Author

صحافة بلا ورق

|

شهد عام 2018 توقف صحف ورقية عالمية وعربية، وسنشهد خلال 2019 غياب أسماء لافتة في الصحف الورقية.
بالنسبة إلى من هو في سني الأمر مؤسف؛ إذ رغم أنني أمضيت سنوات في الصحافة الإلكترونية، لكن هذا لا يمنع من الانحياز إلى الصحافة الورقية بأحبارها ونشوة تقليب صفحاتها.
وعندما أقرأ نعيا لصحيفة ورقية، أشعر كأنني أودع صديقا ونديما يصعب تعويضه.
لدي يقين أنه كان بالإمكان إعطاء الصحافة الورقية المحلية مزيدا من الوقت، لو أن مؤسساتنا الصحافية تنبهت لتوفير استثمارات تحقق استمرارية الصحافة الورقية.
الرهان الواقعي هو على صحافة الـ"ديجيتال"، وهذه عوائدها ضئيلة، ونحتاج إلى الاستفادة من التجارب العالمية، وعدم الركون إلى الخبرات العربية المحدودة في مجال الصحافة الإلكترونية؛ إذ إن فاقد الشيء لا يعطيه.
ولكننا في المملكة والخليج العربي نعيش أزمة أخرى تتمثل في هجرة الصحافيين من الصحافة التقليدية إلى منصات إعلامية أخرى، وهذا يزيد من العبء على الصحافة الاحترافية، ويؤثر في جودة المحتوى.
وقد بادرت الصحافة الكويتية - على سبيل المثال - إلى اتخاذ قرار بالاحتجاب يوما في الأسبوع، وترددت أنباء عن توجه صحف قوية قريبا إلى الاكتفاء بالـ"ديجيتال".
وأصدقكم القول إنني لا أتصور عدم وجود صحيفة نقلب صفحاتها في الكوفي شوب أو الطائرة أو سواها من الأماكن.
ومن المؤسف أن هذا الوداع المؤلم يشبه حالة طلاق دون رجعة، فقد اكتوت المؤسسات الصحافية العالمية والعربية بجمرة الخسائر الناجمة عن انحسار الإعلان.
ولا شك أن التلفزيون بشكله التقليدي يواجه المأزق نفسه، خاصة مع انتشار شبكات المشاهدة العالمية، التي توفر خيارات بسعر زهيد، وبمرونة عالية في المشاهدة.
تحديات سوق الإعلام ضخمة، والصمود فيها للمحتوى الاحترافي وللتقنيات المتجددة. الاستسهال في التعامل مع المحتوى الاحترافي، والاتكال على غير المختصين في الإعلام، نتائجه مكلفة. تغيب الصحافة الورقية ويبقى الصحافي المحترف عنصرا لا يجوز التفريط فيه.

إنشرها