FINANCIAL TIMES

الصورة الكاملة للرنمينبي تتطلب النظر إلى ما وراء التجارة

الصورة الكاملة للرنمينبي تتطلب النظر إلى ما وراء التجارة

بعض الأنواع من أسعار الفائدة تعرف منذ فترة طويلة بأنها ذات أهمية فائقة بالنسبة لسلامة نظامنا المالي. يمكنكم التعرف عليها من خلال مقدار الوقت الذي أمضيه أنا وزملائي وما يقضيه المتنافسون في مناقشتها. سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية يحدد سعر المال في العالم، وتحدد عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشر سنوات خط الأساس "الخالي من المخاطر" للمعاملات المالية التي تجري عبر العالم، واتجاه أسعار الذهب يخبرنا الكثير حول مستويات المخاطر المتصورة، وحول الثقة في السلطات لإبقاء التضخم تحت السيطرة.
يتم تحديد كل تلك المعدلات أو الأسعار إلى حد كبير في الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، إما من قبل المسؤولين هناك، أو من خلال تفاعل المسؤولين وتواصلهم مع جيش المستثمرين الموجودين في الولايات المتحدة. يمكن أن يجد المستثمرون الموجودون في أوروبا، على وجه التحديد، أن المركزية الأمريكية أمر مزعج، لكنها أمر لا مفر منه. عندما تكون الأموال قابلة للاستبدال، وتتدفق بسهولة بين البلدان، تنبثق العلامات الحيوية للاقتصاد العالمي من الولايات المتحدة بشكل أكبر من انبثاقها من أي مكان آخر.
مع ذلك، هناك استثناء حاسم واحد ظهر خلال العقد الماضي. تحدد عملة الصين الكثير من أحكام التجارة بين الاقتصاد الأسرع نموا في العالم وبقية بلدان العالم. في الوقت الذي يخضع فيه السعر لضغوط السوق، فهو لا يزال إلى حد كبير سعرا خاضعا للرقابة أو حتى "يتم التلاعب به". وتحركاتها يجري إملاؤها إلى حد كبير من قبل مجموعة من المسؤولين الذين يتكلمون بالمعنى الحرفي لغة لا يتفهمها تقريبا أحد خارج بلدهم. كما توفر أيضا آلية مبهمة يمكنها التصدي للأدوات الفجة في الرسوم الجمركية التجارية.
في السنوات الأولى بعد انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية، تم بلا شك التلاعب بعملة الرنمينبي ودفعها إلى الأدنى من أجل تعزيز القدرة التنافسية لقطاع التصنيع في الصين، وجعل العمالة الصينية تبدو حتى أرخص ثمنا من حيث قيمتها بالعملة الأجنبية.
ولا يزال بعض المستثمرين يعتقدون أن الصين استخدمت عمدا عملتها لتصميم انخفاض في أسعار النفط وارتفاع في قيمة الدولار خلال فترة الأزمة التي سادت في صيف 2008. وقد أعلنت أنها كانت توقف ارتفاعا ثابتا في قيمة العملة مقابل الدولار، لكنها حافظت على ارتفاع عملتها مقابل اليورو، ما أدى إلى ارتفاع قيمة الدولار.
في عام 2015، ساعد الانخفاض المفاجئ في العملة الصينية، الذي حصل دون سابق إنذار وتبعه انخفاض آخر مفاجئ في الرنمينبي في كانون الثاني (يناير) 2016، على دفع الأصول الخطرة العالمية لتدخل آخر عملية تصحيح كبيرة لها.
لذلك ما الذي ينبغي تعلمه من الأحداث التي حصلت خلال الشهرين الماضيين؟ منذ نيسان (أبريل)، تمكن الرنمينبي من الانخفاض بنسبة تزيد على 10 في المائة مقابل الدولار، بحيث انتقل من 6.24 لكل دولار في إحدى المراحل إلى 6.897 للدولار عند أعلى نقطة له يوم الجمعة. وهو الآن قريب من المستوى الذي أوقفت فيه السلطات الصينية ارتفاعه التدريجي مقابل الدولار قبل عشر سنوات.
من دون التدخل يوم الجمعة الماضي، عندما كان من الصعب التداول على المكشوف باستخدام أسعار الصرف الآجلة، ربما تكون العملة قد تجاوزت ذلك المستوى بكل سهولة. مع اقتراب الرقم التقريبي 7 لقيمة الرنمينبي مقابل الدولار، كان هناك أيضا ذلك الخطر الكبير المتمثل في أن تخفيض قيمة العملة المسموح به يمكن أن يعتبر وكأنه استجابة مباشرة لقعقعة السيوف الأخيرة من الولايات المتحدة في المجال التجاري.
من الواضح أن عملة الصين تشكل بالتأكيد جزءا من لعبة الشطرنج الدولية التي يبدو وكأنها تعمل على تغيير قواعد التمويل والتجارة. لكنها أيضا تشكل امتدادا لمحاولات الصين أثناء فترة حكم الرئيس تشي جينبينج كبح جماح الائتمان الذي استخدمته للهروب من الأزمة قبل عشر سنوات مضت. تقليص الائتمان يعني عموما ارتفاع أسعار الفائدة وعملة أقوى.
لكن هذا العام شهد تدهورا حادا في سلامة محركات النمو في الصين، بقدر ما يمكننا استنتاج ذلك من خلال التدابير المالية الواضحة. مؤشر سوق الأسهم "سي إس آي 300"، الذي يشتمل على أكبر الأسهم الصينية في بورصتي شنغهاي وشينزن، انخفض 25 في المائة خلال ستة أشهر. وانخفض سعر النحاس الذي كانت صناعات الصين النهمة هي المستهلك الهامشي له منذ فترة طويلة، بنسبة 17 في المائة تقريبا منذ حزيران (يونيو).
ما كان ذات مرة مجرد محاولة نشطة لاتخاذ نظرة بعيدة المدى والحؤول دون وقوع الصين في أزمة الائتمان الخاصة بها يبدو الآن وكأنه يتخذ مسارا معاكسا مع تحول نسب الاحتياطي لدى المصارف للسماح بمزيد من الإقراض مرة أخرى.
يشكل هذا مصدر إغراء لجميع الموجودين خارج الصين – وبالتأكيد لجميع الذين يقرأون بانتظام تغريدات الرئيس ترمب – كي ينظروا إلى كل حركة في أية إجراءات مالية صينية من خلال عدسة السياسة التجارية. كما أن هذا مصدر إغراء أيضا كي ننظر إلى كل خطوة مالية تقوم بها الصين وكأنها جزء من خطة كبيرة على أعلى المستويات تدار من قبل تكنوقراطيين بينهم تنسيق على أعلى المستويات. قد لا يكون أي من هذين الأمرين دقيقا هنا. فالصين لديها نظام مصرفي فوضوي، وعوامل سياسية تبدو أكثر تعقيدا مما كانت عليه قبل عدة أشهر فقط. تشير الانتقادات الموجهة من الرئيس تشي، التي تشق طريقها لتصل إلى الصحافة الأجنبية، إلى أن موقفه ليس قويا بقدر ما كان يفترض الغرباء. ويغلب على السياسة المالية الصينية ألا تكون خطة متقنة طويلة الأجل بقدر ما هي سلسلة من الإجراءات التي تأتي رد فعل بهدف ضمان استمرار بقاء الشيوعيين. لا شيء من هذا يجعل سعر الصرف الصيني أقل أهمية بأية حال. كل ما في الأمر أنه يجعل تفهمه أكثر صعوبة من تفهم سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية أو عائدات سندات الخزانة الأمريكية.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES