default Author

التفكير المرن لاتخاذ القرارات «1»

|


لنفترض جدلا أن متجرا ما يبيع مجاريف الثلج مقابل 15 دولارا للمجروف الواحد وبعد ليلة حافلة بالعواصف الثلجية قرر صاحب المتجر بيعها لقاء 20 دولارا، فهل يعد هذا التصرف مقبولا؟
إن الأغلبية العظمى من الذين شاركوا في ندواتي أجابوا بنعم، أي: رأوا أن رفع أسعار المجاريف بعد ليلة مليئة بالثلج أمر مقبول، مستشهدين بقانون العرض والطلب، وقالوا إن الأمر يماثل بيع المظلات في الشوارع في الأيام المطيرة، لأن طبيعة هذا الموقف لن تمكنهم من المنافسة لو لم يفعلوا ذلك؛ كما ألقوا اللوم على المشترين لعدم جاهزيتهم لتلك الظروف المناخية، كما قدموا أعذارا أخرى على الشاكلة نفسها. في الواقع، هم لا يفكرون فعلا إن كان رفع الأسعار أمرا مقبولا أم لا، بل هم اتخذوا قراراتهم كردة فعل، ومن ثم بدأوا التفكير في كيفية تبرير "خيارهم". لقد جاء خيارهم على الأغلب نتيجة تعاطفهم الضمني وغير الواعي مع صاحب المتجر.
ومن هذا المنطلق، توقعوا أن رفع أسعار المجاريف سيساعد صاحب المتجر على تحقيق مزيد من الأرباح. هذا هو أسلوب تفكيرهم. وفي المقابل، وجدت دراسة أن ما نسبته 82 في المائة من الأفراد "من غير رجال الأعمال، بل تضمنت عينة تمثيلية من كل فئات المجتمع" لا يعتقدون أن من المقبول أن ترفع المتاجر أسعار المجاريف بعد عاصفة ثلجية، فإن كان المستهلكون يفكرون بالطريقة نفسها، فهم على الأغلب غاضبون وفقدوا ثقتهم بالمتجر، وغالبا لن يقوموا بشراء أي بضائع أخرى غير أساسية من ذلك المتجر، لأنهم يعتقدون أنه سيستغلهم كلما سنحت له الفرصة. إذا، يعتبر رفع سعر مجاريف الثلج خطوة سيئة للمتجر على المدى الطويل. وبالتالي، من الضروري أن نستوعب أن هناك أسلوبا معينا للتفكير يتبعه قادة الأعمال فعلى سبيل المثال، يرون أن من المقبول استغلال كل الفرص المتاحة لتحقيق أكبر قدر من الأرباح، لكن أسلوب التفكير هذا يتعارض بشكل مباشر مع أخلاقيات عملائهم، واحترامهم لإرادة حكوماتهم، وقد يؤول ذلك إلى اتخاذ قرارات غير صائبة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تبديد فرص الأعمال وتسبب خسائر في الأرباح.
لا شك أن طريقتنا في التفكير هي نتيجة تجاربنا في الحياة، لكنها تعمل على تشكيل حياتنا أيضا. وهي بالنهاية ما يجعلنا أذكياء أو غير أذكياء. لكل واحد منا طريقته الفريدة في التفكير. وأنا كذلك. وبالتأكيد، لا يوجد هناك شخصان يفكران بالطريقة ذاتها. كما أن لكل منا أكثر من طريقة واحدة في التفكير، ولا يعتمد ذلك على بماذا نفكر فحسب، بل يعتمد أيضا على ماذا نود فعله، أو قوله، أو فهمه، أو حتى من نود أن نكون.
أن نكون واعين بطريقة تفكيرنا، وبتفردها عن الآخرين، وتشابهها مع طريقة تفكير الآخرين في الوقت ذاته، يساعدنا في التدرب على إحدى أهم قدراتنا كصناع قرار، ألا وهي اختيار الطريقة التي نفكر بها. على المستوى العالمي، تتطلب هذه اللحظات التاريخية التي نعيشها اليوم أن نختار بعناية، ولا سيما أن التقنيات الجديدة والأحداث السياسية المتسارعة تغير عالمنا بشكل جذري، والأمر ذاته ينطبق على الطريقة التي نمارس بها أعمالنا. إن هذه التحولات تأتي بدرجة عالية من المخاطر، وكثيرا ما نفضل عدم التفكير بها. ومع ذلك، من الممكن أن تشكل هذه التحولات أيضا فرصة لتحسين الأوضاع القائمة ... يتبع.

إنشرها