بحثا عن المواهب .. كأس عالمية لاكتشاف نجوم التحليل الكمي

بحثا عن المواهب .. كأس عالمية لاكتشاف نجوم التحليل الكمي

في الشهر الماضي اجتمع مجموعة من العباقرة الذين يتطلعون لأن يكونوا أساتذة في الأسواق الحديثة في فندق منتجع فاخر في جزيرة في سنغافورة، ليس بعيدا عن المكان الذي عقد فيه الرئيس دونالد ترمب لقاءه مع كيم جونج أون، زعيم كوريا الشمالية. كان هدفهم هو الفوز بأول "كأس عالم" للكميين.
الكميون، أو المحللون الكميون والتجار، هم علماء رياضيات وعلماء بيانات ومهندسو كمبيوتر يصممون الخوارزميات لاستحداث أنماط مربحة واستغلالها في الأسواق المالية. بعض صناديق التحوط الأكثر نجاحا في صناعة الاستثمار هي صناديق تحوط كمية، واليوم يحاول تقريبا كل مدير أصول جمع أكبر عدد ممكن من الكميين الناشئين.
تم اختيار 47 شابا وشابة من 15 بلدا، من بينها روسيا والمكسيك والهند وكينيا وفيتنام وكوريا الجنوبية، من مجموعة تضم 11 ألف متسابق، التقوا في فندق إكواريوس للمنافسة في الدورة الافتتاحية لـ "بطولة الكوانت العالمية" International Quant Championship التي ينظمها "ويرلد كوانت" WorldQuant، أحد صناديق التحوط الرائدة التي تعمل بالكمبيوتر.
على مدى يومين من المنافسة، قدم المرشحون للتصفيات النهائية الذين لهم صلة بتخصصات تشمل العلوم الطبية والهندسة والفيزياء والرياضيات، إشارات تداول أنشأتها فرقهم إلى لجنة من المديرين التنفيذيين في "ويرلد كوانت". حاز الأنموذج الأفضل أداء على الجائزة الكبرى. وسيعرض على بعض المرشحين للتصفيات النهائية دور مستشار أبحاث في "ويرلد كوانت".
إيلينا تفردوخبوفا، طالبة روسية في الرياضيات التطبيقية تبلغ من العمر 26 عاما، فازت في المسابقة باعتبارها جزءا من فريق الإناث الوحيد، قالت: "تحليل البيانات سيغير عالمنا. فهو ما نحتاج إليه في جميع المجالات".
البطولة تعد مثالا حيويا على الكيفية التي أصبحت بها عملية البحث عن المواهب في المجالات سريعة النمو مكثفة جدا، في الوقت الذي ألقت فيه المصارف ومديرو الأصول التقليديين أنفسهم في الساحة وباتو يتنافسون الآن مع صناديق التحوط الكمية الراسخة ومع وادي السليكون.
وبحسب بن هودجيك، رئيس قسم توظيف المحللين الكميين في "سيلبي جينينجز"، المحلل الكمي الذي لا تتجاوز خبرته خمس سنوات فقط يتطلع إلى أن يحصل في الوقت الحالي على مرتب يصل على الأقل إلى 300 ألف دولار سنويا، صعودا من متوسط يبلغ نحو 250 ألف دولار قبل بضع سنوات فقط، بينما يتطلع كبار المحللين ومديرو المحافظ الاستثمارية الأقدم، ممن تزيد خبرتهم عن خمس سنوات، إلى ما لا يقل عن 500 ألف دولار، صعودا إلى أكثر من مليون دولار.
ولتقريب الصورة، يمكن مقارنة من هم في قمة تلك المجموعة إلى حد كبير مع ما يجنيه رؤساء معاهد التحليل الكمي التعليمية، مثل كارنيجي ميلون أو معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
قال هودجيك عن الطلب الحالي على المحللين الكميين: "إنه أمر مثير للسخرية. نرى الآن أن الأشخاص يحصلون على عروض عمل حتى قبل تخرجهم (...) الحقيقة هي أن هناك الكثير من الطلب، لكن العرض ليس موجودا".
مع ذلك حزم الأجور العالية لا تكفي دائما لجذب المرشحين الذين غالبا ما يتودد إليهم أيضا أثرياء وادي السليكون، ما دفع العديد من لاعبي صناعة التحليل الكمي إلى اتخاذ نهج أكثر إبداعا: تمويل مراكز البحوث بالكامل في أفضل الجامعات، أو إطلاق تحديات غير تقليدية في مجال البيانات للعثور على المواهب خارج مراكز التعليم المعتادة التي كثيرا ما تطرق أبوابها شركات التوظيف.
هذا يمكن أن يأخذهم إلى مجالات جديدة. هذا الشهر سيتمكن الآلاف من المعجبين من لعب أحدث تجسيد لـ "هاليت"، وهي لعبة مباشرة على الكمبيوتر أنشأها "تو سيجما"، أحد أكبر صناديق التحوط الكمي.
في النسخة الأولى من "هاليت"، التي أنشأها متدربان في صيف 2016، كتب المبرمجون برامج لـ "روبوتات" بسيطة تسعى للاستيلاء على أراض على الشبكة. أكثر من 1500 شخص لعبوا التجسيد الأول، ونحو ستة آلاف شخص، من أكثر من 100 بلد، لعبوا التجسيد الثاني، الذي كان فيه على الربوتات أن تناضل من أجل السيطرة على الكون، من خلال بناء سفن للتنقيب في الكواكب وتطوير أساطيل أكبر.
تشغيل النسخة الثالثة يبدأ في منتصف تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ويأمل ألفريد سبكتر، رئيس قسم التكنولوجيا في "تو سيجما"، والرئيس السابق للبحث والمشاريع الخاصة في جوجل، في أن تلمع هذه اللعبة العلامة التجارية لصندوق التحوط بين جيل الألفية البارعين في أمور التكنولوجيا، الذين قد يرغب الصندوق في توظيفهم يوم ما.
قال سبكتور: "أركز على تقديم التكنولوجيا والخدمات لأعمال الاستثمار والتأمين لدينا. لكن لأداء هذه المهمة نحن بحاجة إلى المواهب. ولكي نحصل على المواهب، علينا أن نظهر أننا أيضا ممتعون ومبدعون". وأضاف: "يمكنهم أن يتعرفوا على شركتنا من خلال لعبة هاليت".
وتهدف لعبة هاليت في المقام الأول إلى جذب المبرمجين. وتدير "تو سيجما" أيضا مسابقات في "كاجل"، وهي منصة إلكترونية تشتهر بين علماء البيانات، للعثور على مختصين في فرز مجموعات البيانات الكبيرة، وتمنح 100 ألف دولار للفائزين. وفيما يتعلق بمدى شراسة معركة العثور على أفضل الأشخاص والاحتفاظ بهم، قال سبكتور: "سأوضح الأمر على النحو التالي، هذا وقت مناسب للغاية للحصول على درجة علمية في علوم الكمبيوتر أو البيانات".
وبلغت الاستماتة من أجل الخبراء الكميين المحتملين أن "ويرلد كوانت" يعتقد أنه لا يكفي اجتذاب خريجي علوم الكمبيوتر الموهوبين فقط، بل يرغب في تشجيع الخبرة العملية في وقت مبكر من العملية التعليمية، وجعل الجامعات تدرج WebSim في مناهجها الدراسية.
قال نيتيش مايني، المدير العام في مركز الأبحاث الافتراضي في "ويرلد كوانت": "هناك عنصر عملي لذلك وهو مهم، لكن الجامعات لا تقدم ذلك بشكل مباشر. الأمر متروك للصناعة لتركز على بناء المهارات المطلوبة من قبل المرشحين ليصبحوا محللين كميين ناجحين".

الأكثر قراءة