Author

تعيش خلود

|

خلود الفتاة التي دفعتها ظروف المرض إلى البقاء في المستشفى بشكل مستمر لمدة تتجاوز 23 عاما، حصلت على تعليمها وهي على السرير الأبيض، وتطمح لإكمال مشوارها الجامعي. هذه الفتاة التي تحب كل من حولها، وتعيش حياتها دون أن تتذمر من حالها الذي دفعها إلى البقاء في المستشفى ورفض الخروج، وهي تجد الاهتمام الكبير في مستشفى الملك فهد في بريدة.
قصة عجيبة، فيها كثير من الحِكَم التي يجب علينا جميعا أن نستفيد منها ونعلمها لكل من حولنا، كيف أن هذه الفتاة العظيمة تمكنت من تجاوز أزمة مرضها، واستطاعت أن تؤقلم نفسها مع وضع جديد، لتحول التجربة إلى كَمٍّ من الفوائد الشخصية والمجتمعية لها ولمن حولها.
الجميع في المستشفى يحب خلود، وهي تبادلهم الحب، لدرجة رفضها مغادرة المستشفى. خلود تعيش حياتها بشكل طبيعي إلى أقصى قدر يمكن أن يتوقعه الواحد منا، فهي تقرأ وتشارك في وسائل التواصل الاجتماعي، وتحاول الخروج عندما تستطيع، لكنها لم تستسلم وهذا الأهم. أقول هذا وأنا أتعلم من المقطع الذي شاهدته، كيف يضع الله الصبر في القلوب، ويجعلها تباشر علاج الجروح والآلام، فتصبح خلود صديقة الصبر على حد تعبيرها.
المرض الذي تعانيه جعلها تعتمد على جهاز تنفس اصطناعي، وهو يبقيها في السرير أغلب فترات النهار، لكنه لا يؤثر في عزيمتها ورغبتها في أن تكون مفيدة، وأن تستفيد من كل الفرص المتاحة لها للعلم والسعادة والتفاعل مع كل من حولها.
يستغرب أحد كبار الأطباء العلاقة الحميمة التي تربط خلود بكل من حولها، هو حديث تعيين في المستشفى، لكنه يرى من الحب والتفاهم والتعاون كما كبيرا يجعله يؤكد أن القلوب جنود مجندة، وما دامت هذه الفتاة واجهت حياتها بهذه القوة على مدى أكثر من عقدين من الزمان، فحُق لها أن تفوز بلقب الصابرة، وحُق لمن حولها أن يكونوا ملائكة الرحمة، كما يسميهم من يتعامل معهم، ويرى ما يعيشونه من تفاعل ومساعدة لمن يحتاج إليهم.
تستحق هذه النماذج الرائعة الاهتمام والتقدير من قِبل الجميع، وليس أقل من أن ترعاهم جمعيات النفع العام، وتعرّف بهم وبإنجازاتهم؛ لنعيد إلى المجتمع قيم التواد والتراحم والتفاهم، التي ربما يكون البعض قد أعرض عنها بسبب الانشغال بالحياة بعيدا عن التفاعل مع من حوله.

إنشرها