الرئيس الصيني: «الحمائية التجارية» تخيم على النمو العالمي

الرئيس الصيني: «الحمائية التجارية» تخيم على النمو العالمي

حذر الرئيس الصيني شي جين بينج أمس من أ‭‬‬ن الحمائية التجارية والسياسات الأحادية تلقي بظلالها على النمو العالمي وضم صوته إلى أصوات زعماء دول أخرى في منطقة آسيا والمحيط الهادي في الدعوة إلى حرية التجارة.
وندد الرئيس الصيني بالحمائية وبسياسة "أمريكا أولا" التي ينتهجها ترمب، مؤكدا أن قواعد التجارة العالمية يجب ألا تسخر لخدمة "أجندات أنانية".
ووفقا لـ "رويترز"، تصاعدت حدة الخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة منذ فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016.
وحذر شي بأن "التاريخ يعلمنا أن لا أحد يخرج رابحا من المواجهة، سواء اتخذت شكل حرب باردة أو حرب ساخنة أو حرب تجارية".
وقال إن "محاولات إقامة حواجز وقطع العلاقات الاقتصادية الوثيقة، هي مخالفة للقوانين الاقتصادية ومسار التاريخ. إنه نهج قصير النظر محكوم عليه بالفشل".
وتابع شي "يجب أن نقول لا للحمائية والأحادية" في التجارة، في انتقاد مباشر لسياسة الإدارة الأمريكية.
ولم يحضر ترمب الاجتماع السنوي لقمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي "أبيك" في بابوا غينيا الجديدة لكن نائبه مايك بنس ألقى كلمة أمس، أكد أن الولايات المتحدة لن تتراجع في نزاعها التجاري مع الصين وربما تزيد من تعريفاتها الجمركية إلى المثلين إذا لم تخضع بكين للمطالب الأمريكية.
وفي كلمة اتسمت بالصراحة أمام منتدى "أبيك"، وجه بنس تحذيرا للصين بشأن التجارة والأمن في المنطقة.
ومن المرجح ألا يلاقي هذا التحذير الصارم ترحيبا في الأسواق المالية التي كانت تأمل بحدوث تحسن في النزاع الصيني - الأمريكي وربما حتى التوصل لاتفاق من نوع ما خلال اجتماع تعقده مجموعة العشرين في الأرجنتين في وقت لاحق من الشهر الجاري.
وألقى بنس خطابا هجوميا توعد فيه بأن الرسوم الجمركية المشددة ستبقى مفروضة على الصين إلى أن تبدل ممارساتها التجارية.
وقال بنس "لقد فرضنا رسوما جمركية على بضائع صينية قيمتها 250 مليار دولار، وهذا الرقم قد يزداد بأكثر من الضعف".
وأضاف "نأمل في حصول تحسن، لكن الولايات المتحدة لن تغير موقفها طالما أن الصين لم تغير سلوكها".
ومن المقرر أن يلتقي الرئيس دونالد ترمب الذي لا يشارك في اجتماع "أبيك" مع الرئيس الصيني شي جين بينج في الأرجنتين.
وتناقض تحذير بنس مع تصريحات أدلى بها ترمب يوم الجمعة عندما قال إنه قد لا يفرض تعريفات أخرى بعد أن أرسلت الصين إلى الولايات المتحدة قائمة بالإجراءات التي تبدى استعدادها لاتخاذها لحل التوترات التجارية.
وهاجم بنس أيضا الأطماع الإقليمية للصين في المحيط الهادي ولاسيما مبادرة الحزام والطريق لتعزيز الصلات البرية والبحرية بين آسيا وإفريقيا وأوروبا باستثمارات تبلغ مليارات الدولارات في البنية الأساسية.
وأظهرت الولايات المتحدة والصين أمس عمق الخلافات في المواقف بينهما في خطابين متعارضين سبقا انعقاد قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ "أبيك" في بورت موريسبي، فتبادلا الاتهامات والانتقادات للحمائية وصولا إلى دبلوماسية "دفتر الشيكات".
وجرت هذه المواجهة على منبر منتدى رؤساء شركات سبق الملتقى السنوي لـ"أبيك"، في خطابين ألقاهما الرئيس الصيني شي جين بينج وبعده بدقائق مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي.
وتخوض الصين والولايات المتحدة حربا تجارية يحذر الخبراء بأنها قد تكون كارثية للاقتصاد العالمي. وفرضت واشنطن في الأشهر الأخيرة رسوما جمركية مشددة على المنتجات الصينية المستوردة إلى الولايات المتحدة، ردت عليها بكين بتدابير مماثلة، غير أن العجز في الميزان التجاري الأمريكي تجاه الصين استمر في تسجيل أرقام قياسية.
وافتتحت أمس قمة "أبيك" التي تجري هذه السنة على خلفية صراع على النفوذ بين الصين التي تكثف حضورها في المنطقة والولايات المتحدة التي تنسحب منها.
وهذا ما ظهر جليا في أول "صورة تذكارية" للقادة المشاركين، حيث كان شي واقفا في الوسط وبنس غائبا عنها.
وكأنما لنفي أي انسحاب أمريكي من المنطقة، أعلن بنس أن واشنطن ستشارك في تطوير قاعدة بحرية أسترالية في بابوا، وسط مخاوف أسترالية من الطموحات الصينية في المنطقة.
وصرح رئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون قبل القمة أن الحروب التجارية لا تصب في مصلحة أحد وأنه يجب حل الخلافات عبر التفاوض. وانتقد أثناء منتدى أصحاب شركات سبق القمة، "موجة الحماية التجارية المتصاعدة".
وأضاف أن "حل الممارسات التجارية التي تعد غير عادلة يكون على الأرجح حول طاولة المفاوضات بدلا من شن حرب تجارية".
ومن جهته، قال مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي، إن الدول بحاجة لإعادة تقييم سياسات العولمة والاندماج الاقتصادي لأنها تقود لتخلف البعض عن الركب وتفاقم انعدام المساواة.
وفي بادرة أخرى من شأنها أن تثير غضب بكين، التقى بنس بشكل عابر أعضاء الوفد التايواني.
أما ديمتري ميدفيديف رئيس وزراء روسيا، فقد حذر من تنامي الحماية التجارية ودعا إلى وضع قواعد واضحة وشفافة للتجارة، مشيرا إلى أنه لن يكون هناك تغيير في السياسة الأمريكية بشأن التجارة مع الصين.
واغتنم الرئيس الصيني مداخلته أمام مجموعة رؤساء الشركات للدفاع عن خطة "طرق الحرير" العملاقة التي تروج لها بلاده من خلال استثمارات وقروض ضخمة لإقامة بنى تحتية تربطها بالعالم.
لكن بنس وصفها بأنها "طريق في اتجاه واحد" ودعا دول المنطقة إلى التقرب من الولايات المتحدة متهما الصين باتباع دبلوماسية دفتر الشيكات التي وصفها بأنها "غير شفافة".
وقال "نحن لا نغرق شركاءنا في بحر من الديون.. لا نفرض قيودا ولا ننشر الفساد ولا نسيء إلى استقلالكم".
ويظهر التعارض جليا بين السلوكين الأمريكي والصيني في هذا اللقاء الدبلوماسي، حيث إن بنس وصل إلى بابوا قبل ساعة فقط من إلقاء خطابه، في حين أن شي جين بينج حضر إلى بورت موريسبي منذ الخميس وافتتح الجمعة "جادة الاستقلال" التي أقيمت بتمويل صيني.
ورأى بين رودز الذي كان مساعد مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، أن غياب الرئيس يمنح الصين "فرصة هائلة لبسط نفوذها".
وفي المساء، وقف قادة "أبيك" لالتقاط الصورة الجماعية التقليدية قبل المشاركة في العشاء، ومن المفترض أن يدخلوا اليوم الأحد في صلب المحادثات.
ويتضمن جدول الأعمال الرسمي للقمة مسائل الاندماج الإقليمي في المنطقة وتحسين البنى التحتية الرقمية. لكن في غياب ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن القمة، فإن الاهتمام يتجه إلى مدينة بورت موريسبي التي تعرف بمستوى الإجرام فيها وصنفت على أنها الأقل ملاءمة للعيش بالنسبة للأجانب.
وتقرر إيواء المندوبين والصحافيين في ثلاث سفن استقدمت خصيصا للقمة من أستراليا، وذلك لأسباب أمنية كما لأسباب لوجستية. وعهد بجزء من مهام ضمان أمن القمة إلى جيوش أجنبية، ونشرت أستراليا في هذا السياق 1500 عسكري بينهم عناصر من القوات الخاصة، إضافة إلى طائرات وسفن حربية.

الأكثر قراءة