تجنب أزمات الدين «2 من 2»

بينما توجد مزايا في تنويع مصادر التمويل، فإنه يؤدي أيضا إلى إيجاد تحديات جديدة في إدارة الدين والتعامل مع إعادة هيكلته، إذا تطلب الأمر، لأننا لا نملك آليات مستقرة للتنسيق بين الدائنين تشمل الدائنين الجدد.
فما الذي يستطيع المقرضون والمقترضون القيام به؟ هناك ثلاث أولويات للسياسات يمكن أن تساعد في إحداث فرق مؤثر.
أولا، يتعين بذل جهود أكبر للتأكد من أن الاقتراض السيادي يحقق الاستدامة المالية. فيجب على المقترضين أن يحددوا خططا دقيقة للإنفاق من المالية العامة ولعجز المالية العامة حتى يظل الدين العام على مسار يمكن الاستمرار في تحمله. ويجب عليهم أيضا أن ينظروا بدقة في العائدات التي يمكن أن تحققها مشاريعهم ومدى قدرتهم على السداد من خلال رفع الإيرادات الضريبية قبل الاستعانة بقروض جديدة. ويجب على المقرضين تقييم أثر القروض الجديدة في وضع المديونية لدى المقترض قبل منحه قرضا جديدا. وسيؤدي هذا إلى حماية كل من المقرض والمقترض من الدخول في اتفاقيات تتسبب في مصاعب مالية لكليهما في المستقبل.
ثانيا، يجب أن نتأكد من التزام كل البلدان بإعداد تقارير شاملة وشفافة عن الدين العام. وهناك مجال لتحقيق إنجازات كبيرة في تقوية المؤسسات التي تسجل الدين وتراقبه وتعد تقارير عنه في كثير من البلدان النامية. فعلى سبيل المثال، ثلث البلدان منخفضة الدخل لا يعد تقارير عن الضمانات التي يقدمها القطاع العام، بينما يتم إعداد تقارير عن دين المؤسسات العامة في أقل من 1 من مجموع عشرة بلدان منها. وهناك حيز أمام الدائنين للسماح بدرجة أكبر من الإفصاح الكامل عن شروط القروض التي يقدمونها للبلدان. ويمكن أن تساعد زيادة الشفافية بشأن التزامات الدين العام أيضا على منع تراكم التزامات « مستترة» كبيرة تتحول مع الوقت إلى دين حكومي صريح.
ثالثا، يجب أن نشجع التعاون بين الدائنين الرسميين استعدادا لحالات إعادة هيكلة الدين التي يشارك فيها دائنون غير تقليديين. فنظرا لارتفاع مستوى الدين المقدم من الدائنين الجدد، يجب أن نفكر في كيفية جعل التنسيق بين الدائنين الرسميين فعالا ــــ لأنه غالبا ما يشكل أهمية بالغة في تسوية أزمات الديون.
أما بالنسبة للصندوق، فنحن والمؤسسات الشريكة نتعاون عن كثب مع بلداننا الأعضاء لتعزيز قدرتها على تسجيل الديون وإدارتها وضمان الشفافية بشأنها. ونحن نعمل أيضا على تقوية منهاجياتنا المستخدمة في تقييم إمكانية القدرة على تحمل الديون وتدريب المسؤولين من البلدان الأعضاء على استخدامها. ونعمل بنشاط أيضا مع المقرضين الجدد في مجالات عديدة؛ منها تحسين قدرتهم على المشاركة في عمليات إعادة هيكلة الديون على أساس متعدد الأطراف، إذا دعت الحاجة إليها.
واعتبارا من الثمانينيات، استغرق الأمر عقودا من المباحثات المرهقة لكي يتسنى إنشاء آليات لتسوية أزمات الديون في أمريكا اللاتينية ثم في البلدان الفقيرة المثقلة بالديون. وأبرزت الأبحاث والفعاليات المختلفة كيف تؤثر أعباء المديونية المفرطة على التعافي الاقتصادي في الاقتصادات المتقدمة. ونحتاج إلى التنبؤ بالمخاطر الكامنة في تراكم المديونيات الحالية واتخاذ الخطوات الصحيحة لتخفيفها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي