FINANCIAL TIMES

الهند .. مصرفية الظل قلقة من تفاقم أزمة الائتمان

الهند .. مصرفية الظل قلقة من تفاقم أزمة الائتمان

خط الأفق في منطقة وورلي العصرية في مومباي التي أصبحت في الأعوام الأخيرة مزدحمة بشكل متزايد بمباني الشقق الفاخرة المبنية بشكل جزئي، التي يتم ترويجها من خلال لوحات إعلانية ضخمة على جوانب الطريق.
تمويل مثل هذه المشاريع في مومباي ودلهي الكبرى كان يتم إلى حد كبير بقروض من الشركات المالية غير المصرفية سريعة النمو في الهند، التي بدورها موّلت كثيرا من هذا الإقراض من خلال سندات قصيرة الأجل.
الآن، أزمة سيولة مفاجئة في سوق السندات تُثير القلق بشأن ضربة خطيرة للنمو الاقتصادي – وهناك مخاوف متزايدة من أن الاضطراب في قطاع العقارات الراقية، الذي عانى عجزا حادا في الطلب، يُمكن أن يُثير أزمة.
سانجيف براساد، الرئيس المشارك لشركة كوتاك إنستيتيوشنال إيكويتيز، قال "إذا استمرت الشركات المالية غير المصرفية في مواجهة مشكلات في السيولة، فقد تحتاج إلى إلغاء بعض هذه القروض. وشركات التطوير ليست لديها سيولة لسداد المال على الفور. فهي تجلس على كومة ضخمة من المشاريع شبه المكتملة".
بدأت مشكلات مصرفية الظل في الهند بشكل جدي في أيلول (سبتمبر) بعد أول مجموعة من حالات تفويت متتالية لدفعات القروض من كيانات داخل IL&FS، وهي مجموعة كبيرة للبنية التحتية والتمويل غير مُدرجة في البورصة. هذا أدى إلى حدوث انقباض في سوق سندات الشركات قصيرة الأجل – وهي مصدر تمويل رئيسي للشركات المالية غير المصرفية، لأن IL&FS من بين أكبر الجهات المُصدرة للسندات.
خلال العامين الماضيين، تمتعت سوق سندات الشركات الصغيرة نسبياً في الهند بزيادة في الاستثمار من صناديق الاستثمار المشترك التي تركز على السندات، التي واجهت موجة ضخمة من عمليات الاسترداد منذ عجز IL&FS عن السداد. وانخفضت الأصول التي تحت الإدارة في صناديق سوق المال الهندية بنسبة 35 في المائة في أيلول (سبتمبر)، حين بلغ صافي التدفقات الخارجة 2.1 تريليون روبية "28.8 مليار دولار".
الانقباض في سوق السندات يعد ضربة كبيرة للشركات المالية غير المصرفية، إذ شكلت السندات والأوراق التجارية نحو 60 في المائة من إجمالي قروضها في نهاية آذار (مارس)، وذلك وفقاً لوكالة موديز.
داخل القطاع المالي في مومباي، أقوى مصادر القلق نجدها لدى شركات الإقراض غير المصرفية التي لديها مراكز واسعة مع شركات تطوير العقارات. ولأن المصارف الهندية، المُثقلة بسبب قروض الشركات المعدومة، لم تُظهر رغبة تذكر في الإقراض العقاري في الأعوام الأخيرة، تحركت الشركات غير المصرفية لملء الفجوة. ويقدر براساد أن إجمالي قروضها المستحقة لشركات تطوير العقارات يبلغ نحو تريليوني روبية – زادت ثلاثة أضعاف تقريباً خلال ثلاثة أعوام.
لكن شركات التطوير العقاري تضررت من الطلب المخيب للآمال على مشاريعها الراقية – يعود ذلك جزئياً، كما يقول محللون، إلى تدابير حكومية مثل الإلغاء المفاجئ لأوراق نقدية كبيرة، الأمر الذي جعل من الصعب أكثر غسل الأموال من خلال الاستثمارات العقارية.
تصاميم العقارات الباذخة بإسراف لعبت أيضاً دوراً، بحسب أنوج بوري، مؤسس شركة أناروك للاستشارات العقارية. "كثير من شركات التطوير هذه بنت شققا كبيرة جداً إلى درجة أنها أصبحت في الواقع فوق متناول كثير من الناس"، كما قال.
في الوقت الذي تكافح فيه شركات التطوير لخدمة قروضها، بدأت المصارف في نظام مصرفية الظل بمساعدة بعضها بعضا من خلال إعادة تمويل القروض، كما قال سوراب موكرجي، مؤسس شركة ماركيلوس لإدارة الاستثمار. "لقد كانت حالة من تمرير الحزمة – والآن توقفت الموسيقى".
ومع أن قروض الشركات المالية غير المصرفية لشركات التطوير العقاري تبلغ أقل من عُشر إجمالي أصول القطاع، إلا أنها تركز بشكل كبير على عدد قليل من الشركات الكبيرة رفيعة المستوى. الأسهم في "ديوان لتمويل الإسكان"، مثلا، انخفضت 65 في المائة منذ بداية أيلول (سبتمبر).
قد تكون هناك مشكلات أكثر خطورة بالنسبة إلى الذين هم أكثر تعاملا مع شركات التطوير التي تعاني الآن من أجل خدمة قروضها، التي لا تمكن تغطيتها من التدفق النقدي من مبيعات الشقق. قال براساد، من شركة كوتاك "لست مقتنعاً أن الأمر مشكلة سيولة بالكامل. أعتقد أن هناك أيضاً مشكلة ملاءة مالية تختمر في مكان ما".
وبحسب شركة كوتاك للأوراق المالية، الضغط على الشركات المالية غير المصرفية يزيد فيما تبقى تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وكانون الأول (ديسمبر)، عندما تكون بحاجة إلى سداد نحو 1.6 تريليون روبية على الديون التي تحتفظ بها صناديق الاستثمار المشترك.
وكانت الشركات المالية غير المصرفية قد زادت بالفعل وتيرة مبيعات الأصول، من خلال اللجوء إلى المصارف الكبيرة التي تسيطر عليها الحكومة، التي أخذت منها بنشاط حصة سوقية في إقراض الإسكان والاستهلاك. "ستيت بانك أوف إنديا"، أكبر مصرف في البلاد، قال الشهر الماضي "إنه سيشري ما يصل إلى 300 مليار روبية من القروض من الشركات المالية غير المصرفية في الأشهر الستة المقبلة".
وكان الاحتياطي الهندي "البنك المركزي" قد اتخذ إجراءات لتشجيع دعم المصارف للشركات المالية غير المصرفية، حيث أعلن في الثاني من تشرين الثاني (نوفمبر) أنه سيُسمح لها بتقديم ضمانات جزئية للسندات التي تُصدرها الشركات المالية غير المصرفية. كما اتخذ أيضا تدابير لتعزيز السيولة، بما في ذلك برنامج شراء سندات حكومي بقيمة 560 مليار روبية خلال الشهرين الماضيين.
لكن مثل هذه التدابير لا ترقى إلى مستوى إرضاء الحكومة التي تدفع البنك المركزي لاتخاذ تدابير أكثر جرأة. وأدى الضغط إلى احتجاج عام خفي قليلاً من واحد من نواب محافظ بنك الاحتياطي الهندي، وتكهنات بأن المحافظ، أورجيت باتيل، يُمكن أن يستقيل بعد اجتماعه التالي مع مجلس الإدارة في 19 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري.
مهما كانت نتائج الأزمة الحالية، فإن زخم الشركات المالية غير المصرفية تلقى ضربة قوية، كما يقول برابود أجاروال، كبير الإداريين الماليين في IIFL، إحدى أكبر الشركات في القطاع.
قال أجاروال "نمو القروض بنسبة 35 - 40 في المائة الذي كنا نتطلع إليه، سينخفض إلى 10 - 15 في المائة خلال الربعين المقبلين. هناك شعور بالحذر. النمو سيتباطأ بشكل كبير".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES