الحرب التجارية .. أسهم التكنولوجيا الصينية تواجه المجهول

الحرب التجارية .. أسهم التكنولوجيا الصينية تواجه المجهول

المستثمرون الأجانب الذين بدأوا يفهمون الوضع في سوق أسهم الشركات الصينية المحلية يظهرون تحركات تشبه حركة السيارات ذاتية القيادة. "تجنب العوائق" يبدو وكأنه الأولوية الأولى التي توجه الأموال الأجنبية منذ قرابة ثلاثة أشهر بعد أن أُدرِجت أسهم الشركات الصينية المحلية في مؤشر الأسواق الناشئة المعياري للمرة الأولى.
ربما تبدو الأسهم المالية، ظاهريا، مثيرة للاهتمام؛ لأن الصين تمتلك بعض أكبر المصارف وشركات التأمين في العالم. لكن لا، هناك جميع أنواع المخاوف حول تمويل الظل وتقليص الرفع المالي في الاقتصاد الصيني، لذلك من الأفضل الابتعاد عن الأسهم المالية.
من المؤكد أن شركات الاتصالات جذابة في بلد يستخدم فيه 788 مليون شخص هواتفهم لتصفح الإنترنت. لكن لا، لا تنمو شركات مثل شركة تشاينا موبايل بالسرعة التي كانت تنمو بها في السابق – وعلى أي حال، هناك كثير من الصناديق التي تمتلك هذه الأسهم أصلا في الخارج.
الشركات المملوكة للدولة تخضع لتحولات السياسة المبهمة في بكين، لذلك ينصح بتوخي الحصافة. وربما تواجه الشركات العقارات هزة قوية في الوقت الذي تتراجع فيه السوق، لذلك من الأفضل تجنبها. شركات التكنولوجيا؟ نعم، لكن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة ربما تخبئ مفاجآت سيئة في المستقبل.
كل هذا يعني أن المستهلك هو ملك الصناديق الأجنبية المستثمرة في أسهم الشركات الصينية المحلية. اعتبارا من نهاية تموز (يوليو) 66 في المائة من الصناديق الأجنبية المستثمرة في تلك الأسهم، كانت تمتلك أسهما في شركات استهلاكية، وفقا لبيانات من 180 صندوقا دوليا كبيرا تم تحليلها من قبل شركة كوبلي الاستشارية لبحوث الصناديق.
في المقابل، 1 في المائة فقط من الصناديق تقتني أسهم شركات الاتصالات، في حين تمتلك 3 في المائة أسهم الشركات المالية، وتقريبا ما من صندوق يضع في محافظه الاستثمارية أسهم شركات عقارية. ونحو خمس هذه الصناديق مستثمرة في شركات التكنولوجيا، لكن هذه النسبة تجمدت منذ نشوب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة – مع تركيزها على التنافسية في مجال التكنولوجيا – في وقت سابق من هذا العام.
أسهم الشركات الصينية المحلية في كل من "السلع الاستهلاكية الاختيارية" و"اللوازم الاستهلاكية" شهدت ازديادا في الاهتمام من جانب الصناديق الأجنبية منذ أن تم في الأول من حزيران (يونيو) ضم 233 من أسهم الشركات الصينية إلى مؤشر مورجان ستانلي للأسواق الناشئة – وهو معيار يتعقبه 1.9 تريليون دولار من الأصول.
ميراندا كار، مديرة البحوث في شركة الأوراق المالية الصينية "هايتونج إنترناشونال"، عزت جاذبية الشركات الاستهلاكية إلى إحساس بأن الشركات التي من هذا القبيل تحصل على دعم من عوامل السوق المستقرة نسبيا، التي يسيطر عليها القطاع الخاص وتعيش بمعزل نسبيا عن المخاطر الخارجية، مثل الخلافات التجارية بين الصين والولايات المتحدة.
أندي روثمان، خبير الاستثمار الاستراتيجي في "ماثيوز آسيا"، أطلق على الصين وصف "أفضل قصة استهلاكية في العالم"، وذكر أن 78 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي في الصين خلال النصف الأول من العام كان مصدره الإنفاق الاستهلاكي - كان 45 في المائة قبل خمس سنوات فقط.
قال روثمان: "ينبغي أيضا أن يتم تعزيز الإنفاق الاستهلاكي في الأرباع المقبلة من خلال عدد قليل من التغييرات الأخيرة في السياسة الاقتصادية". وأضاف: "عملت الحكومة على تعديل المتطلبات الخاصة بالضريبة على الدخل الشخصي، التي تحقق تخفيضات ضريبية لمعظم العمال، الأمر الذي يفترض أن يحفز الطلب؛ لأن الأسر ذات الدخل الأقل لديها هامش أوسع للميل إلى الاستهلاك".
خوف مديري الصناديق الأجنبية من المخاطرة في سوق أسهم الشركات الصينية المحلية بدا واضحا أيضا في عدد من الشركات التي استثمروا فيها. من بين 233 شركة مدرجة في مؤشر مورجان ستانلي المعياري، تم الاستثمار في 98 شركة فقط، مقارنة بـ 47 سهما في وقت إدراجها في المؤشر، وفقا لـ "كوبلي لبحوث الصناديق".
الأسهم الأكثر شعبية بالنسبة للصناديق الأجنبية هي شركة كويتشو موتاي، و"ميديا جروب" التي تصنع الأدوات المنزلية، وشركة هانجتشو هايكفيجين لتصنيع معدات المراقبة.
لكن شركة هايكفيجين فقدت بعض شعبيتها منذ أواخر أيار (مايو)؛ لأن بعضهم يعتبر أنها عرضة لخطر الحرب التجارية، وفقا لبيانات "كوبلي".
قال هو جينمينج، الرئيس التنفيذي لـ "جي إف" الدولية لإدارة الأصول في لندن: "تستورد شركة هايكفيجين أشباه الموصلات من الولايات المتحدة وتبيع المنتجات إلى الولايات المتحدة، لذلك السوق تشعر بقلق كبير للغاية. إضافة إلى ذلك، الأسعار لدى هايكفيجين مرتفعة نسبيا بسبب زيادة كبيرة فرضت في العام الماضي".
بعد تراجع 23 في المائة في مؤشر شينزن لأسهم الشركات الصينية المحلية منذ بداية العام حتى الآن، يبلغ متوسط نسبة السعر إلى الأرباح 23 ضعفا. ولا تزال نسبة الأرباح إلى السعر في شركة هايكفيجين مرتفعة ـ بلغت 28.81 مرة عند إغلاق التداول يوم الخميس.
مع ذلك، عوامل القلق المحيطة بشركة هايكفيجين أقل خطورة من تلك التي تعانيها بعض شركات التكنولوجيا الصينية المدرجة في الخارج. "تنسنت"، شركة الإنترنت المدرجة في هونج كونج، تراجعت 14 في المائة منذ بداية العام حتى الآن. وشهدت أسهم شركة التجارة الإلكترونية العملاقة "علي بابا" أداء واهنا، مرتفعة بنسبة ضئيلة خلال العام. وأسهم "بايدو"، تكتل خدمات الإنترنت الصيني، انخفضت 4 في المائة تقريبا.
هذه الحظوظ السوقية المتضائلة تدفعها مجموعة من العوامل. فالدولار الأمريكي القوي وارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية أثارا أعصاب مستثمري الأسواق الناشئة، في حين يبدي مديرو الصناديق قلقهم من أن الحرب التجارية يمكن أن تعوق التوسع الدولي لشركات التكنولوجيا الرائدة في الصين؛ لأن من المحتمل أن تتسبب في تعطيل سلاسل التوريد الخاصة بها. في مثل هذه البيئة، يمكن للشركات ذات التركيز المحلي، التي تقدم الخدمات للمستهلك الصيني الدؤوب، أن تبدو وكأنها في لعبة دفاعية.

الأكثر قراءة