الحوسبة السحابية على رأس التقنيات التي تقود التحول الرقمي في السعودية

الحوسبة السحابية على رأس التقنيات التي تقود التحول الرقمي في السعودية
الحوسبة السحابية على رأس التقنيات التي تقود التحول الرقمي في السعودية

في ظل الانفتاح التكنولوجي الذي يعيشه العالم اليوم، بات كل من القطاعين العام والخاص يرى ضرورة الوصول لإيجاد بيئة صحيحة ومناسبة تعتمد على تقنيات التحول الرقمي، لتصل بدورها للأهداف المرجوة من هذا التحول، وتأتي تقنية الحوسبة السحابية على رأس التقنيات المتطورة التي تشكل أحد الأركان الرئيسة في مرحلة التحول الرقمي.
وحول تبني تقنيات الحوسبة السحابية في السعودية ومدى وعي مديري تقنية المعلومات في المملكة بأهميتها، حاورت "الاقتصادية" ممدوح علام، المدير العام لـشركة F5 Networks في السعودية:

 يبدي عديد من القطاعات في المملكة مخاوف اتجاه اتخاذ خطوة التحول نحو الحوسبة السحابية، لماذا برأيك؟
تتحلى السعودية بمكانة جيدة تؤهلها للاستفادة من التقنيات السحابية خلال السنوات القليلة القادمة، رغم وجود بعض المخاوف السابقة، وقد أظهرت نتائج دراسة حديثة صادرة عن وكالة الأبحاث Think Positive، بتكليف من شركة F5، أن 100 في المائة من المديرين التنفيذيين وقادة الأعمال السعوديين (الذين شملتهم الدراسة) يؤمنون بقدرة السحابة على إحداث أثر إيجابي على الحصة السوقية، وعلى مساهمتها بتفوقهم على منافسيهم. كما أشار 89 في المائة منهم إلى قدرتها في تحسين مستوى انتشار ومعرفة العلامة التجارية، في حين أثنى 92 في المائة على قدرتها في تحسين مستوى الابتكار. بينما يؤمن 97 في المائة منهم أن السحابة تلعب دورا حيويا ومتكاملا في تحقيق أهداف "رؤية السعودية 2030".
لكن من المهم التركيز على الفوائد المجنية من التقنيات السحابية، فهي تعد وسيلة فعالة وقوية تستطيع المؤسسات من خلالها تعزيز مستوى أداء بنيتها التحتية القديمة، وذلك عبر تخصيص استراتيجيتها لضمان توافق ومواكبة نماذج المعايير الأمنية والضوابط السياسية والمهارات والأعمال لمعدلات نمو وتطور الابتكار المتسارعة باستمرار.
لكن، وبشكل مؤكد، لا يوجد خيار واحد ومفضل على مستوى البيئات السحابية قادر على تلبية جميع متطلبات البنية التحتية. وفي ظل تسارع وتيرة عصر الهجرة نحو السحابة، من المتوقع أن يطرح مستقبل البيئات متعددة السحابات خيارات واسعة من الفرص المربحة أمام الشركات، من شأنها تمكينهم من تحقيق درجة أعلى من الانسيابية، وقابلية التوسع والتحديث، وتوافقية النفقات التشغيلية بدرجة أفضل، إلى جانب التركيز بمستوى أعلى من الوضوح والشفافية على مفاهيم الحفاظ على الأعمال، والتوسع بها. وفي إطار استثمار المستويات الأمنية المتقدمة المرافقة لحلول الأتمتة السحابية، سيصبح في إمكان المؤسسات تحسين قدرتها، وبشكل جذري، على تنظيم آلية استخدام واستثمار السحابة بدرجة عالية من الكفاءة، إضافة إلى إدارة عملياتهم بمستوى أعلى من الفاعلية.
وخلال السنوات القليلة المقبلة، ستحظى النفقات الأولية بدرجة أقل من الأهمية في ظل مواصلة الشركات المزودة للخدمات السحابية طرح حالات استخدام مقنعة وقابلة للتحكم. كما ستحقق التقنيات الحديثة، مثل الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلات، بالدرجة الأولى مستويات أعلى من عمليات الأتمتة، إلى أنها ستنهي جميع العوائق الحالية المرتبطة بالبيئات متعددة السحابات القديمة.

 ماذا يلزم الشركات الصغيرة والمتوسطة في المملكة للتحول إلى الحوسبة السحابية؟
ينبغي على جميع المؤسسات وضع خطة استراتيجية للارتقاء نحو السحابة، بحيث تكون قادرة على دفع عجلة نمو الأعمال نحو الأمام بواسطة تطبيق هيكلية فعالة وديناميكية قادرة على حماية التطبيقات المهمة والحيوية، وتعزيز فرص الأعمال إلى أقصى درجة، والحفاظ على توافقية العمليات مع البيانات، وحماية تجارب المستخدمين.
لذا، يتعين على المديرين والقادة التأكد فيما إذا كانت استراتيجية التحول نحو السحابة، التي يتبعونها قادرة على توفير الأساس الراسخ للابتكار، ونمو الأعمال، وتحقيق القيمة للعملاء. كما تحتاج المؤسسات إلى جني نتائج ملموسة تؤثر بشكل إيجابي ومباشر في ازدهار أعمالها. وعليه، يعد مستوى الحماية والأمن أمرا حيويا وجوهريا بالنسبة لأي مشروع تحول نحو السحابة، خاصة عند الجمع بين الخدمات السحابية الأصلية، التي لا تتوافق مع السياسات المعمول بها ضمن بيئة عمل المؤسسة. لكن في الوقت نفسه، سيؤدي الاستثمار في الأدوات والبرامج المتقدمة، والأفراد من ذوي المهارات، إلى تحسين مستوى الإدراك والمعرفة التقنية، فضلا عن تحقيق التوافقية الشاملة مع الاستراتيجية المطبقة.

 ما دور الحوسبة السحابية في التحول الرقمي و"رؤية المملكة 2030"؟
ستلعب الحوسبة السحابية دورا حيويا ورئيسيا في تحقيق أهداف "رؤية المملكة 2030"، وستعمل عمليات نشر البيئات متعددة السحابات، على وجه الخصوص، على إحداث تغيير كبير في قواعد اللعبة بالنسبة للشركات والمستهلكين على حد سواء، حيث ستمهد الطريق أمام موجة لم يسبق لها مثيل من الجمع ما بين الابتكار، وتوظيف مصممي ومهندسي البيئات السحابية، واستثمار مفاهيم التطوير والعمليات DevOps، والشبكة والعمليات NetOps، والأمن والعمليات SecOps من أجل الارتقاء بالبنية التحتية التقليدية للخدمات التحويلية، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه بهذه الدرجة من البساطة.
هذا، وقد أصبحت الثقافة والخبرة السحابية على مستوى المؤسسات، وعلى نحو متنام، شرطا أساسيا لعمليات التشغيل في ظل التطور التكنولوجي المتسارع الذي تشهده المنطقة. وبتطبيق الاستراتيجيات متعددة السحابات، سيصبح في الإمكان تعيين أحمال العمل ضمن البيئات السحابية العامة، التي تعد الأكثر ملاءمة لتنفيذ المهام المحددة، التي تتطلب السرعة والانسيابية والأمان. وفي حال الاستفادة من عمليات الاستقصاء وصياغة الرؤى، ستتمكن الفرص الواسعة التي ستوفرها البيئات متعددة السحابات من استثمار صافي الإيرادات، إلى جانب كسب ثقة العملاء من خلال التميز بمستوى الخدمات المقدمة.

 لماذا لا تقوم الشركات المزودة لخدمات الحوسبة السحابية بتوفير مراكز بياناتها داخل المملكة؟
تعمل معظم الشركات المزودة لخدمات الحوسبة السحابية الرائدة حاليا على استكشاف الخيارات المتاحة، وفي ظل انتشار موجة استثمار السحابات بوتيرة متسارعة، فإننا نتوقع مشاركة كثير من الشركات الجديدة. وهناك أيضا مجموعة متميزة من الشركات السعودية المزودة للخدمات السحابية، التي تعمل على ترسيخ وجود بنية تحتية عالمية المستوى في المملكة. وتعمل شركة F5 حاليا بالتعاون مع عديد من هذه المؤسسات على تبادل أفضل الممارسات، وضمان تقديم الخدمات المثالية خلال السنوات القادمة.

 هل تتوقع أن نرى شركات سعودية تزود خدمات الحوسبة السحابية بمعايير وأمان الشركات العالمية نفسها مثل مايكروسوفت وأمازون؟
حتى في ظل وجود الحلول المبتكرة المقدمة من كبرى الشركات المزودة للخدمات السحابية، تبقى الحاجة لوجود التنوع التقني.
كما يحظى كل من الخدمات السحابية المقدمة وآلية توفير الخدمات السحابية الرئيسية والمخصصة على المستوى الإقليمي بأهمية آنية ومستقبلية، فكبرى الشركات المزودة للخدمات السحابية لا تمتلك القدرة الدائمة على تلبية المتطلبات والمزايا المخصصة على المستوى المحلي. إلا أن الإرث القوي للتميز التكنولوجي في السعودية، إلى جانب طموحات المملكة الإنمائية واسعة النطاق، سيوفران البيئة المثالية للتميز في مجال السحابة، وضمن معايير عالمية من شأنها تلبية الاحتياجات الخاصة بالمملكة، إضافة إلى تعزيز عروض الشركات العالمية المزودة للخدمات السحابية في سياق البيئات متعددة السحابات.

 تسيطر كل من الحوسبة السحابية وتطبيقات الهواتف على المشهد التقني، حدثنا عن مدى الترابط والفرص التي يمكن أن يوفرها الدمج بينهما واستفادة كل منهما من الآخر؟
تكمن الفائدة اليوم في التطبيقات، حيث يتم حفظ البيانات المهمة كافة. لذا، ينبغي على الحلول الأمنية اتباع مسيرة التطبيقات أينما وجدت.
فقد تمكنت التطبيقات والأجهزة المحمولة القائمة على السحابات من تغيير قواعد اللعبة، حيث أصبح في الإمكان الوصول إلى البيانات عبر الأجهزة التي لا تملك شركات توريد التطبيقات أي سيطرة عليها، ومن مواقع وشبكات بعيدة عن متناول أيديهم، فلم تعد الحلول الأمنية القائمة على البيئة المحيطة خيارا مناسبا لصد الهجمات المتطورة التي يشنها مجرمو الإنترنت.
وعلى نحو مناسب، يجب توفير محيط حماية خاص بكل تطبيق، إلى جانب تأمين الحماية ضد هجمات حجب الخدمة الموزعة DDoS، وسن سياسات لحماية تطبيقات المواقع الإلكترونية بشكل شخصي ومخصص. من جهة أخرى، يتيح اعتماد نموذج العمل متعدد السحابات لوسطاء خدمات أقسام تقنية المعلومات القدرة على مساعدة المؤسسات على تحسين مستويات أمن التطبيقات لديها، وفي الوقت نفسه جني أقصى درجات الفائدة من البنى التحتية الحالية من خلال توحيد المعايير. كما تقوم العمليات الناجحة بنقل هذه المنهجية المتكاملة نحو السحابة لتفادي معضلة صوامع المهام الإدارية المتراكمة.
ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن أمن التطبيقات يعتمد على بنية التطبيقات بشكل كامل، بما فيها البنية التحتية للشبكات، وذلك من أجل ضمان قدرة المنظومة على حماية البيانات والخدمات الحيوية، التي بإمكانها التوسع بوتيرة متسارعة وبسيطة، بشكل شامل ومتكامل. لكن لا ينبغي أن يمتلك أي شخص أو قطاع من قطاعات الأعمال أمن التطبيق، حيث يجب تناغم جميع مهام الأطراف المعنية لمعرفة وتحديد الأهداف والغايات التجارية للشركة بشكل كامل، إلى جانب متطلبات عملية التحول، حيث يتوجب على فرق عمل التطوير والعمليات DevOps العمل بدرجة أعلى من التنسيق مع فرق عمل الشبكة والعمليات NetOps، وينبغي على مصممي خدمات وحلول التطبيقات الجديدة العمل بدرجة أعلى من الاحترافية كي يتمكنوا من توعية المديرين التنفيذيين حول الفوائد الجمة التي في الإمكان جنيها من عمليات الهجرة نحو السحابة، وكيف في الإمكان توحيدها ضمن معايير قياسية.

 هل سيسهم تطبيق الجيل الخامس في انتشار الحوسبة السحابية في المملكة؟
يتعدى الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية في حد ذاته حدود مسيرة تطور النطاق العريض للأجهزة المحمولة، كما أن السعودية تتميز بريادتها الإقليمية في هذا المجال، وهي في طريقها لتجسيده على أرض الواقع. كما أنه سيلعب دورا حيويا ورئيسا في تمكين ونشر عالمنا الرقمي المستقبلي، وتحويل جميع القطاعات الاقتصادية بما يلبي حجم وتعقيد المتطلبات المتنامية للسوق الاستهلاكية. ومن أبرز التغييرات الرئيسة التي سنلمسها في المستقبل هو اختصار زمن الوصول، الذي يحد حاليا من نطاق توسع موجة تبني التقنيات المتقدمة، مثل السيارات دون سائق والواقع الافتراضي. لكن لاستثمار الجيل الخامس 5G من الشبكات الخلوية على النحو الأمثل، ستحتاج المؤسسات لوجود شبكة قادرة على توسيع نطاق عملياتها بشكل كافٍ، وهنا تبرز إمكانات البيئات متعددة السحابات، حيث ستوجب على الشبكات التكيف وبدرجة عالية مع سعات حركة البيانات غير المسبوقة، ودخول ملايين الأجهزة الإضافية إلى شبكة الإنترنت. لذا، سيصبح من الأهمية بمكان الحفاظ على استقرار وقور الجدران الأمنية.



تعليق الصورة:
دخول الشركات السعودية لمجال الحوسبة السحابية بشكل ملحوظ.

الأكثر قراءة