تدافع الصناعة لخطف العقار الأكثر مبيعا في العالم

تدافع الصناعة لخطف العقار الأكثر مبيعا في العالم
تدافع الصناعة لخطف العقار الأكثر مبيعا في العالم

في عالم من العقاقير البيولوجية، لا توجد فرصة أكبر من ذلك.
براءة الاختراع التي كانت تحمي "هوميرا"؛ أي الدواء الذي لا يُصرف إلا بوصفة طبية، الأكثر مبيعاً في العالم، طوال 15 عاماً من منافسة الأدوية الجنسية، قاربت صلاحيتها في أوروبا على الانتهاء، الأمر الذي أثار صراعاً بين سلسلة من أبرز الأسماء في صناعة الأدوية، لتأمين شريحة من سوق عالمية قيمتها 20 مليار دولار.
هذا التطور سيُسلط الضوء على التهديد المتنامي، الذي يشكله صعود العقاقير البيولوجية المماثلة، ويفتح جبهة جديدة في محاولة الصناعة تأمين عائد مناسب على استثمارها، في الوقت الذي يغتنم فيه الدافعون الذين يعانون نقص النقود هذه الموجة الجديدة من العقاقير المقلّدة كوسيلة لخفض التكاليف.
الأرقام تروي القصة. بلغت المبيعات العالمية لعقار هوميرا، الذي طوّرته المجموعة الأمريكية آبفي، العام الماضي 18.43 مليار دولار، وذلك وفقاً لمزود البيانات وكالة إيفاليويتفارما. في عام 2024، تتوقع أن ينخفض هذا إلى 14.19 مليار دولار.
من بين الشركات الكبيرة التي تستعد لدخول السوق مع نسخها من العقار هي فوجيفيلم كيووا كيرين بيولوجيكس اليابانية، التي منحت شركة مايلان رخصة حصرية لتسويق عقار هوليو في أوروبا؛ وهناك شركات أمجين؛ ساندوز؛ بيوجين؛ سامسونج بيوبيس، التي نالت جميعها الموافقة التنظيمية الأوروبية على بدائلها لعقار هوميرا.
هناك شركة أخرى، وهي بيرينجر إنجيلهايم من ألمانيا، التي أقامت دعوى قضائية بشأن براءة الاختراع مع مجموعة آبفي، وليست لديها خطط لإطلاقها في أوروبا، على الرغم من أن دواءها حصل على الموافقة للبيع في الاتحاد الأوروبي.
أشار توني ماورو، كبير الإداريين التجاريين في شركة مايلان، إلى أن أوروبا؛ حيث تعمل الشركة منذ فترة على تعزيز خطط إطلاقها، هي سوق بقيمة أربعة مليارات دولار"، حيث المملكة المتحدة وحدها تُنفق 635 مليون دولار سنوياً على عقار هوميرا، الذي يُعالج مجموعة من الحالات بما في ذلك التهاب المفاصل نظير الروماتزمي، والصدفية ومرض كرون.
وأضاف: "من المؤكد أن هناك حماسة متبادلة من السوق؛ لأن هذا المنتج عادة هو واحد من أكثر المنتجات التي يتم الإنفاق عليها، هذا إن لم يكُن الرقم واحد من حيث الإنفاق" من قِبل كثير من الحكومات وأنظمة الصحة.
مع ذلك، بالنسبة لمجموعة آبفي، انتهاء صلاحية براءة الاختراع الذي يلوح في الأفق هو تهديد لا يستهان به. كان عقار هوميرا يُشكّل 66.4 في المائة من مبيعاتها عام 2017، وهو رقم من المتوقع أن يتضاءل إلى 39.2 في المائة خلال ستة أعوام، وذلك وفقاً لشركة إيفاليويت.
حاربت الشركة لحماية براءة اختراعها من خلال المحاكم الأمريكية، لتأخير إطلاق الدواء في أكبر سوق لها حتى عام 2023.
في بيان لها قالت الشركة، التي رفضت طلب إجراء مقابلة، إنها "ترحب بإدخال العقاقير البيولوجية المماثلة التي أظهرت أنها آمنة وفعالة بقدر منتجاتها المُشار إليها".
مع ذلك، تجادل أن "المرضى المستقرين على علاجهم البيولوجي الحالي ينبغي ألا ينتقلوا إلى منتج آخر لأسباب غير طبية".
وقالت إن مجموعة آبفي تبني على أساس عقار هوميرا، لتطوير "محفظة مناعية واسعة" من شأنها "مساعدتنا على الحفاظ على قيادتنا العلاجية، وقيادة النمو المستمر، وإحداث تأثير مستمر في حياة المرضى".
كما أشارت وكالة التصنيف الائتماني موديز هذا الشهر في تقرير عن سوق العقاقير البيولوجية المماثلة، فإن المنافسة من العقاقير البيولوجية المماثلة، أو النسخ المتابِعة من عقاقير التكنولوجيا الحيوية المعقدة، تُمثل "تهديداً متزايداً لشركات الأدوية ذات العلامات التجارية".
ما يقود التحول هو العامل الحاسم، الذي تشترك فيه أنظمة الصحة في جميع أنحاء العالم، بخفض تكلفة الرعاية لعدد السكان المتنامي والمسنين.
أوروبا تتقدم على بقية العالم من حيث اعتماد العقاقير البيولوجية المماثلة، وخدمة الصحة الوطنية الممولة من دافعي الضرائب في المملكة المتحدة في الطليعة، بعد أن حوّلت في الأصل 80 في المائة من المرضى المؤهلين إلى نسخة ريتوكسيماب من العقار البيولوجي المماثل، وهو دواء لعلاج سرطان الدم من صناعة شركة روش.
وثيقة بتكليف من خدمة الصحة الوطنية تُقدم إرشادات حول السوق للعقاقير البيولوجية المماثلة لعقار هوميرا، التي اطلعت عليها صحيفة فاينانشيال تايمز، ذكرت: "هدفنا هو أن 90 في المائة على الأقل من المرضى الجدد سيوصف لهم الدواء البيولوجي الأفضل قيمة، في غضون ثلاثة أشهر من إطلاق الدواء البيولوجي المماثل، و80 في المائة على الأقل من المرضى الحاليين في غضون 12 شهراً، أو قبل ذلك إن أمكن".
لتحقيق هذا، توصلت خدمة الصحة الوطنية إلى نهج جديد: في حين أن معظم "الموردين ذوي الأسعار التنافسية" سيفوزون بحصة أكبر من السوق، "إلا أن جميع الموردين سيحصلون على إمكانية الوصول إلى بعض السوق، على الأقل عند تسلم عرض متوافق لتجنب الهيمنة"، وذلك وفقاً لوثيقة ثانية صدرت الأسبوع الماضي.
وورويك سميث، مدير شركة بريتش جينيريك مانوفاكتورر أسوسييشن، قال: "الأمر كله يتعلق بالتأكد من أن هناك عدة موردين في السوق.. لن يكون الأمر أن ’الشركة التي تقدم أدنى سعر تحصل على كل شيء".
أعلنت "ساندوز" فرع الأدوية الجنسية لشركة صناعة الأدوية السويسرية نوفارتيس، "حلا عالميا لجميع الدعاوى القضائية المتعلقة بالملكية الفكرية مع مجموعة آبفي" بشأن عقارها البيولوجي المماثل، أي هيريموز، الأسبوع الماضي فحسب. عقارها البيولوجي المماثل جاهز الآن للإطلاق.
قال تيم دي جافير، رئيس قسم ساندوز في المملكة المتحدة: "عقار ريتوكسيماب نجح تماماً ... خدمة الصحة الوطنية تُركّز على هوميرا، وأعتقد أن هذا يُمكن أن يكون واحدا من أنجح العقاقير البيولوجية المماثلة بالنسبة لخدمة الصحة الوطنية من حيث زيادة الإقبال والتوفير".
هناك مصدر قلق دائم بالنسبة لشركات تصنيع العقاقير البيولوجية المماثلة هو أنها ستتعرض للضغط لتخفيضات أكثر مما يُمكن أن تتحمل.
يُمكن أن يستغرق وصول العقاقير البيولوجية المماثلة إلى السوق تسعة أعوام، وتستهلك ما يصل إلى 200 مليون دولار من الاستثمار؛ مقابل العقار الجنسي "ذي الجزيء الصغير" الذي يستغرق عادة ثلاثة أعوام كأقصى حد ويكلّف تطويره بضعة ملايين فقط.
اقترح راجيف مالك، رئيس شركة مايلان، أن الجودة واستمرارية العرض، وليس مجرد السعر، يجب أن تكون عاملاً في قرارات التكليف من الدافعين، حيث قال: "لا يُمكنك خفض التكلفة لدرجة أن تصبح الأعمال غير منطقية فحسب، من وجهة نظر التكلفة".
تشاد بيتيت، المدير التنفيذي المسؤول عن الوصول إلى القيمة العالمية والسياسة لوحدة أعمال العقاقير البيولوجية المماثلة في شركة أمجين، قال إنه سيتم إطلاق عقارها البيولوجي المماثل لعقار هوميرا، ألا وهو أمجيفيتا، في جميع الدول الـ 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى النرويج وإيسلندا وليختنشتاين.
وفي حين أكد أنه لا يستطيع التعليق على استراتيجية التسعير في شركة أمجين، إلا أنه قال إن "التوفير بالنسبة للعقاقير البيولوجية المماثلة سيكون أقل من التوفير الذي تحقق من العقاقير الجنسية التقليدية؛ لأن تطوير العقاقير البيولوجية المماثلة هو أكثر صعوبة وكلفة". وأضاف: "إذا نظرنا إلى التسعير، فسيعتمد فعلاً على ديناميكات السوق، ويختلف حسب المنطقة والبلد".
مع ذلك، استنتج بيتيت، أن "العقاقير البيولوجية المماثلة ذات الجودة العالية، التي يتم توريدها بموثوقية" ستوفر "إمكانية الوصول المتزايد، وتوفير التكلفة بالنسبة للمرضى، وللدافعين، وللمستشفيات، وأنظمة الصحة. سيكون لها تأثير.

الأكثر قراءة