FINANCIAL TIMES

شرطة الأسواق المالية تكثف ملاحقة المحتالين

شرطة الأسواق المالية تكثف ملاحقة المحتالين

أظهرت تهم جنائية ضد متداول سابق في "جيه بي مورجان تشيس" أن السلطات تحاول مواكبة عمليات الغش التي تسارعت مع ظهور الأسواق الفائقة السرعة.
في الأسبوع الماضي قالت وزارة العدل الأمريكية "إن جون إدموندز أقر بأنه مذنب بممارسة التزوير في سوق السلع والتحايل في عقود الذهب والفضة والبلاتين والبلاديوم". وتعكس قضيته حملة موسعة للقضاء على ممارسة خداع المتداولين من خلال وضع الأوامر وإلغائها بسرعة.
الاحتيال مظهر من مظاهر الأسواق الإلكترونية. السلوك السيئ الذي كان من الممكن أن يتلقى فيه المتداول لكمات على أنفه في قاعة التداول قبل سنوات، يمكن تنفيذه بمكر من خلال الخوارزميات.
لكن مثل هذا النشاط يترك آثارا رقمية كذلك. وبعد بداية بطيئة، تعلمت شرطة الأسواق ملاحقة مرتكبيه.
وفقا لوزارة العدل، كان إدموندز المتهم العاشر الذي توجه إليه اتهامات بالاحتيال الجنائي في عام 2018، وهي قفزة كبيرة في العدد. في العام الماضي قدم المدعي العام قضايا احتيال جنائية ضد اثنين فقط من المدعى عليهم، وقبل ذلك قضية واحدة فقط في 2014 وأخرى مثلها في 2015.
"لجنة تداول السلع الآجلة"، الجهة التنظيمية الرئيسية للمشتقات في الولايات المتحدة، اكتشفت خلال سنتها المالية الأخيرة 26 عملية تتضمن تلاعبا، وخداعا، أو تزويرا في التدولات، وهي حالات تمثل معظم قضايا الاحتيال. وكان المجموع أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط عدد الحالات على مدى الأعوام الأربعة السابقة.
مجموعة سي إم إي CME، أكبر بورصة لتبادل العقود الآجلة في العالم، اتخذت أكثر من 50 إجراء تأديبيا بموجب القانون 575، الذي يحظر التحايل والمخالفات، مقارنة بـ 42 في عام 2017 وتسعة في 2016.
خارج الولايات المتحدة، فرضت الأجهزة التنظيمية المالية اليابانية في عام 2017 على أحد الوسطاء غرامة بمبلغ 218.37 مليون ين "1.9 مليون دولار" بسبب التحايل في سوق العقود الآجلة للسندات الحكومية.
هذه القضايا أفضت إلى الإمساك بمرتكبي جرائم تراوح بين مضاربين يغلقون مراكزهم مع إغلاق السوق ـ يعملون من منازلهم ـ إلى بعض أكبر المؤسسات في وول ستريت. في كانون الثاني (يناير)، وافق "دويتشه بانك" على دفع 30 مليون دولار لتسوية تهم بالخداع في أسواق المعادن الثمينة موجهة من لجنة تداول السلع الآجلة – وهي أكبر عملية احتيال في تاريخ اللجنة على الإطلاق.
الإصلاح المالي في قانون دود ـ فرانك لعام 2010 حظر صراحة هذا النوع من الاحتيال، وعرّفه بأنه "المزايدة، أو العرض بقصد إلغاء المزايدة، أو العرض قبل التنفيذ". وأصدرت لجنة تداولات السلع الآجلة توجيهات رسمية حول هذه المسألة في عام 2013. وحظرت بورصة CME صراحة هذا النوع من الاحتيال في العام التالي من خلال القانون 575، على الرغم من أنها قالت "إن الجرائم كانت تتم مقاضاتها في السابق بموجب قانون مختلف".
جزئيا، العدد المتزايد من القضايا دلالة على جهود المراقبين في تحسين تكنولوجيا المراقبة لديهم. وقال مشغل البورصة "إن الأنظمة الأوتوماتيكية الخاصة لدى CME يمكنها الآن اكتشاف الاحتيال بسرعة أكبر من ذي قبل". في شباط (فبراير)، بدأت CME إرسال بيانات الطلب التفصيلية إلى لجنة تداول العقود الآجلة على أساس يومي.
جيمس ماكدونالد، مدير إنفاذ القانون في لجنة تداول العقود الآجلة، قال "نعمل مع وزارة العدل من جهة، والبورصات من جهة أخرى، للتأكد من أننا نكشف عن أكبر قدر ممكن من هذا السلوك". وعلق على إجراءات اللجنة قائلا "نأمل أن يكون لها في نهاية المطاف تأثير رادع على المدى الطويل".
واعتبر وجود الاحتيال سببا يجعل الآخرين يتراجعون عن السوق، ما يؤدي إلى الإضرار بالسيولة. وأضاف "تحدثنا إلى صناع السوق الذين أوقفوا خوارزمياتهم أو انسحبوا من السوق عندما رأوا أنماطا مختلة في التداولات".
المخاوف بشأن التلاعب بالأسعار في أسواق المعادن الثمينة موجودة منذ فترة طويلة، حيث أعرب مستثمرون صغار في الذهب والفضة عن أخطر الشكاوى. لكن لجنة تداول العقود الآجلة أغلقت في عام 2013 تحقيقا طويلا في سوء السلوك بشأن العقود الآجلة في الفضة، معلنة "عدم وجود أساس لاتخاذ إجراء قابل للتطبيق".
تتطلب حالات التلاعب المعروفة في السوق ما يثبت أن المتداول تسبب في نشوء "سعر مصطنع". وكان هذا تاريخيا مقياسا عاليا يصعب الوصول إليه.
ويعد قانون الاحتيال أكثر بساطة، وفقا لأيتان جولمان، الذي كان مدير الإنفاذ في لجنة تداول العقود الآجلة حتى العام الماضي. يتطلب الأمر فقط من الوكالة إقامة الدليل على أن الشخص يهدف إلى إلغاء عرض معين قبل التنفيذ.
وأضاف "جولمان"، وهو الآن شريك في Zuckerman Spaeder "قانون مكافحة الاحتيال مفيد حقا لأنك طالما كنتَ قادرا على إثبات النية في لحظة معينة من الزمن، فلا داعي للذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك"، من حيث الدافع. "أعتقد أن هذا هو سبب شعبيته المتزايدة".
أو كما قال بول بانتانو، وهو شريك في Willkie Farr & Gallagher "إثبات اتهامات الاحتيال أسهل بكثير على الحكومة من إثبات قضية تلاعب أكثر تعقيدا".
وأصدرت هيئة محلفين في شيكاغو أول إدانة احتيال جنائية في عام 2015. خسر المدعى عليه، ميشيل كوسكيا، طلبات الاستئناف وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الاحتيال في أسواق العقود الآجلة للذهب وفول الصويا والعملات. وكان قد أدين سابقا بالمسؤولية في تهم مدنية بالتحايل.
الآن يحول المدعون أنظارهم من البائعين إلى المدعى عليهم المتهمين بالتحايل. في كانون الثاني (يناير)، أسقطوا اتهامات جنائية موجهة إلى جيتيش ثاكار، وهو مستشار تكنولوجيا في شيكاغو، بدعوى تصميمه برنامج كمبيوتر ساعد المضارب البريطاني، نافيندر سينج ساراو، على الاحتيال في عقد إلكتروني آجل.
"في هذه الحالة، توسع الحكومة من نطاق قانون (الاحتيال) الذي أُقر حديثا إلى مدى أبعد بكثير من أي وقت مضى، حيث اتهمت مالك شركة برمجيات صغيرة بـ (المساعدة) و(التآمر) مع متداول استخدم البرامج التي أنشأتها الشركة بعد ذلك بسنوات للتداول في الأسواق المالية"، بحسب ما كتب ريناتو ماريوتي، محامي ثاكار، في ملفات المحكمة.
فاز ماريوتي، في منصبه السابق مدعيا عاما فيدراليا، بالحكم الذي كان سابقة مهمة للغاية ضد كوسكيا.
قد يكون لدى السلطات مزيد من القضايا في الطريق. أشارت وثيقة الاتهام ضد إدموندز، الذي لم يستجب محاميه لطلب بالتعليق، إلى أنه تعلم استراتيجيته المضللة من متداولين أعلى منه في المصرف الذي كان يعمل فيه، وأنه "شخصيا أستخدم هذه الاستراتيجية مئات المرات بمعرفة وموافقة رؤسائه المباشرين".
وامتنع "جيه بي مورجان" عن التعليق.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES