ثقافة وفنون

داركست مايند .. من اللعب بالجوع إلى اللعب بالعقول

داركست مايند .. 
من اللعب بالجوع إلى اللعب بالعقول

داركست مايند .. 
من اللعب بالجوع إلى اللعب بالعقول

لطالما شكلت الروايات مصدراً خصباً لمنتجي الأفلام الذين ينقبون عن عمل متماسك ومحبوك بطريقة متينة، ولقد عمد كثير من المخرجين إلى اقتباس أفلامهم من روايات مختلفة حققت بعد ترجمتها إلى مشاهد تصويرية شهرة واسعة، وأصبحت علامة دامغة في عالم يمزج ما بين الفن والثقافة، ولقد تلقف هذه الفكرة المؤلف تشاد هوديج واقتبس فيلم The Darkest Mind عن رواية بقلم الكاتبة الكسندرا براكن تحمل نفس اسم الفيلم، وكانت النتيجة فيلما يصارع بكل أريحية كافة الأفلام التي تعرض في صالات السينما، وينافس بعضها على شباك التذاكر.
وما بين الرواية والفيلم توجد إجراءات لا يستهان، بها حيث إنه سيعمل كاتب السيناريو على جوجلة ما يدور في القصة واختصار وقائعها لتشغل المشاهد الذي لا يستطيع الصمود على كرسيه لمشاهدة فيلم أكثر من ساعتين، في حين إن الرواية من الممكن أن تأخذ نحو الشهر مع القارئ، يتمعن في حبكتها ويغوص في كلماتها بكل تأن. لذلك نرى في الأفلام المقتبسة عن روايات عملا مميزا وناجحا.

مرض غامض يقتل الأطفال

تتمحور قصة فيلمThe Darkest Mind حول فترة عصيبة كثيرة التغيّرات تشهدها أمريكا، حيث يفارق نحو 98 في المائة من الأطفال الحياة بسبب مرض غامض، بينما تحظى نسبة الـ 2 في المائة المتبقية منهم بقدرات خارقة تنمو وتتطوّر مع مرور الوقت، لدرجة أنه يتم اعتبار هذه المجموعة تهديداً من قِبَل الحكومة ويجري وضع الأولاد قيد الاعتقال.
وتتمكّن الفتاة روبي - تلعب دورها الممثلة آماندلا ستينبرج، البالغة من العمر 16 سنة، التي تُعتبَر واحدة من أكثر الفتيات قوّة، حيث يمكنها التلاعب نفسياً بالآخرين - من الهرب من مخيّم الاعتقال الذي كانت محتجزة فيه بمساعدة طبيبة تدعى كايت - تلعب دورها الممثلة ماندي مور - والانضمام إلى مجموعة من المراهقين الفارّين ذوي قدرات خارقة يعيشون هاربين في شاحنة صغيرة ويبحثون عن منطقة آمنة. لكن بعد فترة قصيرة، تعي هذه المجموعة التي أصبحت بمنزلة عائلة أن الهرب المستمر ليس كافياً في عالم يسيطر عليه أشخاص بالغون خانوا الأولاد والأطفال بعد تصنيفهم واعتقالهم، وبالتالي فإن الحل يكمن في بدء المقاومة والتعاون معاً عبر الاستفادة من طاقاتهم المجتمعة للسيطرة من جديد على عالمهم وإعادة رسم مستقبلهم الخاص.

مزيج بين الخيال العلمي والرومانسية

تتضمن الحبكة بعض الأحداث المستهلكة كوجود شاب طويل ووسيم في الشاحنة يدعى ليام - يلعب دوره الممثل هاريس ديكنسون - تقع روبي في غرامه، وهو يدرك مباشرة جرأتها وصلابتها بشكل مشابه لأفلام The Host وThe 5th Wave وغيرهم. يمتلك كل منهم قدرة مختلفة، وتتوهج عيونهم وفقاً لألوانهم التي تم وسمهم بها. من هناك ستنتقل روبي إلى معسكر للمراهقين الهاربين يقودهم رجل يدعى كلانسي جراي، يلعب دوره الممثل باتريك جيبسون.
تقدم ستينبرج أداءً مميزا، ولقد استطاعت أن تتأقلم مع بيئة تصوير تعج بالمؤثرات الخاصة والخدع البصرية، وهذا ليس غريبا على ستينبرج التي قامت بتجربة سابقة في فيلم مشابه هو the hunger games. وبعد أن جمعت البطلة روبي مجموعة من المراهقين تم تصنيف القوى الخارقة الفريدة التي يتمتّع بها كل فرد من الأولاد في هذا الفيلم وفق ألوان محددة، وذلك ضمن خمس فئات مختلفة هي البرتقالية والذهبية والخضراء والزرقاء والحمراء.

تصنيف القدرات بحسب الألوان

البرتقالية للأولاد الذين طوّروا قدرات تخاطرية. ويتم تصنيف روبي، ضمن هذه الفئة. وهي تتمتّع بالقدرة على قراءة الأفكار والتأثير في أفعال الناس وأفكارهم، إلى جانب القدرة على تعديل أو إلغاء الذاكرة وتغيير مشاعر الآخرين. أما كلانسي جراي، الذي يلعب دوره باتريك جيبسون، فهو أيضاً مصنّف ضمن الفئة البرتقالية ويتمتّع كذلك بقدرات تخاطرية.
أما الذهبية، فلأولئك الذين طوّروا قدرات حركية، وبالتالي يجري تصنيف زو - التي تلعب دورها ميا تشك - ضمن هذه الفئة، إذ إنها تتمتّع بالقدرة على توليد الطاقة الكهربائية والتحكّم فيها. ويتم اعتبار أعضاء هذه الفئة من بين الأكثر خطورة.
الفئة الخضراء للأشخاص الذين طوّروا قدرات فكرية وذهنية متقدّمة. وفي الفيلم، يتمتّع تشابز بقدرات فائقة لحل المشكلات وبذاكرة فوتوغرافية.
وتضم الزرقاء الأولاد من أصحاب قدرات التحريك عن بعد. ويتم تصنيف ليام - الذي يلعب دوره هاريس ديكينسون - ضمن هذه الفئة، وهو يتميّز بقدرته على تحريك الأشياء عبر تركيز ذهني.
وتبقى الحمراء، لأولئك الذين طوّروا قدرات تمكّنهم من إشعال النيران. وبالتالي يتمتّع الأولاد الذين يجري تصنيفهم ضمن هذه الفئة بقدرة خارقة يستطيعون عبرها ليس فقط إيقاد النار، بل التحكّم فيها أيضاً. ونتيجة لهذا، فإنهم يتمتّعون بقدرات تدميرية هائلة ويتم اعتبارهم من بين الأكثر خطورة ضمن مجتمع أصحاب القدرات الخارقة.

مؤثرات مميزة

إن مستوى الإبهار في المؤثرات الخاصة كان قويا ومميزا، واستطاعت المخرجة جنيفر يوه أن توازن بين الأكشن والرومانسية والخدع السينمائية في المشاهد، وعلى الرغم من التاريخ الفقير للمخرجة في عالم السينما إلا أنها لها تاريخ في عالم الأنيميشن واستخدام التقنية والمؤثرات، ولقد نجحت سابقا في الجزأين الثاني والثالث من سلسلة أفلام Kung Fu Panda.

قوة العقل وليس القتل

تحقق الأفلام الموجهة إلى المراهقين نجاحا باهرا في هذا الزمن، أولا للعدد الهائل منهم الذي يتابع هذه الأفلام، حيث يعد جمهور أفلام المراهقين كبيرا جدا مقارنة بالفئات العمرية الأخرى، وينظرون إلى تلك الأفلام على أنها تمثلهم وتعبر عن مشكلاتهم، وثانيا نظرا لتشعب المشكلات التي يعانيها المراهقون حيث يقف اليافعون الآن ويتحدثون بملء أفواههم بشأن سوء معاملتهم على أيدي البالغين أكثر من أي وقت مضى، وانتشرت ظاهرة التنمر والسيطرة على عقول، لذلك تأتي هذه الأفلام لتوجه أنظارهم إلى القدرات العقلية لديهم وكيفية استخدامها في الخير والابتعاد عن الشر، وقدم فيلم The Darkest Minds رسالة مهمة للمراهقين هي أن القوة الحقيقية هي قوة العقل والمواهب الخاصة وليس قوة القتل وإيذاء الآخرين.

أفلام مقتبسة من روايات

يذكر أنه انطلقت أفلام الخيال العلمي المبنية على الروايات مع فيلم هاري بوتر، الذي صدر عام 2001 واستمرت لنحو عقد من الزمن، وأبرز تلك الأفلام "هاري بوتر" الذي سيطر على عقول الكبار والصغار على حد سواء، وهو يحكي قصة طفل صغير يدعى هاري، يعيش مع خالته المتطفلة وزوجها البدين، وابنهما الأخرق. تنقلب حياة هاري فجأة عندما يأتيه عملاق ضخم ليأخذه إلى مدرسة سحرية في أقاصي الأرض، أما سلسلة أفلام "العراب" فهي مبنية على الرواية التي تحمل نفس الأسم للكاتبMario Puzo. التي حققت شهرة عالمية. وتغوص القصة في عوالم المافيا. ولا ننسى سلسلة أفلام "الحديقة الجوراسية" المقتبسة عن الرواية الضخمة التي تحمل نفس الاسم للكاتب مايكل كرايتون. تتحدث القصة عن العجوز المجنون "هاموند"، الذي تطرأ في ذهنه فكرة أن يُعيد خلق الديناصورات المنقرضة من جديد في بيئة طبيعية أليفة، لتكون مستأنسة من قبل البشر. 
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من ثقافة وفنون