الشهرة آخر ما يخرج

صدمني هذا القول الذي بثه زميل، إذ لم أسمع به من قبل حين قال: إن من أمثلة العرب "الشهرة آخر ما يخرج من الرجل الصالح". أمعنت النظر في حال الناس، فوجدت أن حب الشهرة أصبح مرضا يسيطر على تفكير أغلبنا. هذا الهاجس المسيء لتاريخ وفكر متبنيه يدمر إلى حد كبير ما يكون المرء قد أنجزه من عمل حسن.
لعلنا نتحدث هنا عن خطر مشهور في الحديث، وهو يتعلق بالرياء، تلك الخلة الخطيرة التي تجعل صاحبها يدخل ضمن حلقة الشرك المدمرة، إذا كان يفعل ما يفعل من خير وهو يحاول أن يراه الناس فيقولون ما أحسن ما صنع. هذا الأمر مرتبط هو الآخر بحالة النفاق التي يظهر فيها الشخص غير ما يبطن.
التحذير والوعيد الشديد لمن بحث عن رضا الناس، ولم يهتم برضا رب الناس هو ما نحتاج إلى أن نتوقف عنده كلنا، لنبدأ بالتفكير من جديد في أحوالنا، وما يجب علينا أن نستعيده من الخلق القويم المبني على الثقة بالذات، وقبل ذلك الثقة بالله - سبحانه وتعالى. عندما يصبح الواحد في درجة عالية من الثقة بذاته والتصالح معها، يكون أقرب إلى محاولة إرضاء نفسه بما يرفعها عند الله في الآخرة.
الغريب أننا حين نفعل ذلك نحصل بالتالي على ما يبحث عنه كل واحد من القبول والاحترام والتقدير لجهوده من قبل من حوله، مع أن هذه النتيجة غير مضمونة، إلا أنها يجب أن تكون أبعد ما نفكر فيه، بل تكون ضمن المحاذير الذاتية لكل منا. هذا هو في النهاية مفهوم الإيمان الذي يستقر في القلب، فإن فعل صدقته الجوارح.
المجتمعات الحالية تعيش درجات مختلفة من التصالح مع الذات، بل إننا نشاهد بعض المشاهير يسقطون الواحد تلو الآخر في أتون الشهرة التي كانوا يبحثون عنها، ليكتشفوا في النهاية أنها لا تزيدهم إلا تعاسة وفسادا في المعيشة والسلوك والحالة النفسية، التي قد يبدون على غيرها حتى نكتشف أنها أكثر الأشياء تدميرا.
هنا ينطبق على الجميع، ما حذر منه الشارع من الاعتقاد الفاسد بأهمية آراء الآخرين، ليستقر في العقل والجنان الإيمان الحقيقي أن رضا الله هو الأهم، وما دونه ليس إلا خرافة، لا تنفع صاحبها في الدنيا ولا في الآخرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي