Author

حراك سعودي استراتيجي في قمة الكبار

|
تنعقد القمة الحالية لمجموعة العشرين، وسط أجواء متوترة على الساحة التجارية (تحديدا) العالمية، لكنها (أي المجموعة) هي التي باتت منذ عشر سنوات تتخذ زمام المبادرة على الساحة العالمية، ولذلك يتطلع العالم إليها ككيان محوري ليس فقط للحاضر، بل للمستقبل. والمملكة عضو مؤسس لهذه المجموعة، وتقوم بدور رئيس فيها، في حين اعترفت دول مجموعة العشرين كلها قبل عامين، بأن السعودية تتصدر قائمة البلدان الأكثر التزاما بتعهداتها المحلية والعالمية، وأنها تتبع سياسة تصب في مصلحة الاقتصاد العالمي، سواء من خلال المواقف الاقتصادية الضرورية، أو عبر موازنتها للسوق النفطية العالمية، بحيث تظل الإمدادات انسيابية، وفي الوقت نفسه تبقى الأسعار مقبولة لكل الأطراف. ترؤس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وفد المملكة لهذه القمة، يدعم في الواقع الاستراتيجية السعودية على الساحة العالمية ككل، يضاف إلى ذلك أن علاقة الأمير محمد مع القادة المحوريين في العالم أسهمت في كل المناسبات في دعم التوجهات الثنائية معها، وتلك التي تصب في المصلحة العالمية أيضا. يضاف إلى ذلك بالطبع ما تتمتع به السعودية من وزن عربي وإقليمي ودولي، فضلا عن أن الرياض تنتهج السياسات الهادئة التي تستهدف في الدرجة الأولى مواجهة الأزمات والمشاكل بأقل الأضرار الممكنة، والتخلص من أي تبعات لها. وهذا ما يتطلبه في الواقع الحراك العالمي ككل. ولهذه الأسباب وغيرها تكتسب رئاسة ولي العهد لوفد بلاده أهمية كبيرة. السعودية تشارك في هذه المجموعة التي تسيطر في الواقع على أكثر من 90 في المائة من الناتج العالمي، إذا ما أضفنا كل الاتحاد الأوروبي إلى المجموع الكلي للناتج. ومنذ البداية قدمت سلسلة من السياسات والأفكار والاستراتيجيات التي تصب كلها في مصلحة مسار الاقتصاد العالمي، ولا سيما في أعقاب انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008، وهو العام الذي انطلقت فيه في الواقع مجموعة العشرين. والمملكة تقوم بدورها العالمي من عدة زوايا، في مقدمتها بالطبع أنها أكبر اقتصاد عربي قاطبة، وكونها تمثل المحور الرئيس للعالم العربي، يضاف إلى أنها تمسك بموازين الطاقة العالمية بصور مختلفة، إلى جانب طبعا أهميتها الروحية التي لا تساويها أهمية على وجه الأرض. ولذلك، فقد أسهمت (ولا تزال) في رسم سياسات احتاج إليها العالم في أوقات الأزمات ويحتاج إليها في كل الأوقات بالطبع. وفي العامين الماضيين شهدت المملكة إعادة بناء جديدة للاقتصاد الوطني من خلال "رؤية المملكة 2030" التي يشرف عليها مباشرة ولي العهد الأمير محمد بتكليف من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. وهذه "الرؤية" هي جزء أصيل من حراك اقتصادي محلي الأهداف لكنه عالمي الأطر أيضا، نظرا لما تحتويه من مشاريع وقطاعات ونشاطات وغيرها. ولذلك فإن الاتصالات المباشرة التي يجريها ولي العهد مع قادة مجموعة العشرين، تسهم أيضا في دعم الحراك الاقتصادي السعودي المحلي الراهن الذي ينظر إليه العالم على أنه الأكبر حجما اليوم على الساحة العالمية. المملكة بمشاركتها في قمة العشرين، وحراكها الذي لا يهدأ على ساحات هذه المجموعة خلال المدد الفاصلة بين قمة وأخرى، تقوم بدورها الطبيعي إقليميا وعالميا، وهي بذلك تقدم ما يصلح حقا ويرفد الحراك العالمي بكل آلية ممكنة من أجل المحافظة على الاستقرار ووتيرة النمو هنا وهناك.
إنشرها