أو بهما معا

حياتنا اليوم محكومة بالعلاقات الاجتماعية الموجودة في عالم الإنترنت، فالتواصل المجتمعي وصل إلى أقصى حدوده من خلال هذه البدعة العجيبة. إنك لتجد الناس يتواصلون مع كل من يعرفون بصفة يومية فعلا. حالة غير مسبوقة، بل إنها ألغت كثيرا مما كنا نفعله من الحركة المادية للتواصل أو حتى التواصل مع كل على حدة من خلال الهاتف. أوجدت هذه الحالة المهمة حاجة ماسة لتأسيس علاقات منطقية واحترام متبادل يلغي "الموانة" التي تأتي من وجود الناس مع بعضهم بصفة مستمرة.
هنا تبدأ رحلة التفاهم والتعامل باحترام، التي قد لا يحسنها كثير مع من يقابلونهم بشكل يومي في هذه الوسائل، بل إنه يستدعي قبول الرأي المختلف والتعامل معه بأدب، وإلا فسيكون الناس في حالة من الهستيريا التي تدفع بهم للقتال، سواء كان لفظيا أو ماديا أو حتى "سيبرانيا".
ردود الأفعال التي شاهدناها للاختلاف ومحاولات الإغاظة التي مارسها كثير، تدرجت من السباب في المواقع إلى الشتم في الشوارع، ثم وصلت إلى التناحر وأكثر من ذلك لدى فئات معينة. لا نستطيع أن نغفل أن فورة الأشخاص وغضبهم أمر متوقع في أغلب إن لم يكن كل المجتمعات، حتى إنك ترى برلمانيين يتبادلون اللكمات والقذف بكل شيء، كما حدث في الأسبوع الفائت في إحدى جلسات أحد البرلمانات.
فإذا كانت هذه ردة فعل صفوة المجتمع، فلنا أن نعذر الآخرين حين ينتابهم الغضب ويتجاوزون حدودهم في التعامل مع المختلف. نحن قد نبرر السلوك، لكن القضاء سيعطي كل ذي حق حقه، فإن غضب شخص ما ومارس حقه في التعبير عن غضبه، فله أن يفعل ما لم يعتد على الآخرين ويضع نفسه تحت طائلة القضاء.
هنا تبدأ عملية الفرز المهمة، التي يجب أن نتنبه لها كلنا، حيث لا بد أن يعلم من يقوم بهذا الأمر أنه سيعاقب بدفع 500 ألف ريال أو السجن لمدة سنة أو بهما معا نتيجة فورته غير المتماشية مع الواقع الجديد الذي نعيشه. المخيف هنا هو أنه لا يمكن لأحد أن يتهرب من قول أو كتابة، لأن كل شيء مسجل ويمكن استرجاعه بكل سهولة.
هنا أنصح كل المتعاملين أن يتجنبوا إثارة الآخرين بالآراء المتطرفة، وكل من يرى ما لا يعجبه منصوح بالتغافل أو التغابي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي