ارتفاعات الليرة التركية «فرحة لم تكتمل» .. اصطدمت بتحذيرات واشنطن

ارتفاعات الليرة التركية «فرحة لم تكتمل» .. اصطدمت بتحذيرات واشنطن

بعد ارتفاعات الليرة التركية خلال الساعات الماضية إثر طمأنة مؤقتة بثها مسؤولون أتراك للأسواق العالمية وبعض الإجراءات التي أعلن البنك المركزي تبنيها، "لم تكتمل الفرحة" لتصطدم العملة بتحذيرات واشنطن وتوعدها بعقوبات جديدة أمس وتهوي بعدها 7 في المائة مقابل الدولار.
في حين، أعلنت روهصار بكجان وزيرة التجارة التركية، أن تركيا سترد في حال قررت الولايات المتحدة فرض عقوبات جديدة، وذلك بعد تهديد واشنطن بتشديد العقوبات.
وهبطت العملة التركية إلى 6.2499 ليرة للدولار قبل عطلة عيد الأضحى الطويلة التي تبدأ يوم الإثنين، وزادت خسائرها مقابل الدولار هذا العام إلى 39 في المائة، حيث فاقم الخلاف مع الولايات المتحدة الخسائر التي نتجت عن مخاوف بشأن نفوذ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على السياسة النقدية، وفقا لـ"رويترز".
ويأتي ذلك وسط قلق المستثمرين بشأن تحذير الولايات المتحدة من أن تركيا يجب أن تتوقع المزيد من العقوبات الاقتصادية ما لم تسلم القس الأمريكي المحتجز لديها.
ورفض القضاء التركي الجمعة التماسا جديدا للإفراج عن القس الأمريكي بعدما رد الأربعاء طلبا سابقا مماثلا، وقال محاميه جيم هالافورت إن المحكمة قضت ببقاء برانسون قيد الإقامة الجبرية، مؤكدا أنه سيستأنف القرار بعد 15 يوما.
وفي حين يبدو أن لا تهدئة في الأزمة الدبلوماسية بين البلدين الحليفين في حلف شمال الأطلسي، تراجعت قيمة الليرة التركية مجددا بعد أن تحسنت بشكل طفيف هذا الأسبوع.
والقس برانسون الذي يشكل محور العاصفة الدبلوماسية بين البلدين، وضع في الإقامة الجبرية الشهر الماضي بعد اعتقاله لأكثر من عام ونصف عام بتهمة التجسس وممارسة أنشطة إرهابية، وهو ما ينفيه.
وكان وزير المال التركي براءة البيرق صهر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سعى الخميس إلى طمأنة الأسواق خلال مؤتمر بالدائرة المغلقة مع آلاف المستثمرين. وأكد أن بلاده "ستخرج أقوى" من أزمة الليرة.
وأوضح أن بلاده ليست على اتصال مع صندوق النقد الدولي من أجل خطة مساعدة محتملة، مشددا على أن أنقرة لن تلجأ إلى مراقبة رؤوس الأموال.
وبالنسبة إلى "كابيتال إيكونوميكس"، فإن أداء الوزير "لم يكن مقنعا كثيرا"، مضيفا في مذكرة لزبائنه "يبدو أن السلطات قامت بالحد الأدنى الضروري". وخلال المؤتمر "لم يأخذ الوزير في الاعتبار سبب تبدد الثقة في تركيا".
ويبقى خبراء الاقتصاد قلقين حيال الخلاف بين أنقرة وواشنطن، وأيضا هيمنة أردوغان على الاقتصاد.
وكانت الأسواق ردت بحدة على رفض المصرف المركزي التركي زيادة معدلات فائدته الشهر الماضي، على الرغم من تراجع سعر الليرة وارتفاع التضخم.
وعلى الرغم من حملة دعم الليرة، أظهرت بيانات من البنك المركزي ارتفاع ودائع النقد الأجنبي لدى المستثمرين المحليين في تركيا بمقدار 1.3 مليار دولار حيث وصلت إلى 159.9 مليار دولار الأسبوع الماضي.
ومن المنتظر أن تسدد تركيا وشركاتها سندات بالعملات الأجنبية تصل قيمتها إلى نحو 3.8 مليار دولار في تشرين الأول (أكتوبر)، وسيكون الأثقل من حيث سداد السندات، حيث ستصل قيمة أصل المبلغ إلى ثلاثة مليارات فضلا عن 762 مليون دولار قيمة الفائدة.
وتظهر حسابات سوسيتيه جنرال أن شركات تركية سيتعين عليها سداد سندات مقومة بالعملة الصعبة بقيمة 1.8 مليار دولار تستحق بحلول نهاية العام، فيما سيحل أجل استحقاق سندات حكومية بقيمة 1.25 مليار دولار.
وينتاب القلق مستثمري الأسواق الناشئة بشأن عبء الدين الخارجي لتركيا وقدرة شركاتها وبنوكها على السداد بعد طفرة في الإصدارات بالعملة الصعبة كانت تهدف إلى المساعدة في تمويل اقتصاد سريع النمو.
وبالنسبة للشركات، فإن تكلفة خدمة الدين الخارجي المقوم بالعملة الصعبة زادت بنحو الربع في الشهرين الأخيرين وحدهما عند احتسابها بالليرة.
وكتب جيسون داو من سوسيتيه جنرال في مذكرة إلى العملاء "متطلبات التمويل الخارجي لتركيا كبيرة... لديها أعلى دين مقوم بالعملة الأجنبية في الأسواق الناشئة ودين خارجي قصير الأجل بقيمة 180 مليار دولار وإجمالي دين خارجي بقيمة 400 مليار دولار".
وكتب داو "يتعين مراقبة مدفوعات أصل الدين والفائدة عن كثب حتى نهاية العام- التكلفة التي يتحملها قطاع الشركات لسداد التزاماته تزيد 25 في المائة مقارنة بحزيران (يونيو) بالنظر إلى انخفاض قيمة العملة".
لكنه أشار إلى أن أحد العوامل المخففة للضغط ربما يتمثل في أن معظم الدين الخارجي القصير الأجل في صورة أدوات كالقروض المصرفية والائتمان التجاري، وقد تكون إعادة هيكلة هذه الأدوات أو تمديد آجال استحقاقها أيسر مقارنة بالسندات.
وتظهر بيانات من إل. بي. سي أن قروضا بنحو سبعة مليارات دولار من المقرر أن يحل موعد استحقاقها حتى نهاية العام، وتشكل القروض المصرفية ما يزيد عن 90 في المائة منها.
وفي دلالة على تفاقم الأزمة، قالت وثيقة أرسلها البنك المركزي إلى بنوك تركيا إنه سيسمح بصفقات لمبادلة الذهب بالنقد الأجنبي ومبادلة مراكز الذهب بهدف اتاحة تعاملات في الذهب الفعلي في فرعيه في إسطنبول وأنقرة.
وقالت الوثيقة، إن البنك المركزي سيستخدم الأسعار الفورية للذهب في الأسواق العالمية في صفقاته للمبادلة، التي ستجرى عبر حساباته في بنك إنجلترا المركزي.
كما قالت وكالة التنظيم والإشراف المصرفي في تركيا، إنها ستوسع قيودا على تعاملات البنوك لمبادلة النقد الأجنبي لتشمل تعاملات المشتقات للعقود الآجلة والعقود الخيارية بالليرة.
وخفضت الوكالة الحد الأقصى لتعاملات البنوك التركية بالنقد الأجنبي في عقود المبادلة والعقود الفورية والعقود الآجلة مع البنوك الأجنبية إلى 25 في المائة من رأسمال البنك.
كما دفع ارتفاع الأسعار وانهيار الليرة تركيا إلى دخول الأسواق الدولية لتأمين إمدادات القمح وتفادي تضخم أسعار المواد الغذائية، وذلك في إطار الجهود الرامية لجعل اقتصاد البلاد تحت نطاق السيطرة.
وذكرت وكالة أنباء بلومبيرج الاقتصادية الأمريكية نقلا عن مسؤول تركي أن مجلس الحبوب التركي يعتزم تقديم عطاءات دولية لشراء الحبوب، وقال المسؤول إن عمليات الشراء قد تتم مباشرة بعد عطلة عيد الأضحى الأسبوع المقبل.
وقال المسؤول إن مسؤولي مطاحن الدقيق التركية والتجار المحليين ومجلس الحبوب المحلي عقدوا اجتماعا الأربعاء الماضي لتقييم وضع السوق. وفي حين أن مجلس الحبوب المعروف اختصارا بـ "تي إم أو" لم يتخذ قرارا بشأن توقيت الشراء وكمية القمح، فإنه يعمل على إجراءات العطاء.
وأوضحت بلومبيرج، أن المستوردين الأتراك يتعرضون لضغوط إضافية بعد أن جددت الليرة تراجعها لتتداول قرب أدنى مستوى قياسي لها مقابل الدولار في وقت يدفع خلاف شديد مع واشنطن الاقتصاد التركي إلى حالة من الاضطراب.
فيما أفادت هيئة الإحصاء التركية بأن مؤشر ثقة المستهلك في البلاد تراجع في آب (أغسطس) الجاري إلى أدنى معدلاته هذا العام حتى الآن، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية.
وتراجع المؤشر من 73.1 نقطة في يوليو إلى 68.3 نقطة في آب (أغسطس)، في أدنى معدل له منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي.
وانخفضت جميع مكونات المؤشر في أغسطس مقارنة بالشهر السابق، حيث تراجع المؤشر الذي يقيس توقعات الأسر التركية بشأن الوضع المالي للبلاد، من 92 نقطة الشهر الماضي إلى 85.5 نقطة الشهر الجاري.
كما تراجعت التوقعات بشأن الوضع الاقتصادي العام في تركيا، حيث انخفض مؤشرها من 96.3 نقطة في يوليو إلى 88.3 نقطة الشهر الجاري.
وتراجع مؤشر احتمالات الادخار من 27.1 نقطة في تموز (يوليو) إلى 25.3 نقطة في آب (أغسطس).
وفي الإطار، ضبطت الأجهزة الأمنية في مطار بنينا ببنغازي، 3 مسافرين حاولوا تهريب خمسة ملايين دولار إلى تركيا.
وأوضح مكتب مديرية أمن مطار بنينا، في بيان له أن "الجهات الأمنية رصدت هؤلاء الأشخاص منذ أيام وهم يحاولون تجهيز المبلغ، كما رصدت اتصالاتهم مع جهات خارج مدينة بنغازي، وهي التي قامت بتزويدهم بهذا المبلغ".
والأشخاص الثلاثة ومن خلال استجواب مبدئي، اعترفوا بانتمائهم لجماعة الإخوان، وبأنهم مكلفون بتهريب هذا المبلغ إلى تركيا في إطار محاولة إنقاذ اقتصادها وعملتها المتدهورة أمام الدولار.

الأكثر قراءة