استراتيجية التنوع الناجح في الشركات

جاءت الأخبار من مسقط رأسي هولندا محبطة هذا الشهر فيما يتعلق بالتمييز بين الجنسين، حيث انخفضت نسبة تمثيل المرأة في مجلس الإدارة بالشركات الهولندية المدرجة في بورصة يورونكست قليلا لتصبح 7.1 بعد أن وصلت 7.8 في المائة. ولحسن الحظ ارتفعت نسبة أعضاء مجلس الإدارة من غير التنفيذيين من 21 إلى 23 في المائة، ولكن هل لا يزال الطريق طويلا أمام الشركات الهولندية لتصل النسبة إلى 30 في المائة أو تتعدى 40 في المائة بحسب أهداف الاتحاد الأوروبي.
صوتت الحكومة في هولندا ضد مبدأ الحصص وأعطت الشركات فرصة للوصول بنسبة تمثيل المرأة وأعضاء مجلس الإدارة من غير التنفيذيين إلى 20 في المائة بحلول عام 2019، وإلى 30 في المائة بحلول عام 2024. وستتم إعادة النظر في مبدأ الحصص في حال عجزت الشركات عن تحقيق ذلك. وعلى ما يبدو حان الوقت للعمل بشكل جدي.
لطالما جسدت خلال حياتي المهنية هذا التنوع بشكل تلقائي، فخلال عملي مستشارة، كنت الأنثى الهولندية الوحيدة ضمن أكثر من 100 زميل عمل من الرجال، وغالبا ما كان عملائي من الرجال فقط. وكعضو مجلس رقابي، كنت في كثير من الأحيان المرأة الوحيدة، إضافة إلى كون نسبة تمثيل الأساتذة من النساء في كلية إنسياد ليست كما ينبغي أن يكون عليه الأمر. ليس من المفاجئ أني شاركت خلال سنوات عملي مستشارة وعضو مجلس إدارة، في عديد من المبادرات، التي تنادي بالتنوع بين الجنسين. عادة ما تكون البداية جيدة ولكن سرعان ما تنطفئ شعلتها بعد سنوات قليلة، خاصة في حالات انكماش الاقتصاد. على ما يبدو أننا لا نزال ندور في حلقات مفرغة.
هل سيكون ذلك سببا للتخلي عن الأمر برمته؟ وهل المشكلة بالغة التعقيد، ولا تساعد النوايا الحسنة في حلها؟ كيف تستطيع شركات مثل وولترز كلوير، الشركة الهولندية الوحيدة التي تصل نسبة تمثيل المرأة فيها إلى أكثر من 50 في المائة بمجلس الإدارة، والنجاح بوجود تمثيل عال للعنصر النسائي في إدارتها، بينما يعجز البعض الآخر؟
الخطوة الأولى لتحقيق التنوع في الشركات، تتطلب تقبل الإدارة العليا لفكرة أن التنوع في جميع أشكاله (الجنس، الميول الجنسية والدين والجنسية) يعود بمنافع ملموسة على الشركة. فالمبادئ الأخلاقية مثل أحقية إعطاء الجميع فرصا متساوية له أثر إيجابي، ولكنها ليست كافية لدفع الشركة إلى الأمام. لذا يجب أن يكون هناك قناعة حقيقية عند الإدارة بأن التنوع يساعد على اكتشاف المواهب بشكل أوسع، يقود في نهاية المطاف إلى تحسين آلية اتخاذ القرار وإلى ثقافة عمل صحية. وعلى الرغم من إثبات فوائد التنوع بشكل علمي، تبقى المشكلة في كونه يحتاج إلى الوقت كي يؤتي ثماره، في حين يتطلب مزيدا من الجهد والمخاطرة على المدى القصير. الشجاعة هي الخطوة الثانية، ليس من السهل العثور على المواهب المتنوعة. فغالبا ما تقع الشركات في خطأ البحث عن الأشخاص المختلفين ظاهريا بدلا من فطريا. على سبيل المثال ممكن أن يكون الشخص المرشح للوظيفة امرأة ولكن المتوقع منها أداء المهام بأسلوب مماثل للرجل. فاكتشاف المواهب النسائية لا يكون بالنظر إلى المعايير المعتادة. وتحتاج الشركات إلى إعادة النظر في معايير التقييم والقيام بعملية البحث بترو، وأن تحول انتباهها على سبيل المثال، إلى شركات ابتكارية أصغر، أو الخدمات المهنية أو الاقتصادات الناشئة.
الجانب الثالث الذي غالبا ما يتم إغفاله، هو الإصرار على اتباع الأسلوب النمطي. الإيمان والشجاعة والاحتواء ليست بالتحديات السهلة، ويجب أن تأتي من داخل الشركة في المقام الأول. هل يعني ذلك عدم مواجهة ضغوط خارجية؟ يعزى حذر عديد من الشركات للتحديات الملموسة للتنوع على المدى القصير، فيما تبدو الفوائد بعيدة على المدى المتوسط. من المخجل ذلك كون التنوع ليس هدفا بحد ذاته، ولكنه شرط أساسي للقدرة على المنافسة في الاقتصاد العالمي على المدى الطويل فقد تكون بعض الضغوط بسبب مبدأ الحصص أو خلافها. كما أظهرت التجربة الهولندية: الأهداف النبيلة وحدها لا تكفي.

المزيد من الرأي