سقط في الترجمة .. الأسواق تتطلع إلى معرفة مصير الفائدة الأوروبية

سقط في الترجمة .. الأسواق تتطلع إلى معرفة مصير الفائدة الأوروبية

يستعد ماريو دراجي لاستجواب قاس يوم الخميس حول عنصر أساسي في الاستراتيجية الجديدة للبنك المركزي الأوروبي: تغيير في الرسالة المتعلقة بأسعار الفائدة ربما يكون قد ضاع أثناء الترجمة.
السبب في هذه المشكلات التي يواجهها رئيس البنك المركزي الأوروبي هو اللبس الذي طغى على الاجتماع الأخير للبنك الذي عقد في حزيران (يونيو)، فيما يتعلق بالقضية الحيوية حول الموعد الذي سترتفع فيه أسعار الفائدة عن مستوياتها الدنيا القياسية.
الترجمة الرسمية للنتائج التي توصل إليها البنك المركزي الأوروبي باللغتين الفرنسية والألمانية نقلت رسائل تتعارض مع النسخة الأصلية المكتوبة بالإنجليزية وتم تعديلها أخيرا، لكنها لم تحصل على رضا الجميع.
قال ريتشارد بارويل، من شركة بي.إن.بي باريبا لإدارة الأصول "نحن مدعوون إلى استنتاج أن توافق الآراء في المجلس "الحاكم" بشأن الإبقاء على أسعار الفائدة منخفضة أكثر هشاشة مما بدا للوهلة الأولى".
تزداد أهمية هذه المسألة في وقت يعمل فيه البنك المركزي الأوروبي على التخلص التدريجي من برنامج شراء السندات بقيمة 2.5 تريليون يورو ويسعى إلى العودة إلى إجراءات تقليدية أكثر - خاصةً أسعار الفائدة - لإدارة الاقتصاد.
ومن المحتمل أيضًا أن يواجه دراجي أسئلة في مؤتمره الصحافي الذي سيعقد في مقر البنك في فرانكفورت، حول ادعاءات دونالد ترمب بأن الاتحاد الأوروبي يشارك في التلاعب بالعملة، وحول خطط البنك لإعادة استثمار عائدات السندات المستحقة.
ومن المتوقع أن تكون الإحاطة الإعلامية هي الحدث الرئيسي في فرانكفورت ـ لا يُتوقع سوى القليل من بيان السياسة الرسمية للبنك المركزي الأوروبي، الذي سيكون في الساعة 12:45 بعد الظهر بتوقيت وسط أوروبا.
الخطوة التي اتخذها البنك الشهر الماضي، المتمثلة في إنهاء التسهيل الكمي من خلال تخفيض حجم السندات الجديدة التي يشتريها شهريا من 30 مليار يورو إلى 15 مليار يورو في أيلول (سبتمبر) قبل إنهاء عمليات الشراء في كانون الأول (ديسمبر)، كانت لحظة مهمة.
قبل اتخاذ القرار كان بعضهم يخشى من هبوط أسعار الأسهم، وارتفاع تكلفة الائتمان، وازدياد قيمة اليورو بعد أن استنتجت الأسواق أن البنك المركزي الأوروبي كان يتجه نحو سياسة نقدية أكثر تشددًا. لكن بدلا من ذلك حدث العكس. انخفضت العملة الموحدة، وارتفعت أسعار الأسهم، وظلت تكاليف الاقتراض في مستويات منخفضة للغاية.
أحد أسباب تفاؤل الأسواق هو أن البنك قال "إنه يتوقع أن يُبقي أسعار الفائدة معلقة حتى صيف عام 2019". وفسرت الأسواق ذلك بأنه يعني أن أسعار الفائدة ستظل عند مستوياتها الحالية حتى أيلول (سبتمبر) من العام المقبل - أطول مما كان متوقعًا من قبل.
إلا أن بعض أعضاء مجلس الإدارة، ومعظمهم من غير الناطقين بالإنجليزية، اختلط عليهم المعنى الصحيح للعبارة.
في اليوم التالي للاجتماع تم تغيير الترجمة الرسمية المنقولة من النص الإنجليزي إلى عدد من اللغات "مع إلغاء الترجمة الأصلية"، بما فيها الفرنسية والألمانية والإسبانية والهولندية.
في البداية، أشارت الصيغة باللغة الفرنسية إلى أن أسعار الفائدة لن ترتفع "حتى على الأقل نهاية صيف عام 2019". ثم تم تغييرها إلى "حتى صيف عام 2019" التي تشير إلى إمكانية رفعها ابتداءً من حزيران (يونيو). وتم إدخال تغييرات مماثلة على العبارة نفسها في عديد من اللغات الـ 21 الأخرى المستخدمة من قبل البنك المركزي الأوروبي.
يقول البنك "إن النسخة الإنجليزية هي النسخة التي يوقع عليها المجلس، وبالتالي هي النسخة الوحيدة المهمة". لكن التباس المعنى لم يلغِ الشكوك في أن بعض أعضاء مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي - خاصة المسؤولين من ألمانيا ودول أخرى من شمالي أوروبا - يرغبون في رفع أسعار الفائدة في وقت أقرب من خريف عام 2019.
في الواقع قد يؤدي غموض العبارة "خلال الصيف" إلى تمكين دراجي من الحصول على دعم جماعي من الصقور في مجلس إدارة البنك.
غضب ترمب من اليورو سيكون على الأرجح من القضايا المطروحة أيضا في المؤتمر الصحافي يوم الخميس. الرئيس الأمريكي اتهم الاتحاد الأوروبي والصين على "تويتر" الأسبوع الماضي بـ "التلاعب في عملتيهما بخفض أسعار الفائدة (...) ما يضعف قدرتنا التنافسية الكبيرة".
اتهامات ترمب بأن اليورو مقوم بأقل من قيمته قد يكون أمرًا يصعب التعامل معه بالنسبة إلى دراجي. في تقرير صدر الأسبوع الماضي قال صندوق النقد الدولي أيضًا "إن اليورو كان ضعيفًا جدًا بالنسبة إلى اقتصادات مثل ألمانيا وهولندا، فكلاهما يملك فوائض تجارية كبيرة".
وبما أن صندوق النقد الدولي يقول أيضًا إن العملة الموحدة قوية جدًا بالنسبة إلى الاقتصادات الأخرى في المنطقة، مثل إسبانيا، فقد وصل مفهوم عام بأن اليورو يجب أن يرتفع قليلاً مقابل الدولار.
قال البنك المركزي الأوروبي في الماضي "إنه لا يضع سياسة نقدية بقصد إما إضعاف وإما تقوية اليورو". ومع ذلك، انخفاض قيمة العملة يجعل حياة صناع السياسة في منطقة اليورو أكثر سهولة ويعزز التجارة ويزيد مستوى التضخم ليكون أقرب إلى غايتهم المستهدفة: دون 2 في المائة بقليل.
من المحتمل أن يبقى سعر الفائدة المعياري في منطقة اليورو صفرًا عندما تقترب تكاليف الاقتراض الأمريكية إلى 3 في المائة. هناك أسباب وجيهة جداً لهذا الاختلاف؛ انتعش الاقتصاد الأمريكي بسرعة أكبر بعد الأزمة، إضافة إلى ـ ما يحرص ترمب كثيرا على ذكره ـ أن النمو الأمريكي قوي. لكن لا يمكن إنكار أن الاختلاف في أسعار الفائدة يساعد على إبقاء اليورو ضعيفًا مقابل "أخضر الظهر".
على صعيد آخر، لم يقرر البنك المركزي الأوروبي حتى الآن ما ينوي فعله بعائدات السندات التي اشتراها بموجب برنامج التسهيل الكمي، التي حل أجل استحقاقها الآن.
بدأ البنك في شراء السندات في آذار (مارس) 2015 ويمكنه شراء الديون بآجال استحقاق تراوح بين سنة و30 سنة. واشترى البنك المركزي الأوروبي كثيرا من السندات التي من المتوقع أن يصل متوسط إعادة استثمارها في النصف الأول من العام المقبل إلى نحو 17 مليار يورو شهريًا.
وفي حين إن البنك سيتوقف عن شراء سندات جديدة في كانون الأول (ديسمبر)، من المتوقع أن يستمر صانعو السياسة في إعادة استثمار عائدات السندات المستحقة على الأقل إلى أن يرفع البنك أسعار الفائدة.
حتى الآن، لم يقدم البنك المركزي الأوروبي أي إطار زمني، مكتفيا بالقول فقط إنه "ينوي" الاستمرار في عمليات إعادة الاستثمار "لفترة طويلة من الوقت بعد انتهاء صافي مشتريات الأصول".

الأكثر قراءة