الاقتصاد التركي المتأزم مهدد بمزيد من العقوبات الأمريكية

الاقتصاد التركي المتأزم مهدد بمزيد من العقوبات الأمريكية

يبدو أن تصعيد الأزمة بين الولايات المتحدة وتركيا البلدين الحليفين داخل حلف شمال الأطلسي قد يعرض الاقتصاد التركي المتأزم أصلا لمزيد من العقوبات الاقتصادية.
ويرى خبراء أن العقوبات قد تؤثر في الاقتصاد التركي الذي يعاني تضخما قويا مع تراجع كبير وتاريخي في قيمة الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي إذ يتم تداولها منذ مساء الأربعاء بأكثر من خمس ليرات للدولار الواحد.
وقال أنطوني سكينر الخبير "ثمة خطر لعقوبات مقبلة.. يمكن أن تطاول في شكل مباشر مصالح الحكومة التركية مع إمكان التسبب في انهيار الليرة".
وبحسب "الفرنسية"، طلب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس بتجميد أصول وموجودات وزيري العدل والداخلية الأمريكيين في تركيا ردا على العقوبات الأمريكية على خلفية توقيف قس أمريكي.
وقال أردوغان في خطاب ألقاه في أنقرة ونقله التلفزيون "صَبرنا حتى مساء أمس. واليوم أصدرتُ توجيهات: سنجمد أصول وزيري العدل والداخلية الأمريكيين في تركيا، إذا وُجدت".
وهذا التصريح رد مباشر على القرار الأمريكي الأربعاء الماضي بفرض عقوبات على وزيري الداخلية والعدل التركيين سليمان سويلو وعبد الحميد غول.
واستهدف الوزيران لدورهما المفترض في محاكمة القس الأمريكي اندرو برانسون الذي تتهمه أنقرة بممارسة أنشطة "إرهابية" والتجسس.
وينفي برانسون هذه الاتهامات، وقد وضع قيد الإقامة الجبرية الأسبوع الفائت بعد اعتقاله لعام ونصف عام، ولم يتضح إلى من يشير أردوغان في كلامه عن وزير الداخلية في الولايات المتحدة، فهناك وزير الداخلية راين زينكي المكلف، خصوصا المحميات الوطنية والشؤون الهندية، وهناك وزيرة الأمن الداخلي كيرستن نيلسن.
وشملت العقوبات الأمريكية مصادرة ممتلكات وأصول سويلو وغول ومنع أي تعاملات بين المواطنين الأمريكيين والمسؤولين التركيين.
لكن الوزيرين أكدا أن لا ممتلكات لهما في الولايات المتحدة، والأمر قد ينطبق أيضا على الوزراء الأمريكيين الذين سيستهدفهم أردوغان، ما يجعل هذه العقوبات رمزية جدا.
واعتبرت أماندا سلوت الدبلوماسية الأمريكية السابقة والباحثة في معهد بروكينغز أن "قيام عضوين في حلف شمال الأطلسي بمعاقبة أعضاء في حكومتيهما هو أمر غير مسبوق وينطوي على دلالات".
ويبدو أن أردوغان يرغب في تجنب مزيد من التصعيد عبر قوله "لا نريد أن نكون طرفا في لعبة يخسر فيها الجميع"، معتبرا أن "نقل الخلافات السياسية والقضائية إلى المجال الاقتصادي سيكون ضارا للطرفين".
وأكد أيضا أن العمل "كثيف" عبر القنوات الدبلوماسية مبديا اعتقاده بأن "قسما كبيرا من الموضوعات الخلافية ستكون قريبا وراء البلدين الحليفين.
بدوره، أبدى مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكي تفاؤلا صباح أمس غداة لقائه نظيره التركي مولود تشاوش أوغلو على هامش منتدى إقليمي في سنغافورة.
وقال في مؤتمر صحافي سبق خطاب أردوغان "حان الوقت للإفراج عن القس برانسون والسماح له بالعودة إلى الولايات المتحدة. لدي أمل كبير بأن هذا الأمر سيتحقق في الأيام المقبلة".
وتسهم ملفات شائكة أخرى في توتير العلاقات بين البلدين، فأنقرة ترفض دعم واشنطن لوحدات حماية الشعب الكردية في سورية وتأخذ عليها رفضها تسليم فتح الله غولن الذي يتهمه أردوغان بتدبير محاولة الانقلاب عليه في تموز (يوليو) 2016، ويقيم غولن في الولايات المتحدة منذ 1999 وينفي أي ضلوع في الانقلاب الفاشل.
من جهتها، احتجت الولايات المتحدة بشدة على توقيف موظفين محليين في بعثات أمريكية في تركيا بتهمة ممارسة أنشطة "إرهابية".
وقالت سلوت إن "ترمب لن يتراجع ما دام برانسون لم يعد ولا يريد أردوغان أن يبدو كأنه تراجع في مواجهة الأمريكيين"، محذرة من "تصعيد من شأنه تعقيد الجهود للخروج من الأزمة".
في المقابل، رجح أنطوني سكينر التوصل إلى اتفاق "انطلاقا من التحديات الاقتصادية التي تواجه تركيا"، مضيفا "لدى أردوغان سجل حافل على صعيد اللعب بالنار، لكنه يدرك أيضا أنه لا يستطيع المضي بعيدا في هذا الأمر".

الأكثر قراءة