FINANCIAL TIMES

«أمازون» تزيد الضغط على منافساتها

«أمازون» تزيد الضغط على منافساتها

بعد ساعات قليلة على إعلان "أمازون" أنها سترفع الحد الأدنى لأجور موظفيها في الولايات المتحدة إلى 15 دولارا في الساعة، ظهر الرئيس التنفيذي، جيف بيزوس، على خشبة المسرح في واشنطن العاصمة.
تم تكريمه لمساهماته المقدمة لحكومة الولايات المتحدة، من خلال خدمات الحوسبة السحابية في "أمازون" وشركته لاكتشاف الفضاء "بلو أورجين".
عندما سئل عن شركة "أمازون" التي تتعرض لانتقادات متزايدة بسبب ممارساتها التجارية غير المتعاطفة، في وقت بلغت فيه قيمتها السوقية تريليون دولار، كان بيزوس غير نادم إلى حد كبير.
قال "إذا كنت تنوي فعل أي شيء جديد أو مختلف، فسيساء فهمه من قبل النقاد"، مضيفا أنك "عندما تعتقد أن الانتقاد لا أساس له لن تكون هناك أي قوة في العالم قادرة على تحريكك".
من ناحية الأجر، اعترف بأن "أمازون"، التي تعد ثاني أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة، بعد "وولمارت"، تساءلت في البداية عن سبب تعرضها هي بالتحديد للانتقاد، مقارنة بشركات الوجبات السريعة أو سلاسل المقاهي. وفي النهاية، قال "إنها تحاول أن تكون "تنافسية" في مسألة الأجور مقارنة بغيرها من تجار التجزئة وقررت أن تكون لها القيادة. وأعتقد أن الناس ستتبع خطاها".
وكان أداء سياسيا حكيما. ففي حين إن "جوجل" و"فيسبوك" و"تويتر" وجدت أنفسها أخيرا تسعى جاهدة من أجل احتواء انفجارات سياسية، تبدو "أمازون" ـ التي جمعت في واشنطن أكبر فريق ضغط تجمعه شركة تكنولوجيا ـ متقدمة خطوة إلى الأمام.
في الشهر الماضي، بعد أن تعرضت "أمازون" للانتقاد لتصديها لضريبة تجارية جديدة في سياتل تهدف إلى معالجة مشكلة التشرد في المدينة، أطلق بيزوس مؤسسة خيرية بقيمة ملياري دولار تهدف إلى معالجة مشكلة التشرد والتعليم.
والآن، زيادة الرواتب في الشركة تقلل من الشعور المتزايد بعدم الرضا من ظروف العمل في شبكتها من المخازن اللوجستية، فضلا عن الدفع باتجاه تشكيل نقابات لموظفيها - خاصة في متاجر "هول فودز".
كلا التحركين يسبق الإعلان، قبل نهاية العام، عن المكان الذي ستبدأ فيه "أمازون" بناء مقرها الثاني في الولايات المتحدة الذي سيعمل فيه 50 ألف موظف. وسارعت المدن والولايات إلى تقديم مليارات الدولارات من الإعفاءات الضريبية وغيرها من الإعانات لتحسين عطاءاتها، ما تسبب في استياء بين المراقبين.
قال أنتوني تشوكومبا، الذي يعمل محللا في شركة لوب كابيتال ماركتس "يشكل هذا انتصارا كبيرا للعلاقات العامة. يمكنني القول إنه مجرد انقلاب". وأضاف "يهاجم بيرني ساندرز "أمازون"، وكثيرا ما يهاجم ترمب شركة أمازون، وها هي "أمازون" تعمل على تحسين حياة عمالها".
وأوضح أن زيادة الأجور ستضيف ما بين 900 مليون دولار و1.8 مليار دولار من التكاليف الإضافية السنوية في الولايات المتحدة، أي أقل من 1 في المائة من عائدات "أمازون".
وخفضت "أمازون" قوتها العاملة الموسمية في الولايات المتحدة بنسبة 16.6 في المائة، من 120 ألفا في العام الماضي إلى 100 هذا العام. وأعلنت الشركة أن الأجر بالساعة. في مدينة دالاس كان يصل إلى 12.85 دولار لمن يعمل في المستودع، مشيرة إلى أنها تقدم لهم الآن زيادة بنسبة 16 في المائة.
إضافة إلى السياسة الجيدة، هناك سببان واقعيان وراء تحرك "أمازون". فالأمر لا يقتصر على تشديد سوق العمل في الولايات المتحدة، بل يشمل المدن الكبيرة والصغيرة التي ظهرت فيها مراكز لوجستية عند تقاطع طرق النقل الرئيسية، وأصبحت المنافسة على وظائف المستودعات شرسة للغاية.
ديف لويس، الرئيس التنفيذي لسلسلة متاجر تيسكو الرائدة في المملكة المتحدة، أوضح أن متوسط الحد الأدنى لمعدلات الأجور في تسعة من 12 مركز توزيع تابعة لشركته في المملكة المتحدة، كان بالفعل متقدما على الحد الأدنى للأجور في مركز أمازون الجديد في المملكة المتحدة، البالغ 9.50 جنيه استرليني، وذلك بسبب المنافسة على وظائف المستودع. وقال "إن المعدلات سترتفع أكثر في تشرين الثاني (نوفمبر)". وأضاف "إذا فعلنا أي شيء فسيلحقون بنا".
لكن نظام الزيادة في الأجور لا يطبق في المناطق التي لا تواجه فيها "أمازون" صعوبة كبيرة في التوظيف. ولجأ موظفو المستودعات التابعون لـ "أمازون" في بولندا وألمانيا وإسبانيا إلى الدخول في احتجاجات في الأشهر الأخيرة بسبب ظروف العمل. يمكن للموظفين الدائمين في ألمانيا أن يكسبوا 12.22 يورو في الساعة "14.11 دولار" بعد عامين من العمل.
ولا تريد "أمازون" التوقف عند زيادة الأجور للعاملين. قالت "إنها ستضع ثقلها وراء جهود ترمي إلى رفع الحد الأدنى للأجور الفيدرالية فوق 7.25 دولار، وإعادة صياغة نفسها بحيث تتحول من كونها هدفا يركز عليه النشطاء في مجال العمل، إلى زعيمة لقضية تكتسب زخما في جميع أنحاء البلاد - وربما ترفع من تكاليف منافسيها".
قال مايكل ماندل، كبير الاستراتيجيين الاقتصاديين في معهد السياسات التقدمية "أمازون" تضع معيارا وطنيا جديدا لما يجب أن تكون عليه أجور العاملين الحاصلين على مؤهل التعليم الثانوي"، وأضاف "هذا سيجبر كثيرا من الشركات على أن تقرر ما إذا كانت ترغب في أن تبدأ في الاستثمار في عمالها وفي التكنولوجيا لأنها لم تعد ترغب في أن تظل عالقة في مستوى إنتاجية منخفض، وتوازن منخفض للأجور".
جين مونستر، المحلل السابق في وول ستريت الذي تحول إلى مستثمر في شركة لوب فنتشرز، اعتبر تحرك أمازون "خطوة عبقرية على ثلاثة مستويات". فبشكل مباشر، الزيادة "تحفز" قوتها العاملة وتحد من معدل التنقل المكلف بين العمال الأمريكيين البالغ عددهم 250 ألفا، الذين سيرون رواتبهم ترتفع الشهر المقبل، وستساعد على جذب 100 ألف عامل موسمي تخطط لتوظيفهم في موسم العطلات المقبل.
كذلك تستفيد "أمازون" مما وصفه مونستر بـ "نهج هنري فورد: إذا وضعت مزيدا من المال في جيوب موظفيك، فإنهم سينفقون مزيدا من المال على منصتك. المال يعود إليك".
وعلى مستوى أعلى، فإنه يسمح للشركة بتقديم صورة "أكثر ملاءمة" للمستهلكين والمشرعين. وقال "في الوقت الذي تصبح فيه الشركة أكبر، يصبح هدفها أكبر. ذلك يساعد على التخفيف من بعض المخاطر".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES