العلامة التجارية العالمية وإيجاد الموازنة

الإدارة الناجحة للعلامة التجارية العالمية هي القدرة على إيجاد موازنة بين طموحها على المستوى المحلي ورؤيتها لاستراتيجيتها العالمية
في عصر العولمة والشركات متعددة الجنسيات وانتشار التجارة والتفاعل الاجتماعي على شبكة الإنترنت، تحولت إدارة العلامات التجارية العالمية أكثر من أي وقت مضى إلى منظومة معقدة. ويبقى مفتاح النجاح هو المثابرة وتحقيق الانسجام. فالمؤسسات التي تضم حافظة منتجاتها علامات تجارية عالمية، تمتلك أساليب وأنظمة مختلفة لإدارة العلامات التجارية العالمية، ولكن يبقى المبدأ الأساسي مواصلة البناء والحفاظ على مستوى الأداء. تعد إدارة العلامات التجارية في بيئة أعمال مترابطة ومعقدة تحديا كبيرا. حيث تتأثر العلامات التجارية بالمنافسة المتزايدة، والقوانين، وأمور التوريد والتوزيع وتكاليف التصنيع، وفي الوقت ذاته مطلوب منها الحفاظ على سمعة الشركة. لذا تحتاج ممارسات إدارة العلامات التجارة العالمية إلى أن تكون مرنة وعلى دراية بمتطلبات النمو وإمكانية الاستمرار، لتتمكن من إدارة هذا الكم الهائل من العوامل الداخلية والخارجية في مناطق جغرافية متعددة. ينبغي لإدارة العلامة التجارية العالمية في سعيها لتحقيق الأثر المنشود ودفع عجلة النمو والربحية على المدى الطويل، أن تتسم بالخصائص التالية:

التكيف والمرونة
لا تعني إدارة العلامة التجارية التطبيق الصارم للأطر والقواعد والممارسات. فالعلامات التجارية الناجحة تدار عن طريق إيجاد توازن بين "الأطر الثابتة للعلامة التجارية" مع "حرية التكيف للاستفادة من فرص النمو المحلية". فمن دون الأخيرة ستواجه العلامة التجارية خطر أن تصبح بالية وغير ملائمة. ولا ينبغي لأي شكل من أشكال تكيف العلامة التجارية، مثل التوسع، والتغيير، والتنويع، أن يقلل من شأن القيم الأساسية لها وخسارتها لأسهمها. فالتقييم المستمر لاستراتيجية العلامة التجارية مقابل الأطر الثابتة والرؤية والأهداف الرئيسة، يضمن محافظة العلامة التجارية العالمية على وعودها بمختلف مناطق وجودها. على سبيل المثال، شركة فيليبس استطاعت ترك أثر كبير في الصين، حيث طور العاملون في الشركة جهازا لتحضير حليب الصويا في خضم سعي الشركة لإرضاء المستهلكين القلقين بشأن سلامة الأغذية.

الاستعانة بالتكنولوجيا
غير ظهور التكنولوجيا بما تطرحه من حلول، أساليب إدارة العلامات التجارية. حيث أدركت المؤسسات التي لديها نظرة مستقبلية، مزايا وقدرة التكنولوجيا في إدارة العلامة التجارية، وتبنت بشكل سريع الحلول التي تقدمها. كمثال على ذلك، لجأت "يونيليفر" إلى شركة تسويق البرمجيات "بيركوليت" لدعم أساليب إدارة علامتها التجارية. شهدت أنظمة إدارة علاقات العملاء "سي آر إم"، وأنظمة التراخيص وتفعيل الخدمات، تقدما سريعا في مجال الابتكار التكنولوجي والقدرة على الانتشار.

تعيين وصي على العلامة التجارية
يجب أن تُلقى مهمة محافظة العلامة التجارية على هويتها واستراتيجيتها وتسويقها، على مسؤولية شخص واحد على الأقل في المؤسسة. حيث يعد هؤلاء الأشخاص بمنزلة الوصي على العلامة التجارية، وتقع على عواتقهم مسؤولية حمايتها. فمهمتهم ليست مجرد تطبيق للقواعد بحذافيرها، بل عليهم أن يكونوا مرجعا استراتيجيا ومرشدا من شأنه تقديم النصح لفرق تسويق العلامة التجارية المحلية في قضايا استراتيجية، مثل إدارة أطر العلامة التجارية، والمحافظة على مكانتها، وتكييف أسلوب التسويق محليا، ودمج استراتيجيات التسويق المحلية في استراتيجية العلامة التجارية العالمية، وتسهيل تبادل المعرفة والخبرات بين فرق العلامة التجارية المحلية والعالمية.

وضوح الهيكل التنظيمي
يعمل الأشخاص بأقصى طاقاتهم عندما يتم بناء الهيكل التنظيمي لهذا الغرض. ويجب أن تكون وظائف إدارة العلامة التجارية العالمية والإقليمية والمحلية مترابطة مع بعضها بسلاسة. فقد لوحظ عديد من الخلافات في أساليب إدارة العلامة التجارية محليا وعالميا على الصعيد الاستراتيجي. ومن شأن مثل هذا التوتر أن يكون عائقا كبيرا أمام أكثر فرق الإدارة خبرة. فالأدوار والمسؤوليات في الهياكل الإدارية للعلامة التجارية يجب أن تكون واضحة ومحددة لمنع تداخلها. التحدي الذي يواجه معظم الشركات العالمية، هو وجود عدد كبير من الأشخاص المسؤولين والمعنيين، مع عدم وجود حدود واضحة لأدوارهم ومسؤولياتهم. لذا يعد وجود إدارة مسؤولة للعلامة التجارية أمرا ضروريا وحيويا لتحقيق الفاعلية والكفاءة في الإدارة والتطبيق. كما يجب على الأشخاص العاملين في تسويق العلامة التجارية أن يسألوا أنفسهم ـ "إدارة العلامة التجارية أمر معقد بحد ذاته، فهل يجب أن يزيد الهيكل التنظيمي من هذا التعقيد؟" والجواب عن هذا التساؤل يجب أن يكون واضحا.

اتخاذ زمام المبادرة
تحتاج إدارة العلامات التجارية العالمية إلى القيام بالمبادرة، على أن تكون مجرد رد فعل. فالتطور التكنولوجي من وسائل الإعلام الاجتماعي، والجيل الجديد من طرق إدارة علاقات العملاء، وتحليلات الميول والثقافة، والشراكات والتمويل الجماعي، والابتكارات التقنية الجديدة، سهلت على المسوقين التواصل مع المستهلك، وجعلتهم أكثر دقة في اكتشاف وتوقع الاتجاهات السائدة. وبناء عليه تحتاج أساليب إدارة العلامة التجارية إلى مجاراة هذه التقنيات الجديدة والناشئة، وأن تمتلك القدرة على استخدامها والاستفادة منها.
ومن الممكن إدراك الفائدة الاستراتيجية لهذه التقنيات عند تطبيقها. على سبيل المثال، إذا ما كانت استراتيجية المؤسسة على المديين المتوسط والطويل بناء علامة تجارية مدفوعة بالابتكار، فإن تقنية مثل الشراكات ينبغي أن تكون جزءا لا يتجزأ من عملية إدارة العلامة التجارية من البداية. تصل العلامات التجارية للعالمية من خلال التميز في بناء العلامة التجارية وتطبيقها. وتعد هذه العملية تحديا كبيرا يتطلب التكيف باستمرار والقدرة على الارتقاء بكفاءة. كما ينبغي لإدارة العلامات التجارية العالمية أن تعزز من قدرتها على التكيف والنمو والابتكار. حيث تمكنت المؤسسات التي تمتلك القدرة على القيام بذلك، من الموازنة بين تطلعاتها على المستوى المحلي مع الرؤية والاستراتيجية العالمية للعلامة التجارية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي