الكتب المدرسية مرة أخرى

يؤسفني أن أعود لطرق موضوع توزيع الكتب المدرسية سنة بعد أخرى، نحن في عالم يتجاوز كل متعلقات العهود الماضية ويتطلب الخروج من النمطية، التي أثرت في حياتنا سابقا، ذلك أن الأبناء والبنات تجاوزوها قبلنا ونحن نبحث في الحلول التي تناسب مفاهيمنا وتفكيرنا ومعرفتنا.
الطالب اليوم قادر على التعامل مع التقنية، ولا بد أن كل أب وأم لاحظوا كيف يفضل الأبناء والبنات التفاعل مع التقنية أكثر من الحديث معهم أو تكوين علاقات خارج إطار تلك الشاشات الفاتنة التي تقدم لهم ما يشاءون وتعطي حياتهم نكهة مختلفة جدا. الاعتقاد باستمرار التفضيلات وبقاء الناس حبيسي ثقافة سابقة يعني أننا لن نتقدم في موقعنا الفكري والتعليمي إلى مراحل جديدة.
الطالب الذي سيتسلم الكتب الدراسية بحسب وعود الوزارة خلال الأسبوعين الأولين من الدراسة، ملَّ من هذه التراجيديا المستمرة، ولم تعد رائحة حبر المطبعة تستثيره أو تعني له سوى أنه يتعامل مع تقنية قديمة لن تعينه في تحقيق أحلامه المستقبلية. لهذا نقول إن خير جليس اليوم لا يزال هو العلم الذي بين دفتي مركب مختلف هو "الآيباد" أو "اللابتوب"، فلا يظنن أحد أننا نهرب من العلم والثقافة التي يحتاج إليها الجميع، وإنما أصبحنا نستقيها من مصادر جديدة وهي ما ينبغي للوزارة أن تستوعبه وتعيد النظر في بعدها الخطير عن وسائل التعلم الحديثة.
إن كان الكتاب يقدم المعلومة بشكل خطي بسيط، فهذه الأجهزة تقدمه بكل الوسائل المتاحة، وتعوض عن المختبرات والمشاريع الميدانية والعرض المكتوب والأفلام المصورة لتصبح بين يدي الباحث عن المعلومة جاهزة في أي وقت وأي مكان.
يلاحظ أن الحالة في دول كثيرة سيطرت لدرجة أن عملية التعلم الذاتي وما يعرف بـ home schooling باتت منتشرة بما يسمح للأسرة بالتنقل بشكل غير مسبوق وضمان استمرار التعليم والحصول على شهادات معترف بها. كل هذا ممكن اليوم ومفتوح من خلال سيطرة التقنيات الملائمة التي تعتمدها وتحترمها الجهات التعليمية وتضمن من خلالها انتشار المعرفة والعلم للجميع، وهي مساهمة كبيرة في التقليل من تكلفة وتأثير التجهيزات المادية التي كانت تشغل حيزا كبيرا من عملية التعليم، وسيطرت لقرون على بقية عناصر العملية التربوية ليعود التركيز للمهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي