علبة أحذية «أمازون» تنافس السيارات الذاتية
"أمازون" هي أحدث شركة تكنولوجيا لتجريب السيارات ذاتية القيادة، ولكن بخلاف سيارة وايمو من شركة ألفابت أو "زوكس" الناشئة، التي تحاول استبدال سيارات الركاب، فإن الشركة التي مقرها سياتل لديها سيارة اختبار بحجم علبة الأحذية.
في مؤتمرها السنوي للحوسبة السحابية الأسبوع الماضي، كشفت شركة أمازون عن ديب ريسر DeepRacer، وهي سيارة مصغرة بمقياس 1 إلى 18، يستطيع المطورون تعليمها القيادة باستخدام نماذج التعلم الآلي والتنافس ضد السيارات الأخرى، في دوري سباق للسيارات ذاتية القيادة تم إنشاؤه حديثًا.
قد تبدو هذه السيارة التي بحجم لعبة، والتي تبيعها "أمازون" على الإنترنت مقابل 399 دولارا، وكأنها مناسبة غريبة للحدث الذي يقام في لاس فيجاس، الذي كان مليئاً بإعلانات المنتجات عن رقائق المعالجات الجديدة، وخدمات سلسلة التكتل، وميزات تخزين البيانات.
أندي جاسي، الرئيس التنفيذي لشركة أمازون لخدمات الويب، وهي الوحدة السحابية التي تبلغ قيمتها 27 مليار دولار، يقول إن سيارة ديب ريسر DeepRacer تجسد الهدف المتمثل في أن نجعل تكنولوجيا التعلم الآلي قابلة للتعامل معها.
تتيح اللعبة للمطورين تنفيذ محاولتهم الأولى في التعلم التعزيزي، وهي عملية تستخدم التجربة والخطأ والمكافآت لتدريب البرامج لإتقان المهام المعقدة.
كانت واحدة من أكثر من اثنتي عشرة أداة وخدمة للتعلم الآلي أطلقتها وحدة أمازون لخدمات الويب الأسبوع الماضي، وتعهدت بجعل التكنولوجيا أرخص وأسهل على العملاء من حيث الاستخدام.
وقال في مقابلة مع صحيفة فاينانشيال تايمز: "إذا كنت تريد حقاً أن يكون تعلّم الآلة منتشرا على نطاق واسع عبر الشركات، فعليك أن تجد طريقة تسمح لمطوّري البرامج اليومية ببناء نماذج للتعلم الآلي ووضعها في الإنتاج".
"أردنا أن نجعل ذلك سهلاً على مطوري البرامج للاستفادة منه؛ لأن هذا الابتكار سيحدث.. قلنا، كيف سيحصلون على خبرة عملية ويحاولون تجربة ذلك فعلا؟".
استهداف ملايين العملاء
تتوقع شركة أمازون أن أعمالها في التعلم الآلي والذكاء الاصطناعي ستكسب ملايين العملاء في السنوات المقبلة، من عشرات الآلاف اليوم، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بدمج أدوات مثل التعرف على الوجه ومعالجة اللغات والتنبؤ ونماذج التعلم العميق في جميع مجالات أعمالهم، وذلك بحسب ما قاله جاسي.
وأضاف: "ما رأيناه قبل 18 شهراً هو أن كل محادثة أجريناها مع الشركات كان منها جزء مدته 15 دقيقة على الأقل؛ حيث كانوا يسألون، ’كيف يمكنني البدء في استخدام التعلم الآلي في عملي؟‘".
"لا أعرف ما إذا كان ذلك سيتحقق بعد ثلاث سنوات من الآن أو بعد خمس سنوات من الآن أو بعد 10 سنوات من الآن. . . لكن سيكون لدى الغالبية العظمى من التطبيقات تعلم آلي وذكاء اصطناعي يحركها".
سيؤدي النمو المتوقع لهذه الخدمات إلى تغذية الطلب على تخزين البيانات وتحليلها واستخدام طاقة الحوسبة - وهي الخدمات الأساسية التي ساعدت على دفع وحدة أمازون لخدمات الويب إلى حصة سوقية مهيمنة في سوق الحوسبة السحابية.
وقال جاسي: "جميع هذه التطبيقات، لديها جميعا البيانات، ولديها جميعا التخزين، ولديها جميعا الأمن، ولديها جميعا حوسبة مرتبطة بها.. "التعلم الآلي يقود كل اللبنات الأساسية".
تجربة التعلم الآلي في شركة أمازون هي دلالة على الطريقة التي تتطور بها المنافسة المتقدمة للغاية في سوق السحابة، التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات من أعمالها الأصلية لمراكز البيانات، التي تؤجر التخزين والقدرة الحاسوبية.
وفي الوقت الذي تسعى فيه شركة أمازون إلى البقاء متقدمة على الشركتين المنافستين لها؛ أي مايكروسوفت وجوجل، فإن شركة أمازون تحاول أن تلجأ إلى المطورين والشركات التي لا تملك موارد أو رغبة لتطوير التعلم الآلي الأساسي وتكنولوجيات الذكاء الاصطناعي بنفسها.
وقال دانيال آيفز، محلل الأسهم لدى شركة ويدبوش للأوراق المالية: "هذا يمثل من سيفوز في المرحلة التالية من السحابة؛ لأن المطورين هم الذين يحتفظون حقا بالورقة الرابحة. وفي الوقت الذي يتم فيه إدماج مزيد من التطبيقات ومزيد من التكنولوجيا في السحابة، فهذا يمثل حافزا كبيرا لجذب مزيد من الشركات إلى السحابة".
الحوسبة السحابية تعزز الهوامش
يعمل قسم أمازون لخدمات الويب البالغ من العمر 12 عامًا على دفع تحوُّل شركة أمازون من متجر البيع بالتجزئة غير المربح إلى إحدى الشركات العامة الأكثر قيمة في العالم.
توسعت إيرادات هذا القسم 48 في المائة لتصل إلى 18.2 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام مقارنة بالفترة نفسها من عام 2017.
وقد نجح هذا القسم في زيادة هوامش شركة أمازون التي كانت هزيلة في السابق، حيث شكلت نحو 60 في المائة من أرباح التشغيل التي بلغت 8.6 مليار دولار في شركة أمازون في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام، حتى إن كانت قد أسهمت بـ 11 في المائة من إجمالي الإيرادات.
لطالما كان هذا القسم رائدا في سوق السحابة، وذلك بفضل التحركات المبكرة إلى البنية التحتية للتخزين والحوسبة.
يقدر محللو جيفريز أن قسم أمازون لخدمات الشبكة يمتلك اليوم حصة في السوق تبلغ 65 في المائة مقارنة بـ25 في المائة لشركة مايكروسوفت و10 في المائة لشركة جوجل. ويتوقعون أن تصل عائدات هذا القسم إلى 71 مليار دولار بحلول عام 2022، ما يجعل قيمة القسم تبلغ نحو 350 مليار دولار.
من المتوقع أن تنمو سوق السحابة العامة في العالم إلى 278 مليار دولار عام 2021 من 176 مليار دولار اليوم، وفقا لوكالة جارتنر، ما يُعَد بشكل أساسي علامة على الفرصة الهائلة، في الوقت الذي تقوم فيه الشركات بترحيل بياناتها وكثير من وظائف الأعمال.
خدمات التعلم الآلي القائمة على السحابة هي فرصة أكثر تنافسية للاستيلاء على المجالات المختلفة، كما يقول المحللون، في الوقت الذي تستخدم فيه شركتا مايكروسوفت وجوجل خبرتهما في بناء التطبيقات وتطوير الذكاء الاصطناعي، من أجل اللحاق والوصول إلى مستوى قسم أمازون لخدمات الشبكة.
وقال براندون بيرسيل، المحلل في وكالة فورستر، إن التعلم الآلي سيصبح "عامل التمييز" بالنسبة للصناعات مثل الرعاية الصحية والخدمات المالية التي بدأت في استيعاب السحابة بعد سنوات من المقاومة. تسعى شركة أمازون وراء الشركات في هذه المجالات من خلال عروض جديدة مثل كومريهند ميديكال Comprehend Medical، وهو برنامج يمكنه قراءة وتحليل السجلات الطبية.
وقال بيرسيل: "على المدى القصير إلى المتوسط ، ستستمر الإيرادات من خدمات التعلم الآلي في النمو، ولكن من المحتمل أن تظل نسبة أقل من إيرادات قسم أمازون لخدمات الشبكة الإجمالية. نتوقع أن يعمل التعلم الآلي بشكل أقرب إلى كونه الجيل الرائد في قسم خدمات الشبكة في الوقت الحالي."
"نحن لا نزال في الأيام الأولى" للتعلم الآلي
قال جاسي إننا "لا نزال في الأيام الأولى" في الانتقال إلى السحابة وفي فرصة السوق لشركة أمازون في نهاية المطاف.
وقال: "القسم يحقق معدل تشغيل بقيمة 27 مليار دولار وينمو 46 في المائة على أساس سنوي، ومع ذلك أعتقد أننا لا نزال في المراحل المبكرة من تحقيق دسم الشركات واعتماد القطاع العام في الولايات المتحدة".
ومع ذلك، يقول زبائن قسم أمازون لخدمات الشبكة إن التعلم الآلي له منذ الآن تأثير على أعمالهم.
شركة كوكس أوتوموتيف التي تبيع الخدمات لوكلاء السيارات، تستخدم التعلم الآلي لإعلام الوكلاء والمتسوقين عندما يكون من المرجح رواج نموذج معين.
ساعدت تلك المعلومات الوكلاء على توفير المال من الإعلانات من خلال معرفة الوقت بدقة أكبر لاستهداف الإعلانات، حسبما قال بريان لاندرمان، كبير الإداريين للتكنولوجيا في الشركة.
تعتزم الشركة استخدام خدمة التعرف على الأحرف البصرية الجديدة التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع لإجراء مسح لتصوير المعلومات بسرعة من صكوك الملكية، وهي مهمة يتم تنفيذها حاليًا يدويًا.
قال لاندرمان: "نحن نرى ميزة كبيرة من خلال تطبيق التعلم الآلي لتقليل كمية الجهد اليدوي المطلوب للحصول على البيانات الصحيحة".