أين الإسكان التنموي؟

قلت في مقالات سابقة إن الشريحة الاجتماعية المسجلة في نظام الضمان الاجتماعي هي الشريحة الأهم التي يجب أن توجه إليها الأنظار في كل برامج الدعم والتنمية الاجتماعية التي تبدأ من المساعدات المادية والمخصصات الشهرية وتنتهي بتحويلها إلى أسر منتجة وفاعلة من المجتمع لا تحتاج إلى معونات الضمان الاجتماعي كما يحدث في أغلب الدول التي تهتم بالتنمية الاجتماعية - هناك قرابة 700 ألف أسرة مسجلة في قوائم الضمان الاجتماعي من مختلف الفئات، مسنين، أرامل، مطلقات، وذوي احتياجات خاصة، .. إلخ.
وهذه الإحصائية التي يملكها الضمان الاجتماعي هي الأهم في تحديد استراتيجية العمل المقبلة التي يفترض بها نقل هؤلاء المستفيدين من خانة المستحقين إلى خانة المنتجين والمستغنين عن برامج الدعم، والكل يجمع على أن توفير برامج الدعم السكني وبرنامج فرص العمل من أهم البرامج التي ستغير من وضع هذه الشريحة اجتماعيا وماديا ومعنويا، وكانت توجيهات الدولة واضحة في هذا الشأن من خلال اعتماد برنامج الإسكان التنموي لهذه الشرائح والشرائح المشابهة ورصد أربعة مليارات ريال في المرحة الأولى لتنفيذ المشروع، ووزارة الإسكان بدورها أسست إدارة مختصة أسمتها الإسكان التنموي لتنفيذ رؤية القيادة "أيدها الله" في تغيير وضع هذه الشريحة. انطلقت الإدارة الجديدة قبل عامين تقريبا بكثير من التصريحات والأفكار والطموحات. هناك مذكرات تفاهم وقعت مع الجمعيات الخيرية، مع الضمان الاجتماعي، مع مؤسسات أخرى أعلن عن البدء في تخصيص مشاريع تبنى لصالح وزارة الإسكان وتوزيعها على هذه الأسر في الرياض وتبوك وغيرهما. أعلن عن أفكار كثيرة، مثل شراء شقق جاهزة وتوزيعها على المحتاجين في المستقبل القريب، وأعلن عن شراكات في مجال المسؤولية الاجتماعية مع مصارف وشركات لتوفير بعض الوحدات السكنية الجاهزة لمساندة جهود الوزارة، لكن الحقيقة أن هذه الأفكار والطموحات والمشاريع بقيت حبيسة الأدراج ولم نشاهد شيئا على أرض الواقع. ولا أعرف أين ذهبت كل هذه الطموحات التي ظلت حلما جميلا لكل المحتاجين والمعوزين. كيف تلاشى الإسكان التنموي وذابت خططه واختزلت في تصريحات منشورة على الورق؟ من يتحمل مسؤولية الفشل؟ ومن سيحاسب عن حرمان آلاف الأسر من الاستقرار النفسي والاجتماعي الذين أرهقتهم الإيجارات ولم تمكنهم ظروفهم من شراء أراض أو وحدات سكنية؟ إن فشل برامج الإسكان التنموي أمر مؤلم ومحبط جدا رغم توافر الدعم المادي من الدولة - حفظها الله - وتوافر قاعدة البيانات للأسر المحتاجة المسجلة في الضمان الاجتماعي، ولا يجب أن يمر هذا الأمر مرور الكرام، وعلى الجهات الرقابية أن تفتح ملف الإسكان التنموي بقوة لنعرف من المسؤول، فلا أحد فوق المحاسبة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي