Author

الاستثمارات في الطاقة التقليدية

|


الاستثمارات الحالية في قطاع النفط لا تكفي لمواكبة اتجاهات الطلب، بل توفر فقط الحد الأدنى المطلوب. ما يعني أن هناك مخاطر من تأثر الإنتاج على المديين المتوسط والبعيد بصورة سلبية، ولا سيما في ظل ارتفاع الطلب على الطاقة التقليدية عالميا. وهذا الارتفاع ينشط بشكل كبير في البلدان ذات الاقتصادات الناشئة، التي تتقدم على بقية الدول بالمستوى المرتفع للنمو فيها، مدعومة بالتوقعات المستقلة التي تفيد بأن هذا النمو سيواصل ارتفاعه في المرحلة المقبلة. والاستثمارات النفطية تشكل بالفعل محورا أساسيا في عمليات الإنتاج، كما أنها متفاوتة من حيث الحجم بين بلد وآخر. فعلى سبيل المثال، تعد إيران أقل البلدان استثمارا في هذا القطاع، بينما تتصدر السعودية قائمة الدول الأكثر استثمارا، إضافة إلى توسيع الاستثمار في مجالات الطاقة المتجددة المختلفة.
تم تقدير حجم الاستثمارات النفطية على الساحة الدولية حاليا بـ 430 مليار دولار، وعلى الرغم من أن هذا المستوى ليس قليلا، إلا أنه يبقى دون الحجم المطلوب، حيث يقدر المختصون حاجة العالم إلى استثمارات تصل إلى أكثر من 700 مليار دولار سنويا. وللوصول إلى هذا المستوى من الاستثمارات لا بد للدول النفطية أن تعيد النظر في سياساتها الاستثمارية هذه. مع التأكيد هنا على أن الاستثمارات المطلوبة هي في الواقع داعم بعيد المدى للعوائد المالية، فضلا عن أن العالم سيدخل مرحلة ما يمكن تسميته بـ "الأمان النفطي"، مع التوقعات التي تشير إلى ارتفاع الطلب على النفط في المرحلة المقبلة، جنبا إلى جنب مع تطور الحراك في الطاقة المتجددة. أي أن النفط سيبقى إلى عقود مقبلة المادة الرئيسة للطاقة، بصرف النظر عن أي اعتبارات تطرح هنا وهناك.
والاستثمارات النفطية تشمل بالطبع الغاز الذي يحظى باهتمام متصاعد على الساحة الدولية منذ سنوات. وطالما أن التحولات في مجال الطاقة ككل لا تزال بعيدة المنال، أو على الأقل تسير بصورة ليست سريعة لاعتبارات عديدة، فإن الاستثمارات في مجال النفط والغاز تبقى محورية، بل ضرورية بالنسبة إلى الاقتصاد العالمي الذي خرج للتو من تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت عام 2008. فالنمو الاقتصادي لن يبقى على حاله المتأرجحة حاليا، خصوصا إذا ما تم التوصل إلى اتفاقات واضحة وعملية فيما يتعلق بالمعارك التجارية الراهنة. وهذا النمو يتطلب مزيدا من الإمدادات النفطية، خصوصا في بلدان آسيا التي تتمتع بمستوى متماسك في مجال النمو. وأي تراجع في الاستثمارات في الطاقة التقليدية، يعني حدوث اضطراب لا أحد يستطيع تحمله في الاقتصاد العالمي ككل.
يرى المختصون أن تعزيز هذه الاستثمارات يمثل تحديا في المديين القصير والمتوسط، رغم وجود تحرك حقيقي بالفعل نحو مزيج طاقة مستقبلي منخفض الكربون في المستقبل. وهذه النقطة، على وجه الخصوص، تحتاج بالفعل إلى رفع الاستثمارات من جهة التطوير المطلوب عالميا لتعزيز حراك حماية البيئة عالميا. والحق، أن هذه المسألة تشهد تقدما كبيرا، في ظل اهتمام العالم أجمع بمسألة الوصول إلى مزيج من الطاقة يحقق الأهداف التنموية ويحافظ على المعايير البيئية. ومع الاعتراف بنمو واضح في مجالات الطاقة المتجددة، إلا أنه لا غنى عن إنتاج مزيد من الطاقة الهيدروكربونية، والسبب الطلب المتزايد عليها، بل المتوقع وصوله إلى مستويات مرتفعة في المرحلة المقبلة.

إنشرها