Author

الأجانب .. منافسة حتى في الأعمال المتناهية الصغر

|

يمثل قطاع الأعمال المتناهية الصغر مدخلا كبيرا للدخل لعديد من أفراد المجتمع، خاصة الذين يتعرضون للتعطل عن العمل أو لديهم ظروف خاصة تمنع قبول وظائف في الأوقات الرسمية والمؤسسات الرسمية، هذا القطاع مهم، ويقدم دعما لامحدودا لكثير من الأسر، فالدخول إلى هذه الأعمال سهل ولا يحتاج إلى رؤوس أموال كبيرة.
فبعض أفراد المجتمع يستغل موسم ظهور "الكمأة" للعمل والتجارة في هذه السوق مع مطلع كل شتاء، وبعد انتهاء هذا الموسم يبدأ العمل في مهن موسمية بديلة كالخضار والفواكه وغيرهما، كما أن هناك أعمالا مثل بيع شاي الحطب والكرك والقهوة العربية، وهي تغني عن بعض الوظائف أو تمنح صاحبها مرونة في أوقات العمل.
ولكن تشير بعض التقارير الاقتصادية إلى التغيرات الهيكلية في سوق العمل والضغوط التي تمارسها الحكومة من أجل توطين القطاعات المختلفة، خاصة توطين المحال النسائية، انعكست على هذه الأعمال المتناهية الصغر، حيث إنها لم تؤد إلى خروج العمالة الفائضة، وعودتها إلى بلادها، بل إن هذه العمالة بقيت في الاقتصاد وتسربت إلى مثل هذه القطاعات سواء عبر التستر أو من خلال ممارسة غير مصرح بها في أعمال غير مسجلة مثل البيع على الأرصفة، وبيع الشاي على الطرقات، أو مزاحمة المواطن في التجارة الموسمية، مثل بيع منتجات الخضار والفواكه الموسمية أو بسطات الملابس الشتوية أو عربات المطاعم المتنقلة "فود ترك".
وهذه القضية لها أبعاد اقتصادية تتمثل أولا في أن الاقتصاد السعودي لم يزل يمتص البطالة التي تصدر إليه من الدول ذات البطالة الكثيفة، وهذا يعطي مؤشرا على أن استيراد بعض العمالة لا يتم على أساس الرغبة في تطوير المهارات الوطنية من خلال جلب مهارات وخبرات أجنبية ولا يتم كذلك من أجل سد فجوات وانكشاف وظيفي، وهذا يقود إلى أهمية إعادة دراسة وتحليل الأسباب الأساسية للتعاقد مع العمالة الأجنبية وتعزيز الإجراءات الرقابية في هذا الاتجاه.
البعد الثاني يأتي في المنافسة الحادة التي يجدها العامل السعودي من قبل العمالة الأجنبية، منافسة تستدعي طلب حمائية حتى في أسواق موسمية أو مشاريع متناهية الصغر مثل بيع الشاي على الأرصفة، وهو الأمر الذي وصل إلى أن يطلب الشباب السعودي منع الوافدين من هذا النوع من الأعمال، حيث بدأت تتراجع أرباحهم بسبب هذه المنافسة، وقد أشار تقرير "الاقتصادية" إلى أن هذه الأعمال التجارية ملاذ أخير للمواطنين السعوديين الذين يتعطلون عن العمل لظروف مختلفة، أو الذين يعانون ضغوط أقساط مصرفية، حيث إن بعضهم يفضل التوجه مؤقتا إلى تجارة الحطب والكمأة وشاي الحطب، وبيع الألعاب الإلكترونية وإكسسوارات الجوالات والملابس الشتوية عند المطاعم أو بعض المحال التجارية الكبيرة، على العمل في قطاعات أخرى مثل الاتصالات وتأجير السيارات وقطع غيار السيارات، حيث كان يصل العائد الشهري لبعض هذه الأعمال إلى 11 ألف ريال شهريا، ولكن مع بدء دخول الوافدين أصبحت هذه الأعمال غير ذات جدوى، خاصة أن الأجنبي يمارس منافسة جائرة بساعات عمل طويلة، بل في بعض الأوقات يتم التناوب في العمل من أجل إجبار العامل السعودي على الخروج.
بالطبع نحن ندرك الجهود التي تبذلها الجهات المختلفة من أجل مراقبة هذه الأعمال، ومن ذلك منح بعضها تصاريح، ومع ذلك فإن الظاهرة تشير إلى تسرب العمالة الأجنبية إليها من خلال ممارسات التستر التجاري، وهي ما يدرك الجميع مخاطره الاقتصادية والصحية والأمنية.

إنشرها