«الرؤية» وتحديات الصناعة السعودية

خصصت وثيقة التحول الوطني لـ"الرؤية" بُعدها السابع لطرح مبادرات لتمكين القطاع الخاص. وخلاصة هذا البعد هي عمل كل ما يمكنه أن يسهم في تذليل التحديات والعقبات التي تواجه تنمية القطاع الخاص. ولمواجهة هذه التحديات أهمية قوية بالنظر إلى أهمية الخيار الاستراتيجي للتصنيع، فهو على قائمة خيارات تحقيق التنمية والتطور الاقتصادي. وما من بلد متطور اقتصاديا إلا والتصنيع أساس في تطوره، ومن ثم فإن تنويع القاعدة الصناعية وتعميقها مطلب لا جدال فيه.
وأهم مؤشر ينبغي العمل على تحقيقه هو رفع حصة القطاع الصناعي، غير تكرير النفط، في الناتج المحلي إلى قرابة 20 في المائة؛ أي ضعف المعدل الحالي تقريبا. وهناك هدف رفع نسبة اليد العاملة السعودية، وأهداف أخرى متفرعة من رفع مساهمة القطاع الصناعي.
لكن تحقيق هذا التنويع والتعميق الاستراتيجي وتحقيق 20 في المائة تقريبا، كل ذلك أمامه عقبات وتحديات.
ما أهم هذه التحديات؟

1 - المنافسة:
وقد رأينا كيف أن أمريكا بقوتها الاقتصادية والتقنية والصناعية خاصة، واجهت صعوبات في منافسة الصناعة الصينية وغير الصينية.
طبعا، يقف الدعم الحكومي أو إعانات الصناعة على رأس وسائل مواجهة هذه المنافسة. وليس هناك تعريف محدد جامع مانع لما تعنيه عبارة إعانة صناعية، لكن لنا أن نقول إن الإعانة هي أي مساعدة حكومية، بحيث تسمح للمشتري - المستهلك أو المنتج - بالحصول على السلعة أو الخدمة بسعر أقل من السعر الذي سيتقرر في سوق تنافسية، أو تسمح للمنتج بالحصول على دخل يتجاوز الدخل الممكن الحصول عليه من دون تلك المساعدة.
ولا يشترط أن يكون الحصول على المنفعة الحكومية مباشرا، فإن التنظيمات الحكومية القريبة للقطاع الصناعي "أو أحد قطاعاته الفرعية"، التي لا ترتب على الحكومة نفقات، ولا تفقدها إيرادات، فإن هذه التنظيمات ليست من دون تكلفة، بل هي على حساب طرف أو أطراف أخرى "مستهلك أو مستورد… إلخ"، ولذا تعد إعانة غير مباشرة.
وهناك عدة أنواع للإعانات، لكن بحثها خارج نطاق المقال.
خلاف الإعانات يمكن للدولة دعم الصناعة بطريق غير مباشر، ومن أمثلة ذلك فرض رسوم جمركية، وهذا موضوع طويل. ومن الأمثلة أن تشترط الدولة وشركاتها نسبة ودرجات من المحتوى المحلي لكل متعهد يقدم خدمات للحكومة أو شركاتها بمقابل، بل للدولة أن تخطو خطوات أبعد من ذلك، أن تشترط قدرا من المحتوى الصناعي المحلي على كل من يحصل على مساعدة حكومية أو قرض حكومي. لكن في المقابل، ولكيلا يساء فهم واستغلال هذا الدعم، ينبغي للدولة أن تضع قواعد وضوابط ومعايير، تعرف منها اهتمام المصانع بتحسين منتجاتها، ورفع قدرتها التنافسية.

2 - بيئة الأعمال الصناعية:
هناك تحد في مشكلات البيئة الكلية للأعمال والاستثمار الصناعي. وهنا ينبغي تصميم وتنفيذ السياسات العامة من اقتصادية وغير اقتصادية لزيادة تحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية في القطاع الصناعي، إضافة إلى تحسين السياسات التجارية وسياسات المنافسة في الأسواق. كما تدخل في إطار هذا المحور، منظومة التشريعات والإجراءات التي تخص أو تتأثر بها المنشآت الصناعية.

3 - التجمعات الصناعية وتوازن التنمية:
من التحديات تحقيق التنمية المتوازنة وليس التركيز فقط على المدن الكبرى. ينبغي أن تعمل هذه التنمية على تشجيع تجمعات صناعية خارج نطاق المدن الكبرى. ومدينتا الجبيل وينبع الصناعيتان مثال واضح. وقد دلت تجارب عالمية ناجحة في عملية التصنيع على أن التجمعات الصناعية والتركز الصناعي كانا من أهم مقومات تطور الصناعة؛ حيث تتجمع مختلف الصناعات المرتبطة في إطار جغرافي معين "الصناعات المغذية وأنشطة الإنتاج والتوزيع والخدمات المرتبطة"، بما يضمن خفض التكلفة في الصناعة، وحفز القدرة على الإبداع والتطوير نتيجة الاحتكاك وانتقال المهارات.

4 - نقل التقنية وتوطينها:
من التحديات موضوع توطين التقنية؛ حيث تحتل التقنية دورا حاسما في زيادة الإنتاجية، ما ينعكس بصورة مباشرة على المقدرة التنافسية للمنتجات الصناعية.

5 - التعامل مع تشريعات ومستجدات منظمة التجارة العالمية:
المملكة عضو في منظمة التجارة العالمية، وهذا يعني لزوم التكيف مع قواعد المنظمة، لكن هذا يجر إلى سؤال عن حدود هذا التكيف.

6 - تطوير القوى العاملة السعودية في مجالات صناعية:
تعد مهارات ونوعية القوى العاملة الصناعية من العوامل الحاسمة في إطار تطور التنمية الصناعية والمقدرة التنافسية للصناعات مستقبلا.

7 - تطوير الإدارة الصناعية:
أهمية هذا الجانب واضحة وضوح الشمس، ومن ثم فالحديث عن تحقيقه بأنسب السبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي