Author

مهنية «الهيئة»

|

شاهدت الأرقام الجديدة التي نشرتها "هيئة المهندسين"، التي تؤكد زيادة نسب تمثيل المهندسين السعوديين في الهيئة بعد خروج أكثر من 19 ألف مهندس أجنبي من قوائمها بعد تحديد خمس سنوات كحد أدنى لقبول التعاقد مع المهندس الأجنبي.
زيادة نسبة المهندسين السعوديين لا تعني السيطرة الكاملة على سوق العمل في المجال الهندسي، فلا يزال المهندسون الأجانب يمثلون 81 في المائة من تعداد المهندسين العاملين في المملكة، هذه السيطرة في طريقها إلى الانخفاض، لكنها يمكن أن تنخفض فورا عندما تستطيع الهيئة أن تكون أكثر جاذبية للمهندسين غير المسجلين فيها.
تكمن عملية الزيادة التي ذكرتها الهيئة في إحصائها في مجموعة النقاط التي دفعت بالأرقام إلى الأعلى، ومن أهمها السماح لتقنيي الهندسة بالتسجيل كمهندسين في الهيئة، وهو أمر لم يكن يحدث في السابق. أزعم أن للتقنيين منظمات تخصهم، وتهتم بتطوير ودعم مهاراتهم ومعرفتهم في أغلب دول العالم. هنا لا بد أن نتذكر أن الانضمام للهيئة يجب أن يكون فاتحا لباب المعرفة وتطوير الذات والقدرات، وما دامت الهيئة سمحت لنفسها بتمثيل مجالين مختلفين، فهي ملزمة بأن توفر للتقنيين ما توفره للمهندسين من الخدمات والمؤتمرات ودعم البحوث والابتعاث والتوظيف، وهذا ما يتوقعه من ينضم إلى هيئة مثل هذه.
وما دام الشيء بالشيء يذكر، نحن في حاجة إلى مزيد من التخصص للهيئات الهندسية، وذلك بسبب الحجم المتوقع للعمل في المملكة، وارتفاع أعداد المشتركين واختلاف تخصصاتهم. فبدلا من ضم أكثر من مجال للهيئة، يفترض أن تنقسم الهيئة إلى مجموعة هيئات تهتم بالفروع، كالكيمياء والكهرباء والعمارة، وغيرها من التخصصات الهندسية الدقيقة، وفي هذا العمل ترسيخ للتخصص والدقة في التعامل وتطوير للمنتجات وتركيز احترافي على المهن المتماثلة كوسيلة لتقريب الممارسين وضمان الاحترافية العالية في كل مجال، ولئن سألت كثيرا من مهندسي البلاد فستجدهم بعيدين عن الهيئة لأسباب كثيرة، أهمها الابتعاد عن الاحترافية، التي يمثلها عمل الهيئة كجهة متخصصة في دعم واحد من أهم عناصر التطور في البلاد.
نعود إلى قضية مهمة، وهي عضوية هذه الهيئات، التي تفتقد كثيرا من أصحاب القرار والمؤثرين في المجتمع، كونها مرتبطة بالجامعات في بداياتها وعدم قدرتها على الخروج من تلك السيطرة، ولو تخيلنا تبني الهيئة من قبل الشركات الهندسية الكبرى في المملكة، كأرامكو، وسابك، والكهرباء، فكيف تتوقعون أن يكون مستقبل هذه الهيئة؟ سؤال يهمني أن يسأله كل المنتمين للهيئة نفسها أو تسأله الهيئة في مؤتمرها المقبل.

إنشرها