ذراع التحقيق الألمانية تطول «سانتاندر».. في إسبانيا

ذراع التحقيق الألمانية تطول «سانتاندر».. في إسبانيا

بنك سانتاندر في إسبانيا هو آخر المصارف الكبيرة التي تورطت في تحقيقات احتيال مترامية الأطراف، تجريها ألمانيا في مشروع لمبادلة الأسهم يزعم أنه سمح للمستثمرين باستعادة ضرائب بمليارات اليوروهات، لم يكونوا قد دفعوها قط.
أمضى المدعون العامون في كولون وفرانكفورت وميونيخ عدة سنوات وهم يحققون فيما يسمى تعاملات التربح من توزيعات أرباح الأسهم؛ "حيث يتم شراء الأسهم قبيل توزيعات الأرباح، ثم بيعها بعد فترة قصيرة من توزيعات الأرباح"، التي سمحت للمستثمرين باستغلال ثغرة قانونية مكنت أطرافا متعددة من المطالبة باسترداد ضرائب مدفوعة على أرباح الأسهم.
قال المتحدث الرسمي باسم بنك سانتاندر إنه "متعاون إلى حد كبير مع السلطات الألمانية"، وإن المصرف الذي يقع مقره في مدريد يجري تحقيقا داخليا خاصا به في هذه المسألة.
تشتمل هذه الصفقة على قيام متداول باقتراض مجموعة من الأسهم للمراهنة ضدها باستخدام آلية تسمى البيع على المكشوف، في الفترة التي تسبق يوم توزيع الأرباح ومن ثم بيعها إلى مستثمر آخر.
هناك ثغرة في قانون الضريبة الألماني تعني أن الأطراف على جانبي صفقة التداول يمكنها بنجاح المطالبة باسترداد الضرائب المستبقاة المدفوعة على الأرباح – على الرغم من تأكيد السلطات من أن ردية واحدة فقط هي المستحقة.
استشهد تحقيق من قبل مجموعة كوريكتيف الصحافية الألمانية غير الربحية المختصة بإجراء التحقيقات، بالاشتراك مع 19 منظمة إخبارية، بجداول بيانات مسربة تبين وجود "سرقة منظمة من الخزائن الضريبية لما لا يقل عن 10 دول أوروبية، إضافة إلى ألمانيا" التي ادعت أن ذلك كلف دافعي الضرائب نحو 55.2 مليار يورو.
قالت وزارة المالية الألمانية: "في الماضي، أبلغنا عدة بلدان بإجراءات التعاملات قبل وبعد توزيعات أرباح الأسهم. اتخذت الحكومة الألمانية في السنوات الأخيرة خطوات تهدف إلى منع مثل هذه التعاملات في ألمانيا. مكافحة التهرب الضريبي عبر الحدود والخطط العدوانية للتهرب من دفع الضرائب، تحتل مرتبة عالية في جدول الأعمال".
التحقيق الذي تجريه ألمانيا في تعاملات ما قبل وبعد توزيعات أرباح الأسهم هو جزء من التحقيق الأوروبي في ممارسات عدد من الجهات التنظيمية الوطنية، الذي يشمل تحقيقا متطورا في الدنمارك، وفقا لجهات تنظيمية مطلعة على القضية.
قال لارس لوكه رازموسن، رئيس الوزراء الدنماركي: "إنه جشع واسع النطاق، وسنستمر في ملاحقة الجناة حتى يقوموا بسداد آخر كرونة. إنها أعمال إجرامية، ويجب أن تجعلنا نفكر فيما يمكننا فعله. والحل هو التعاون الدولي الوثيق".
قال بنك سانتاندر إن "تصوره الحالي" يتضمن أن التركيز الرئيس للتحقيق يرتبط بالأنشطة التي تمت عامي 2007 و2011. حاولت ألمانيا سد ثغرة ما قبل وبعد التوزيعات من خلال حظر هذه الممارسة عام 2012.
قال البنك الإسباني إن التحقيق شمل ثلاثة من الموظفين السابقين الذين غادروا المصرف "قبل عدة سنوات"، وإنه ليس هنالك دليل على أن كبار المديرين كانوا على علم بتلك الأنشطة.
بنك سانتاندر هو واحد من عدة مصارف متورطة في هذه التحقيقات. في فرانكفورت وفي وقت سابق من هذا العام، تم توجيه اتهام لخمسة موظفين سابقين في "هيبو فيراينس" الفرع الألماني لبنك يوني كريديت في إيطاليا، وأحد المحامين، بالاحتيال الضريبي بقيمة 100 مليون يورو.
دفع بنك هيبو فيراينس مبلغ 19.8 مليون يورو غرامات بين عامي 2015 و2017 وقال في تقريره السنوي إن جميع التحقيقات الجنائية المرتبطة بتعاملات ما قبل وبعد توزيعات الأرباح تمت تسويتها.
قالت وزارة المالية الألمانية إنها على علم بالقضايا المختلفة التي يبلغ مجموعها 418 قضية من التهرب الضريبي في تعاملات ما قبل وبعد توزيعات الأرباح بقيمة إجمالية تصل إلى 5.7 مليار يورو، مضيفة أن أي تخمين حول الأضرار الإجمالية الناجمة هو "تكهنات"، على اعتبار أن التحقيقات كانت لا تزال مستمرة.
رفض متحدث رسمي باسم مكتب المدعي العام في كولون التعليق على التحقيق كله، الذي وصفه بأنه لا يزال جاريا.
كذلك أغار المحققون على مكاتب البنك الفرنسي سوسييتيه جنرال في باريس عام 2014 على أساس أن له علاقة بالتحقيق، وفقا لشخص مطلع على الموضوع.
في الشهر الماضي، قال "ماكواري" المصرف الأسترالي، إنه يعتقد أن مكتب المدعي العام في كولون يرغب في إجراء مقابلات مع ما يصل إلى 30 عضوا من موظفيه، فيما يتعلق بتداولات توزيعات الأرباح، بمن فيهم الرئيس التنفيذي الذي سيغادر قريبا والرئيسة التنفيذية المعينة.
قال بنك ماكواري إنه من المرجح تصنيف الأفراد رسميا إلى "أشخاص لهم علاقة بالموضوع أو مشتبه بهم" بموجب القانون الألماني. لم نتمكن من الاتصال بنيكولاس مور، الرئيس التنفيذي المغادر لبنك ماكواري، وخليفته المقررة شيمارا ويكراماناياكي، من أجل الحصول على تعليق.
قال البنك الأسترالي أيضا إنه قام في الأصل بحل "اثنتين من المسائل الأخرى المتعلقة بتداول أرباح الأسهم في ألمانيا" بين عامي 2006 و2009، وإن التسويات "لم تكن جوهرية". وأضاف بنك ماكواري إنه واحد من أكثر من 100 مؤسسة مالية تورطت في هذا النوع من تداولات الأرباح، وإنه انسحب من السوق عام 2012.
وأضاف المصرف أنه تلقى مشورة "قانونية خارجية واسعة النطاق" ترتبط بالصفقات التجارية، "وأن من رأيه أنه كان يتصرف بشكل قانوني".
كما شارك بنك باركليز أيضا في تداولات الأرباح، وفقا لوثائق ضريبية واردة من دائرة الضرائب والجمارك البريطانية بين عامي 2012 و2013، التي تم تشاركها لاحقا مع سلطات الضرائب الألمانية. توقف البنك البريطاني عن تداولات التلاعب في الأرباح عام 2012، وفقا لشخص مطلع على المسألة، وتم إغلاق القسم المسؤول عن هذه الأنشطة - قسم أسواق رأس المال المهيكلة - عام 2013.
قال المصرف البريطاني في بيان له: "لم يتخذ بنك باركليز أي استراتيجيات في التداول تتعلق بتعاملات توزيعات الأرباح في أي بلد أوروبي سوى ألمانيا، ثم إننا لم نساند "عن علم" أي كيانات تتخذ مثل هذه الإجراءات".
في العام الماضي، حذر الجهاز التنظيمي المالي في المملكة المتحدة المصارف وشركات الوساطة بين المتداولين، بشأن مراجحة توزيعات الأرباح، بعد أن توصلت مراجعة أن "عددا قليلا" من الشركات، لم تكن تقدم ما يكفي لتقييم السبب في أن العملاء كانوا يقومون بإجراء هذه التعاملات، لتحقيق هدف واحد في النهاية، وهو استرداد الضرائب المستبقاة. قالت سلطة السلوك المالي إن "هذا يزيد من خطر أن بعض الشركات ربما تصبح متورطة في معاملات يحتمل أنها قائمة على التحايل، وتم إنشاؤها لتقديم الدعم لمطالبات كاذبة باسترداد الضرائب المستبقاة". واصلت سلطة السلوك المالي قولها إن هذا يحتمل، أن يكون تصرفا جنائيا، وقد يصل أيضا إلى حد إساءة استغلال السوق؛ لأنه "يمكن أن يعطي إشارات خاطئة أو مضللة حول عرض أو طلب الورقة المالية ذات الصلة".
في الوقت الذي تم فيه حظر مراجحة أرباح الأسهم في عدد من الولايات القضائية، إلا أنه لا يعتبر بشكل صريح مخالفا للقانون في بلدان أخرى، وهو مما يفاقم المعضلة.

الأكثر قراءة