام كبير على المستوى البحثي والبرامج الأكاديمية، حيث لا يحظى باهتمام أكاديمي بصورة عامة والمحتوى الخاص بالبحوث في هذا المجال محدود جدا رغم تشعب المجالات الخاصة به ورغم وجود اهتمام به من خلال الغرف التجارية إلا أن ذلك لم يتحول إلى قطاع اقتصادي تتكامل فيه جميع ما يجب أن يكون ويحظى بمزيد من الدراسات التي يستفيد منها كل من يهتم بالقطاع العقاري في المملكة.
القطاع العقاري في المملكة اليوم أصبح ذا أهمية أكثر من أي وقت مضى، فالمملكة اليوم تشهد مجموعة من التحولات الضخمة في المجالات المختلفة وفي المجال العقاري لم يعد القطاع يكتفي بالقطاعين السكني والتجاري، بل اليوم ومع البدء فعليا في مجموعة من المشاريع، منها مشروع البحر الأحمر أصبح القطاع العقاري يضم القطاع السياحي وقطاع الخدمات أو اللوجستي ومدينة نيوم وهذا يتعلق بقطاع التقنيات المتقدمة وكل نوع من هذه الأنشطة يحتاج إلى اهتمام مختلف فيما يتعلق بالعقار.
اليوم عندما تريد أن تبحث عن تقييم لشركة من شركات السوق المالية قد لا يتجاوز رأسمالها مليار ريال تجد عددا من الدراسات المتاحة التي تقدمها المؤسسات المالية عن السعر العادل للشركة ومستقبلها وأبرز مشاريعها والتوصية إما بالشراء أو البيع أو الحياد، ولكن عند النظر إلى الدراسات التي تتعلق بالعقارات على طريق الملك فهد بالرياض وهو الأشهر عن أسعاره والسعر العادل ومستقبل الاستثمار في العقارات فيه لا تجد ما يكفي ولا ما يشبع رغبة المستثمر من خارج المملكة رغم أنه الأشهر، وتبلغ بعض القطع الموجودة في هذا الطريق مليارات الريالات، لو أن شركة أجنبية أرادت أن تدخل السوق السعودية وتضع مقرا لها أو تختار مجموعة من المواقع لنشاطها فكيف ستختار ذلك؟ كيف تبدأ، ومن أي مدينة، وفي أي موقع، وما المدن التي يمكن أن تحقق نجاحا فيها بصورة أكبر، وما خياراتها في التوسع؟ كل ذلك يمكن أن يتم من خلال التواصل مع بعض المكاتب التي لأهلها خبرة كبيرة في السوق العقارية، ولكن ليس من خلال البناء على دراسات تعتمد على العمل والاستقصاء لجميع المعلومات التي يمكن أن توجه المستثمر لاتخاذ القرار أو يمكن أن نقول وبصورة أوسع جذب الاستثمار في هذا المجال، فلو أن مستثمرا لديه رغبة في الاستثمار في الخليج ويريد أن يختار مدينة لينطلق منها فما المدينة التي تتوقع أن يختار؟، لابد أن يبدأ بدراسة المعلومات المتاحة عن تلك المدن وفي حال وجود معلومات أكثر عن مدينة معينة سيجعلها الأقرب للاختيار وهذا ما يفسر الاهتمام الأكبر بمدينة مثل دبي في المنطقة وتحظى بالاهتمام الأكبر في المنطقة على المستوى الاستثماري رغم أنها قد لا تكون الخيار الأفضل على كل حال ولكن توافر المعلومة عنها بصورة أكبر يجعلها الخيار الأقرب لكثير من الشركات العالمية.
فيما يتعلق بالاهتمام على المستوى الأكاديمي من المهم أن يكون هناك مقار مختصة ببرامج العلوم الإدارية بصورة عامة، بل يمكن أن يكون مسارا لتخصص مثل المالية كما هو الحال في المجال المصرفي والتأمين وغيرها، أما على المستوى البحثي فمن الأهمية أن تكون هناك مراكز مختصة تتعلق بالقطاع العقاري، وتكون الدراسات والبحوث تجمع ما يمكن من معلومات عن القطاع العقاري بمختلف أنشطته وعن جميع المدن في المملكة: خصائصها ومستقبلها والمشاريع المتوقعة فيها وفرص الاستثمار فيها، إضافة إلى أهمية الدراسات في مجال التقييم العقاري، وأخلاقيات العمل في القطاع العقاري وبناء مدونة خاصة بالأنشطة العقارية خصوصا ما يتعلق بالتسويق والسمسرة في المجال العقاري.
الخلاصة: إن القطاع العقاري يعد من أهم القطاعات في منطقة الخليج خصوصا المملكة إلا أن الاهتمام به على المستويين الأكاديمي والبحثي لا يصل إلى المستوى المطلوب الذي يقدم معلومات وافية عنه خصوصا مع توسع المملكة في القطاع العقاري الخاص بالسياحة والمدن الذكية والخدمات اللوجستية، والدراسات الوافية عن القطاع العقاري يعد عنصر جذب لهذا القطاع.

إنشرها