«أمازون» تزعم تقديم وصفة لعاملين سعداء .. بزيادة الأجور

«أمازون» تزعم تقديم وصفة لعاملين سعداء .. بزيادة الأجور

قرار شركة أمازون هذا الشهر رفع الحد الأدنى للأجور التي تدفعها للموظفين، أدى إلى سريان صدمة عبر متاجر التجزئة المنافسة.
كما أنه كان مدعاة لحفز الفريق الصغير أيضاً في منظمة غير ربحية قائمة في كامبريدج، في ولاية ماساتشوسيتس.
تم تأسيس معهد الوظائف الجيدة العام الماضي لمساعدة الشركات على الازدهار، من خلال إيجاد وظائف أفضل. تلك كانت من بنات أفكار زينب تون، التي تقول عن نفسها إنها مهووسة بسلاسل التوريد.
باعتبارها طالبة دكتوراه في كلية هارفارد للأعمال، قامت بفحص مشاكل المخزون في شركة بوردرز، سلسلة المكتبات التي لم تعد موجودة، من بين شركات أخرى.
لقد قادها ذلك إلى أن تدرك أن كثيرا من متاجر التجزئة ذات هامش الربح المنخفض، كانت عالقة في حلقة مفرغة؛ حيث غالباً ما يكون الموظفون فيها هم الضحايا، في النهاية.
تقول الأستاذة تون، متحدثة من مكتبها في كلية سلون للإدارة في معهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا: "عندما تعتقد أن الناس يمثلون تكلفة، فإنك توجِد نظاما لإدارة الأداء في مختلف أنحاء المنظمة، حول تقليل تلك التكلفة إلى الحد الأدنى".
المبيعات المنخفضة تدفع مديري المتاجر إلى خفض عدد العمال، ما يسبب مشاكل تشغيلية، التي تؤدي إلى تقليل المبيعات أكثر من قبل.
تقول الأستاذة تون: "لا يبدو منطقياً، كأكاديمي، أن ترى الناس في أسوأ حال، والزبائن في أسوأ حال، والمستثمرين في أسوأ حال".
لعكس هذه الدورة، تقترح أن تعتمد متاجر التجزئة نهجاً مختلفاً. ينبغي لها تبسيط الطريقة التي تعمل بها المتاجر، وتوحيد العمليات، وتدريب الموظفين على تأدية أدوار متعددة، والعمل من خلال "فترة ركود" عن طريق جدولة عدد من الموظفين أكبر مما هو مطلوب، حتى يتمكنوا من تقديم أداء أفضل والتعامل مع الزبائن.
الرسالة إلى شركة أمازون ومتاجر التجزئة الأخرى هي أن رفع الأجور، وحده ليس كافياً لإيجاد وظائف جيدة. الأستاذة تون، التي جاءت أول مرة إلى الولايات المتحدة من بلدها الأم تركيا، ضمن منحة دراسية لفريق الكرة الطائرة عام 1992، حللت الشركات التي نجحت في تنفيذ هذه الدورة الحميدة، بوضع حد للإحباطات مثل "انتهاء المخزون الوهمي"، عندما تكون المواد مُدرجة في المخزن، لكن لا يستطيع الموظفون العثور عليها.
قصص هذه الشركات وموظفيها السعداء نسبياً وذوي الأجور الجيدة شكلت العمود الفقري لكتابها عام 2014 بعنوان: "استراتيجية الوظائف الجيدة".
على سبيل المثال، تصف كيف أن سياسة شركة كوستكو في توظيف عدد موظفين أكثر مما تحتاج إليه تلك السلسلة الأمريكية، ساعدها على توفير المال. استخدم الموظفون الوقت الإضافي لتحديد المشاكل واقتراح مجالات التوفير، من تحسين التعبئة إلى حفر آبار المياه، إلى ري مساحات المناظر الطبيعية خارج أحد المتاجر في فلوريدا.
شركة ميركادونا، سلسلة متاجر السوبرماركت الإسبانية، دربت الموظفين على مجموعة من الأدوار حتى يتمكنوا من مساعدة الزبائن، وإدارة تدفق المنتجات، وطلب المنتجات والتحقق من المخزون. زاد الضغط على متاجر التجزئة منذ عام 2014. أحد الأعراض: أن شركة سيرز، متجر التجزئة الأمريكي، قدّم طلباً للحماية من الإفلاس. الحاجة إلى تحسين مجموعة خدمة العاملين زادت أيضاً؛ لأنهم يأخذون حصة أكبر من الوظائف في الولايات المتحدة.
تقول الأستاذة تون: "هذه فعلاً وظائف سيئة بأجور على مستوى الفقر"، فهي تأتي مع جداول زمنية لا يُمكن التنبؤ بها جراء انعدام الاستقلالية، التي تتفاقم بسبب الأنظمة الضعيفة وانعدام الاحترام المتفشي. "الاحترام هو كلمة واحدة أسمعها مراراً وتكراراً"، تقول عن اجتماعاتها مع الموظفين الذين يتم استغلالهم، "لأنهم لا يتخذون القرارات، ولأنهم لا يملكون المعلومات، ولأنهم يفشلون أمام الزبائن في كل يوم، وأحياناً يتم وضعهم في مواقف يشعرون فيها، بأنهم أغبياء أمام الزبائن. لذلك، كان من المحزن سماع تلك القصص". بعد نشر الكتاب، بدأت متاجر التجزئة بالاتصال بالأستاذة تون سعياً للمساعدة. كان ردها المعتاد هو أن تقول "أنا لست مستشارة – أنا أكاديمية" إلى أن أشار روجر مارتن، مدير معهد مارتن للازدهار في كلية روتمان الآن، إلى أنه إذا أرادت تغيير حياة العاملين، يجب عليها أن تتعلم كيفية تطبيق نظرياتها.
معهد الوظائف الجيدة، الذي يوظف مجموعة من الأشخاص، حيث يعمل الأستاذ مارتن الآن مديراً، كان إحدى النتائج.
أخيراً، اختارت الأستاذة تون الخروج على المسار الذي يؤدي بها إلى الحصول على مرتبة أستاذ كرسي في التدريس الجامعي.
بعد سلسلة من الانتكاسات، بما في ذلك تفويت ترقية في جامعة هارفارد، سألت نفسها: "ماذا أريد أن أفعل في حياتي؟"
قررت: "أريد أن أكون جزءاً من الذين يحققون آثارا مفيدة وقوية في العالم".
الآن بعمر 44 عاماً، تُكرّس 60 في المائة من وقتها لمعهد ماساتشوسيتس للتكنولوجيا و40 في المائة "للنشاط خارج المنهج"، بما في ذلك قيادة المعهد وتربية أطفالها الأربعة.
من بين متاجر التجزئة التي أذهلها المنطق البسيط في نظريتها كانت شركة وولمارت، "متجر التجزئة الضخم منخفض التكلفة"، الذي انتقده كتاب الأستاذة تون لممارسات مثل جدول الموظفين غير المستقر والمزايا المنخفضة.
وكتبت: "خيار سلسلة وولمارت للعمل بهذه الطريقة يُجبر الصناعة كلها على السير في الاتجاه نفسه".
يبدو أن المتجر الضخم يُغير أسلوبه. "عندما قرأت الكتاب، قلت ’وجدتها!‘" كما قال جريج فوران، الذي يرأس سلسلة وولمارت في الولايات المتحدة، لمجلة هارفارد بيزنيس ريفيو في كانون الأول (ديسمبر) العام الماضي.
لم تعمل الأستاذة تون رسميا مع فوران، على الرغم من أنهما التقيا وناقشا أفكارها.
يقول متجر وولمارت إنه كان يعمل في الأصل على إجراء تحسينات قبل عام 2014. وقد زاد أجور الموظفين والتدريب، والآن "غيّر كل عملية" في طابق المبيعات؛ لأنه يتضمن إجراء قياسيا للتشغيل يُدعى ’الطريقة الواحدة الأفضل‘، المماثلة لعنصر "التوحيد والتمكين" لاستراتيجية الوظائف الجيدة. وقد زادت من انخراط الموظفين ورضى الزبائن.
تقول الأستاذة تون في المقابلة: "هل يتحركون في الاتجاه الصحيح؟ يبدو الأمر كذلك تماما من الخارج"، لكنها تضيف: "هل يمكننا أن نتوقع منهم إجراء تغييرات في غضون سنة أو سنتين؟ لا.
نحن نعمل مع شركات أصغر بكثير، وندرك أن القدرة على تنفيذ بعض التغييرات تستغرق أعواماً".
عدم مواكبة التجارة الإلكترونية والمنافسة من وولمارت، وكوستكو وأمازون ساعد على إسقاط سيرز. لكن الضغط على الإنترنت يُمكن أن يدفع متاجر التجزئة أيضاً نحو استراتيجية الوظائف الجيدة.
متاجر التجزئة المادية على الأرض، تستخدم بشكل متزايد الآن لتكون أماكن لتسليم البضاعة التي يطلبها الزبون، عبر موقع الشركة على الإنترنت. شركة أمازون، من خلال شرائها سلسة متاجر هول فودز ماركت، توسعت إلى المتاجر المادية. تقول الأستاذة تون: "من الأفضل أن يكون موظفوك في المتجر مُنتجين.. يجب أن تكون عملياتك جيدة لإيجاد تلك الخدمة المتناسقة للناس الذين يأتون للحصول على السلع".
وهي تقول إن زيادة الأجور التي أقرتها شركة أمازون ينبغي أن تكون لمصلحة الشركة، "من الناحيتين التنافسية والسياسية".
على أنه في حين أن الأجور الأعلى ضرورية، إلا أنها "ليست كافية لكي تجعل الوظيفة جيدة بالنسبة للعاملين، أو لكي تنشئ نواتج طيبة للشركات".
تقول الأستاذة تون إنه حتى قبل استحواذ شركة أمازون على "هول فودز"، كانت الشركة مثالا لانعدام الكفاءة التشغيلية.
وبعد أن زادت شركة أمازون الأجور، يتعين عليها الآن "أن تزيد من الإنتاجية، والمساهمة والحوافز لدى قوتها العاملة. الشركتان بحاجة إلى أن تجعلا عمالهما أكثر أهمية من أجل نجاحهما".

الأكثر قراءة