سهام السياسيين تتساقط على البنوك المركزية من كل جانب

سهام السياسيين تتساقط على البنوك المركزية من كل جانب
سهام السياسيين تتساقط على البنوك المركزية من كل جانب
سهام السياسيين تتساقط على البنوك المركزية من كل جانب
سهام السياسيين تتساقط على البنوك المركزية من كل جانب

القبيلة التكنوقراطية لمسؤولي البنوك المركزية تواجه تدقيقا سياسيا مكثفا لم يسبق له مثيل منذ عقود.
الرئيس دونالد ترمب صعّد حربه الكلامية ضد الاحتياطي الفيدرالي، متهما إياه بأنه "أصيب بالجنون" عندما رفع أسعار الفائدة، وعبر عن ندمه بشكل علني على اختيار جاي باول رئيسا له.
بنك الاحتياطي الهندي يخضع هو الآخر لضغوط مكثفة لتخفيف شروط الإقراض، وفي الوقت نفسه تعاركت هنجاريا مع الاتحاد الأوروبي بسبب إجراءات تؤثر في استقلال بنكها المركزي. الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، هز ثقة السوق ببلاده من خلال الضغط على البنك المركزي لإبقاء معدلات الفائدة منخفضة.
حتى إن العلاقة الأخوية العادية بين مصرفيي البنوك المركزية بدأت في التفكك بسبب ميرفن كينج، محافظ بنك إنجلترا السابق، الذي اتهم خليفته، مارك كارني، بالخضوع "بدون داع" لرغبات الحكومة البريطانية فيما يخص "بريكست".
شارلي بين، نائب المحافظ السابق لكلا الرجلين، قال "إن الأسئلة حول استقلال البنوك المركزية لن تختفي نظرا إلى نطاق سلطتها في مجالات مثيرة للجدل سياسيا". وأضاف "في المستقبل سيكون هذا المجال مشحونا أكثر مما كان عليه في الماضي".
من المرجح أن يكون مصرفيو البنوك المركزية غير متحمسين لمثل هذه التحديات بعد عقد من الزمن نما فيه نفوذهم بسبب الدور الحاسم للسياسة النقدية في الاستجابة للأزمة المالية. لكن في حين إنهم في قلب العاصفة السياسية في بلدان مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إلا أن الخطر الاقتصادي أكبر في الأسواق الناشئة، حيث المؤسسات غالبا ما تكون أضعف، وحيث من المرجح أن تهرب الأموال من البلاد.
الأمر الذي على المحك هو الاتجاه العام ـ الذي تسارعت وتيرته في التسعينيات ـ لمنح البنوك المركزية الاستقلالية لكي تتولى إدارة السياسة النقدية.
معظم الأبحاث تشير إلى أن البنوك نجحت في تحديد أسعار الفائدة من أجل تسهيل الدورة الاقتصادية. وبفعلها ذلك استطاعت أن تحد من تقلبات التضخم دون إلحاق ضرر بالأداء الاقتصادي – رغم أنها فشلت بشكل واضح في منع حدوث الأزمة المالية.
لكن في أعقاب الأزمة، استخدام البنوك المركزية الغربية مجموعة واسعة من الأدوات والصلاحيات الجديدة في مجالات مثل الاستقرار المالي، أدى إلى إدراك السياسيين مدى قوة هذه الهيئات التكنوقراطية.
في الأعوام الأخيرة حدثت موجة اشتباكات قد تكون لها عواقب خطيرة، وفقا لكريستينا بوديا، الأستاذة المشاركة في جامعة ولاية ميتشجان، التي درست هذه المسألة. قالت "إن الخلافات الكبيرة بين البنك المركزي والحكومة "..." تثير شكوكا حول آفاق البلاد في المستقبل" يمكن أن تظهر في تصنيفاتها الائتمانية وفي تكلفة الاقتراض اللاحقة.
فريدريك ميشكين، المحافظ السابق في الاحتياطي الفيدرالي والآن أستاذ في جامعة كولومبيا، شدد على أن الاتجاه العام في الاقتصادات المتقدمة والناشئة لا يزال يتجه نحو الاستقلال بشكل أكثر، وليس أقل. ومن الواضح أن التحول ـ باستثناء تركيا حيث انخفضت الليرة مقابل الدولار هذا العام ـ نحو سيطرة حكومية أكبر هو "أمر سيئ للغاية بالنسبة إلى الاقتصاد".
مع ذلك، وجهة النظر القائلة إن الاستقلال الأكبر دائما يكون أفضل هي أيضا موضع شك في قمة المهنة.
راجورام راجان، المحافظ السابق لبنك الاحتياطي الهندي، وهو الآن أستاذ في كلية بوث في جامعة شيكاغو، قال "أعتقد أنه كمجتمع، ينبغي لنا تحدي "مسؤولي البنوك المركزية" وللديمقراطية الحق في السؤال عما يفعلونه، ولماذا".
يعتقد راجان أن زيادة التدخل السياسي أمر لا مفر منه. قال "الحركة السياسية كلها مناهضة للمؤسسة ولن تحصل على مؤسسات أكبر من البنك المركزي".
وما إذا كانت هذه العلاقة الجديدة بين السياسيين والمصرفيين المركزيين هي علاقة ضارة فهذا يعتمد على الظروف الفردية للبلدان المختلفة.
في الولايات المتحدة، مطالب ترمب بسياسة نقدية سهلة شكلت انتهاكا عنيفا غير مسبوق. جميع أسلافه الأخيرين من الرؤساء التزموا الصمت بشأن قرارات البنك المركزي. التدخلات السابقة في عهد كل من رونالد ريجان وجورج بوش الأب كانت إلى حد كبير "ولكن ليس بشكل تام" سرية.
يشعر بعض مخضرمي الاحتياطي الفيدرالي بقلق عميق بسبب ما يرونه. جانيت ييلين، التي انتهت فترتها في رئاسة الاحتياطي الفيدرالي في بداية هذا العام، قالت لـ "فاينانشيال تايمز"، "في تشرين الأول (أكتوبر) إذا بدأ الناس يفقدون الثقة بالاحتياطي الفيدرالي، فإن هذا قد يؤدي إلى أن يتخذ الكونجرس إجراءات لكبح جماح البنك المركزي".
لكن حتى يومنا هذا، ما زالت قصة علاقة ترمب المشحونة مع الاحتياطي الفيدرالي معقدة. دون كون، وهو نائب سابق لرئيس الاحتياطي الفيدرالي يعمل الآن في المؤسسة الفكرية "بروكينجز"، لا يرى "دليلا" يثبت سعي إدارة ترمب إلى استخدام سلطتها في تعيينات مجلس إدارة الاحتياطي الفيدرالي لدفع القرارات في اتجاه معين.
قال "هذا أمر مختلف عما حدث في إدارة ريجان – عندما تم تعيين مجموعة من الأشخاص الذين خفضوا أسعار الفائدة ضد رغبة بول فولكر (رئيس الاحتياطي الفيدرالي آنذاك)".
ويليام بويتر، المستشار الاقتصادي الخاص لـ "سيتي جروب"، يعتقد أن تصرفات الرئيس الأمريكي توضح خلفيته بوصفه أحد أقطاب العقارات وتفضيله الطبيعي لأسعار فائدة منخفضة.
قال بويتر "حقيقة أنه يتكلم بعفوية علنا بشأن سياسة أسعار الفائدة تعتبر أمرا غير مألوف في الولايات المتحدة، لكنها أمر شائع جدا في منطقة اليورو. إنها دلالة على شخصية ترمب وليس على أي تطورات اجتماعية وسياسية أعمق".
وفي حين إن الهجمات لا تجعل الحياة سهلة بالنسبة إلى الاحتياطي الفيدرالي، إلا أن جيسون فورمان، وهو رئيس سابق لمجلس المستشارين الاقتصاديين في إدارة باراك أوباما، قال "إنه يتوقع أن البنك المركزي سيتجاهلها. الاحتياطي الفيدرالي مليء بالموظفين المحترفين الذين لا يهتمون مطلقا بهذا الضجيج".
في بلدان أخرى، قال بويتر "إن الأمور أكثر خطورة"، معتبرا الضغط الحكومي على بنك الاحتياطي الهندي مثالا رئيسيا للتوتر.
بحسب إسوار براساد، من معهد بروكينجز، الاستقلال التشغيلي للبنك المركزي الهندي تضرر بشكل كبير من الهجمات المتضافرة من قِبل حكومة ناريندرا مودي. وقال "دائما ما يكون "البنك" في وضع خطر حتى في مسائل السياسة النقدية والتنظيم المصرفي. هذا الخطر قد يزيد بسبب كلمات الحكومة القاسية والإجراءات المتعسفة".
ربما يسعى مسؤولو البنوك المركزية إلى الرد عن طريق تكثيف الجهود لتبرير سياساتهم وصلاحياتهم للناخبين. قال راجان "إن هذا كان ضروريا عندما كان مسؤولا عن بنك الاحتياطي الهندي. كان عليّ تبرير ما كنا نفعله".

الأكثر قراءة