Author

التنمية الريفية وربطها بالخريطة الاقتصادية

|


الاقتصاد الريفي يمثل حصة لا يمكن تجاهل أهميتها على مستوى الخريطة الاقتصادية في أي بلد. تعتبر برامج التنمية الريفية ضمن أهم أدوات تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديا، وزيادة مساهمتها في الناتج المحلي، إضافة إلى معالجة اختلال التوزيع الجغرافي للسكان، وعدالة التوزيع للثروة الوطنية؛ لأنها تحد من الفقر، وتعالج مشاكل الهجرة المفرطة إلى المدن؛ ما قد يؤدي إلى فشل منظومة المساكن، وحيازة الأراضي في المناطق الحضرية؛ لاختلال العرض والطلب العام، إضافة إلى فقدان الهوية الريفية. أما على المستوى الاستراتيجي، فتحسن سلسلة القيمة المحلية، وضمان الأمن الغذائي على الصعيد الوطني، وتحسن القدرة التنافسية الزراعية، وتزيد معدلات فرص العمل والاستثمار المحلي.
ولعل مضامين خطاب الملك سلمان بمناسبة تدشينه أكبر برنامج تنمية ريفية زراعية بقيمة 11.75 مليار ريال، باعتباره من أهم المشاريع الاقتصادية الحيوية، وافتخاره بالكفاءات الوطنية السعودية، يعكس مدى ما تُسيِّر المملكة من خطط لتحقيق مفهوم التنمية الشاملة، التي تدعم توجهات الوطن نحو تحقيق الاستراتيجية الاقتصادية من تصدير كل المنتجات التجارية، وتحقيق الأمن والاستقرار للمواطنين، ويعكس مدى اهتمام الدولة بتحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع المطلوبة، وهذا ما ركز عليه الملك سلمان في خطابه.
إن تداعيات اتجاهات انتقال مواطني أي بلد من الريف إلى المدن من دون توافر العناصر الهيكلية الكاملة، مثل: الوظائف الكافية، والمساكن الملائمة في حدود الأجور العامة والخدمات العامة؛ ستؤثر في مستوى الرفاهية العام وسعادة الناس، وقد تؤدي إلى تشابك كثير من المسائل التنموية على صانع القرار الاقتصادي في معالجة التحديات الاقتصادية.
وزارة البيئة والمياه والزراعة تطلق أهم مشروع استراتيجي في التنمية الريفية الزراعية بميزانية تقدر بـ 11.7 مليار ريال على مدى سبع سنوات، يستهدف توفير 19 في المائة من الاحتياجات الغذائية من المحاصيل ذات الميزة النسبية لمناطق المملكة المختلفة، مثل: البن العربي، والعسل، والورد، والتين، والعنب، والماشية، والاستزراع السمكي، والصيد البحري.
يستهدف البرنامج زيادة معدل إنتاج البن من 800 طن إلى سبعة آلاف طن عام 2025، إضافة إلى رفع معدلات إنتاج الثروة الحيوانية من المواشي لتقليص حجم العجز من اللحوم؛ إذ لا تتجاوز حصة مشاركة المواشي المحلية 25 في المائة من حجم الطلب الكلي للمملكة، وغيرها من المستهدفات في برنامج التنمية الريفية.
وبالعودة إلى استعراض أهمية التنمية الريفية، يمكن أن تتطور برامج تمكين المجتمعات المحلية في الجوانب الاقتصادية، إلى إطلاق برامج إقراض زراعية متخصصة، تدعم قيام شركات صغيرة لرواد الأعمال، وإطلاق برامج تكميلية مع جهات تمويل أخرى في الصناعة الغذائية والإسكان والتعليم العالي والمهني المتخصص في المجالين الغذائي والزراعي، وغيرها من السياسات والبرامج المتخصصة في مجال تنمية المناطق اقتصاديا.
نمو إنتاجية الأرياف في جميع مناطق المملكة سيسهم في إعادة توزيع حركة الإنتاجية الزراعية على أساس المكان والميزة النسبية، وهذا الأمر سيكون نواة لإعادة تشكيل حركة انتقال المواطن للبحث عن فرصة عمل في المدن، إلى البحث عن إيجاد الثروة من الإنتاج الزراعي أو سلسلة الصناعات المحلية المتعلقة بالزراعة والثروة الحيوانية، ولا سيما أن جزءا من ميزانية البرنامج يستهدف البنية الزراعية الأساسية.
ظهور التنمية الريفية على الخريطة الاقتصادية الوطنية يعتبر مؤشرا اقتصاديا على أن برامج "رؤية 2030" تسير في الاتجاه الصحيح، وتؤدي برامجها التنفيذية بشكل فاعل إلى إعادة هيكلة الاقتصاد تكامليا.

إنشرها