اقتصادات الأسواق ومزيد من التوظيف «2 من 2»

بينما ننظر في الطبيعة المتغيرة للعمل (دراسة World،Bank 2018)، يجب علينا أن نلقي نظرة أكثر تفحصا على طرق وشكل رسم توزيع الدخل، وتتوقف تكلفة مثل هذه الترتيبات على مستوى المنافع، ودرجة تغطيتها. لكن زيادة استخدام الروبوتات يمكن أن تقلل من القيود المالية، وقد يصبح هذا النوع من المنافع مهما في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي على حد سواء.
وفي حال الأنشطة الاقتصادية غير الرسمية، فإن زيادة القدرة على تحديد الأفراد والأسر ومتابعة أنماط استهلاكها - في حال عدم متابعة مستويات دخلها - يمكن أن تتيح إمكانات جديدة عند النقاط التي تصل بين الدخل الأساسي المعمم، وضريبة الدخل السلبية، والحد الأدنى المضمون من الدخل، أو حتى ضريبة الاستهلاك السلبية. وسيستند الاستهداف في هذه الحالة إلى مؤشرات بديلة للدخل غير المشاهد، تؤخذ من المسوح الخاصة وتتحدد بالربط بين قواعد البيانات الإدارية.
فكرة الشمولية التصاعدية دراسة 2018 Gentilini، ربما ساعدت على توجيه التوسع بطرق تعود بالنفع على الفقراء ومحدودي الدخل أولا. ويقر هذه المبدأ بأن الشمولية في حد ذاتها لا تسهم بالضرورة في تحسين أوضاع أفقر الفئات مقارنة بالمخصصات الموجودة بالفعل. وبالتالي، فمع قيام البلدان بتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية تحقيقا للشمولية، ينبغي إعطاء الأولوية لمحدودي الدخل ومنحهم اهتماما خاصا وتزويدهم بالدعم الكافي. وعلاوة على ذلك، فإن الغرض من البنيان العالمي للحماية الاجتماعية، هو استحداث نظم وتدابير حماية اجتماعية ملائمة على الصعيد الوطني للجميع ووضع حدود دنيا لها، وبالمثل فإن علاقات الشراكة الاستراتيجية، مثل إدارة الحماية الاجتماعية الشاملة، التي أطلقها معا كل من منظمة العمل الدولية والبنك الدولي تساعد على رفع مستوى الشمول كهدف استراتيجي للبلدان والمنظمات التي تدعمها. والقضية الرئيسة هنا هي الحاجة إلى اتخاذ موقف أكثر حيادية من خلال السياسات مقارنة بما يتخذه عدد كبير من الحكومات حاليا إزاء عوامل الإنتاج، وحيال مكان العمل وطريقة العمل. ومتى أصبحت سبل الحماية الأساسية مضمونة، يمكن للأشخاص تحسين مستوى الأمن الذي يتمتعون به عن طريق البرامج المختلفة التي تحصل على دعم تصاعدي، مثل برامج المساهمة الإلزامية في التأمين وخطط الادخار حيثما أمكن، ومجموعة من الاختيارات الطوعية كلما أمكن أن تمنحها الدولة والأسواق، دراسة 2018 (Packard and others). والخلط بين الأهداف الاجتماعية التي كانت يوما ملائمة من الناحية السياسية مثل تجميع المخاطر، والقضاء على الفقر، والسعي إلى تحقيق المساواة عن طريق إعادة توزيع الثروة يدعو إلى اكتساب قدر أكبر من الصراحة في التمييز، وإلى اختلاف ترتيبات اقتسام المخاطر وقنوات التمويل. ومن أجل الحيلولة دون الوقوع في دائرة الفقر، على سبيل المثال، فإن أكبر تجميع للمخاطر وأكثرها فاعلية يأتي من خلال الموازنة الوطنية للبلد المعني. وفي الوضع الأمثل، تتخذ القرارات بشأن المصادر البديلة للتمويل بناء على اعتبارات أداة السياسات التي يكون تعميمها ملائما "تجميع المخاطر أو الادخار أو الحماية" واستجابة السياسات على نحو تناسبي بالنظر إلى ما يتوافر على المستوى الخاص.
الدعم المضمون واللازم لتغطية أشد الخسائر الناجمة عن الكوارث المسببة لأكبر قدر من التكاليف الاجتماعية - مثل الاضطرابات المحتملة التي تدفع الأسر نحو الفقر- التي لا توجد لها بدائل قابلة للاستمرار أو فعالة في السوق. وفي الوضع المثالي، لكن ليس دائما، يكون وقوع هذه الأحداث نادرا نسبيا. ويمكن التدخل لتغطية أحداث أكثر تكرارا وأقل خسائر — مثل التوترات في سوق العمل والتقاعد — لكن مع جلب منافع اجتماعية خارجية واضحة وكبيرة، وإدراج عملية التدخل في هذا البرنامج الذي يقدم الحد الأدنى من الدعم المضمون. تتحول المسؤولية عن التمويل ورصد المخصصات بالتدريج بعيدا عن الموارد العامة الخالصة، وتتجه المخصصات نحو تمويل الأسر أو الأفراد والمخصصات في السوق.
إن التغير التكنولوجي، وهو أحد المحركات العالمية للاضطرابات في عالم العمل، يتيح كذلك فرصا أمام الحكومات لأن تبتعد عن سياسات حقبة الصناعة السائدة أو القفز لتجاوزها، وأن توفر للمواطنين والمقيمين وسيلة أكثر فاعلية لاقتسام المخاطر. وهي وسيلة "التحويل المباشر للمنافع" وبرنامج الهند مبتكرة لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في منح الدعم المباشر من خلال الحسابات المصرفية لأفقر فئات السكان، يعطي مثالا قويا لما يمكن أن يحدث بالفعل. وفي غانا، أسهمت في رقمنة المعاملات "الأشغال العامة كثيفة العمالة" البرامج الورقية وتوسعت في استخدام آلات البصمة البيومترية، وكانت النتيجة هي تقليص الوقت الذي يستغرقه أداء المدفوعات من أربعة أشهر إلى أسبوع واحد. ويستثمر البنك الدولي حاليا 15.1 مليار دولار في نظم تقديم الخدمات والتكنولوجيا ذات الصلة، وهناك منصات مثل السجلات الاجتماعية، والبطاقات الشخصية، وآليات أداء المدفوعات التي تمكن من الوصول إلى السكان المستبعدين. على سبيل المثال، تستطيع نحو 75 ألف فتاة وامرأة في المناطق الريفية في زامبيا الآن أن يخترن بين تسلم المدفوعات بالوسائل الرقمية عن طريق مصرف أو من خلال حساب في محفظة على الهاتف المحمول، أو بطاقة مدفوعة مقدما. وفي غرب إفريقيا، توجد منصة أساسية للبطاقات الشخصية تهدف إلى تغطية 100 مليون نسمة على مستوى المنطقة بحلول عام 2028. وفي إندونيسيا، هناك برنامج للتحويلات النقدية، تستفيد منه حتى الآن عشرة ملايين أسرة فقيرة، وهو آخذ في الاتساع ليغطي المناطق الشرقية النائية من الأرخبيل لتحقيق أهداف التنمية البشرية.
ونظرا إلى حتمية اعتماد نماذج جديدة على مستوى السياسات، تتمتع البلدان الأقل دخلا بميزة في هذا المجال، فمحدودية التغطية الفعالة لسياسات عصر الصناعة لاقتسام المخاطر تعني وجود فرصة أكبر للقفز إلى نظام حماية اجتماعية أحدث. وكما حدث في حالة الاتصالات الهاتفية والخدمات المالية، فإن التغطية المحدودة للنماذج الموروثة تجعل اعتماد المناهج الجديدة أسهل في هذه البلدان.
وتمثل الاستثمارات التي يقوم بها كثير من البلدان من أجل تطوير القدرات والنظم لتحسين سبل تحديد الأسر، وتقييم محدودية الدخل والفقر، وتسليم التحويلات النقدية بكفاءة أعلى، عوامل بالغة الأهمية تمكن من تحويل الأفكار المتعلقة بالسياسات والمقترحة في هذا المقال إلى واقع ممكن. معا نستطيع أن نشكل مستقبل الحماية الاجتماعية بطرق تضمن تحقيق مكاسب واسعة للجميع، وللأشد فقرا على وجه الخصوص.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي