أخبار اقتصادية- عالمية

انهيار مدو للعملة الايرانية مع اقتراب العقوبات .. الدولار يقفز إلى 97500 ريـال

انهيار مدو للعملة الايرانية مع اقتراب العقوبات .. الدولار يقفز إلى 97500 ريـال

انهيار مدو للعملة الايرانية مع اقتراب العقوبات .. الدولار يقفز إلى 97500 ريـال

واصلت العملة الايرانية انهيارها السريع في سوق الصرف غير الرسمية أمس ، ليقترب سعر الدولار من مستوى 100 ريال ايراني .
ووفقا لموقع (بونباست دوت كوم) لأسعار صرف العملات ، بلغ سعر الدولار 97500 ريـال إيراني أمس مقابل 85500 ريـال إيراني قبل أسبوع ، حيث أرجع مختصون هذا الانهيار المدوي للريال الإيراني نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، وشح النقد الاجنبي مع اقتراب تطبيق العقوبات الامريكية ضد ايران.
وفقدت العملة الايرانية أكثر من نصف قيمتها هذا العام بسبب ضعف الاقتصاد والمشكلات المالية التي تواجهها مصارف محلية والطلب الكبير على الدولار بين الإيرانيين الذين يخشون من تأثير العقوبات.
وبحسب "رويترز"، أدت العودة المتوقعة للعقوبات إلى تراجع سريع في قيمة العملة الإيرانية وإلى احتجاجات من التجار الموالين بشكل تقليدي لنظام الملالي وإلى غضب عام من التربح.
وفي سياق متصل بالأزمة التي يواجهها الاقتصاد تتجه الحكومة الايرانية الى تقديم حوافز‭‭ ‬‬تتعلق بالأسعار والضرائب لمستثمري القطاع الخاص لتولي مشروعات الدولة المعطلة والمساعدة في دعم الاقتصاد مع مواجهة البلاد لعقوبات أمريكية وانسحاب الكثير من الشركات الأجنبية.
وانسحبت الولايات المتحدة في أيار (مايو) الماضي، من الاتفاق النووي الذي رفعت بموجبه العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي وأبلغت واشنطن الدول بضرورة وقف كل وارداتها من النفط الإيراني ابتداء من الرابع من نوفمبر تشرين الثاني وإلا واجهت إجراءات مالية أمريكية.
وقال اسحق جهانكيري نائب الرئيس في التلفزيون الرسمي إن الخطة المزعومة ستقدم أسعارا مغرية وبنودا مرنة وإعفاءات ضريبية للمستثمرين الذين يوافقون على تولي إدارة نحو 76 ألف مشروع حكومي لم تكتمل أو معطلة.
ونقل موقع التلفزيون الرسمي عن جهانكيري قوله "على مدى الأشهر القليلة الماضية ذهبت السيولة المتاحة في البلاد إلى الإسكان والصرف الأجنبي والمسكوكات الذهبية، ما رفع الأسعار وأثار قلق الناس".
وأضاف بعد اجتماع حضره الرئيس حسن روحاني ورئيسا البرلمان والهيئة القضائية أن "من القضايا الرئيسية التي نوقشت خلال الاجتماع، مسألة إيجاد حلول لتحويل السيولة نحو التوظيف وتنشيط التصنيع ".
ويبدأ سريان العقوبات في آب (أغسطس) المقبل، لكن بعض الشركات الأوروبية التي تستثمر في إيران ولها عمليات كبيرة في الولايات المتحدة أعلنت بالفعل انسحابها من صفقات مع طهران.
وذكر التلفزيون الرسمي أن المتحدث باسم السلطة القضائية غلام حسين محسني اجئي قال أمس، إن 18 شخصا اعتقلوا فيما يتعلق بمزاعم عن كسب غير مشروع من تعاملات في مجال الصرف الأجنبي واستيراد غير قانوني لسيارات فارهة.
وفي أواخر كانون الأول (ديسمبر) الماضي، امتدت مظاهرات اندلعت بسبب الأزمة الاقتصادية إلى أكثر من 80 مدينة وبلدة إيرانية. وقتل 25 شخصا على الأقل في الاضطرابات التي شكلت أكبر تعبير عن الاستياء العام منذ نحو عشر سنوات .
وصب المتظاهرون جم غضبهم في البداية على ارتفاع الأسعار وانتشار الفساد لكن الاحتجاجات اتخذت منحى سياسيا نادرا مع تزايد عدد المطالبين بتنحي الزعيم الإيراني الأعلى آية الله علي خامنئي.
وينتظر أن تواجه نحو 160 شركة أوروبية عاملة في إيران عقوبات أمريكية قاسية في حال استمرار تعاونها في تنفيذ مشاريع استثمارية مختلفة في البلاد.
يأتي ذلك في اقتراب فرض الولايات المتحدة عقوبات على الشركات الأوروبية التي تتعامل مع إيران، التي وصفها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بـ"المكان المختلف" عن العالم.
ووفقا لتقرير إحصائي صادر عن الاتحاد الأوروبي - اطلعت "الاقتصادية" عليه - فإن الـ 160 شركة تمثل 17 دولة أوروبية، حيث تعمل 38 شركة فرنسية في إيران، وألمانيا 35 وإيطاليا 21 وبريطانيا 16 وسويسرا ثماني شركات وإسبانيا سبع شركات وكل من الدنمارك والنرويج وتشيكيا ست شركات، وهولندا خمس والسويد أربع وكل من النمسا وفنلندا شركتان بينما لدى مقدونيا وبولندا ورومانيا وقبرص لديهم شركة واحدة فقط تعمل على أرض إيران.
وتقول وسائل إعلام غربية إن بعض الشركات اختارت ترك السوق الإيرانية امتثالا لتحذيرات الولايات المتحدة ولتجنب مواجهة العقوبات، خاصة على الصعيد الآسيوي، حيث توجد شركات هندسية يابانية وكورية جنوبية أعلنت رسميا الابتعاد عن إيران اقتصاديا، بل وصلت إلى مرحلة أنها رفضت إبرام صفقات لاستيراد النفط من طهران.
وسارعت الشركات الأوروبية في التفاوض مع جهات إيرانية عقب توقيع الاتفاق النووي.
ورغم وجود بعض الشبان الإيرانيين مثابرين من حيث التصميم على إنقاذ بلادهم من الانهيار الاقتصادي مع تزايد الصعوبات، فإن العديد من النخبة المتعلمة يرغبون في مغادرة البلاد.
ووفقا لـ"الفرنسية"، فإن الجميع يعلم أن التحديات كبيرة تتمثل في انتشار البطالة وارتفاع الأسعار وانهيار سعر العملة.
ولكن التفاؤل بين عدد من الشباب يتضاءل بين المتعلمين من الطبقة الوسطى والعليا من الشبان الإيرانيين الذين لا يرون أي احتمالات للتغير السياسي والاقتصادي.
وإذا كان المسئولون في واشنطن يأملون في أن يؤدي ذلك إلى احتجاجات واسعة ضد الحكومة، فهناك خوف بين الشباب من أن تؤدي الاحتجاجات إلى حالة من الفوضى كما حدث في سوريا. وبدلا من ذلك فإنهم يرغبون في مغادرة البلاد.
تقول باريسا طالبة الحقوق (20 عاما) "الشباب فقدوا كل أمل لهم في المستقبل".
وتضيف "كنت أتطلع إلى العمل لثلاثة أشهر لتغطية تكاليف دراستي ومساعدة والدي. أنا طالبة حقوق ولكنني أعلم أنني عندما أنهي دراستي لن أجد عملا".
وتابعت "هناك العديدون الراغبون في المغادرة، وهم على حق لأنه بمكانهم إحراز التقدم خارج البلاد والحصول على راتب لائق".
وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها خلال اليومين الماضيين حيث هدد ترمب بـ"معاناة" غير مسبوقة لإيران، وأعلن وزير خارجيته مايك بومبيو تجدد الحملة الدعائية لتقويض قادتها.
ويركز عدد من الشباب بشكل أكبر على ما يحدث داخل بلادهم، وبالنسبة للعديدين فإن القرار في نيسان (أبريل) بحظر تطبيق تلجرام الأكثر انتشارا للتواصل الاجتماعي كان ضربة قاصمة.
وقال شاب في العشرينات يعمل في مونتاج الأفلام وأسهم في حملة إعادة انتخاب روحاني العام الماضي عندما وعد بوقف الرقابة "بقيت في غرفتي يومين لشدة الاكتئاب الذي شعرت به".
وأضاف "لقد قطع كل هذه الوعود، لكن حدث ذلك. كنت اغضب بشدة من جميع أصدقائي الذين كانوا يغادرون البلاد، ولكن للمرة الأولى أشعر أن الوقت ربما حان لأغادرها".
واليوم ينتقدون الحكومة والنظام بصراحة بطريقة لم يمكن من الممكن تخليها قبل سنوات قليلة، ولكنهم يشعرون بأنه يتم تجاهلهم.
يقول الطالب إحسان (24 عاما) "المسئولون لا يستمعون للشبان، فهم يتجاهلون آمالهم ورؤيتهم للحياة والمجتمع والدين والسياسة".
وأضاف "لقد كنت من الذين قالوا لأصدقائهم إن عليهم التصويت لأن ذلك يسمح لنا بالمطالبة بأمور، لكنني أرى الآن انه ليس بإمكاننا أن نفعل شيئا".
يقول امير رضا محمدي أحد منظمي أسبوع رواد الأعمال "ربما اضطر في يوم ما إلى مغادرة البلاد.. ولكن هنا يمكنني أن أحدث تأثيرا وهذا ما يدفعني للبقاء".
وقبل نحو أربعة عقود، وفي مثل أشهر الصيف تلك، كان "الخميني" يستعد من منفاه الباريسي للعودة لحكم إيران وفقا لنظريته "ولاية الفقيه".
وعد الخميني وأعوانه الشعب الإيراني بكثير من الأشياء، في مقدمتها أن يجعل من إيران نموذجا يحتذي شعوب الأرض، وبالفعل نجح خميني ومن بعده خامنئي في تحقيق الشطر الأول من الوعد، فحولوا البلاد بالفعل إلى نموذج لكن "لا يحتذى"، للفساد وإهدار ثروات الشعوب، وقمعها، وسحقها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وحول إيران إلى نموذج لكيفية إشعال الحروب الإقليمية، والتورط في العمليات الإرهابية، نموذجا لكيفية تصدير النظام أزمته الداخلية إلى الآخرين، ومساندة الطغاة في قتلهم لشعوبهم.
لأربعة عقود سارت إيران في طريق المجهول، ولكنها الآن تبدو أقرب من أي وقت مضى للوصول إلى نهاية الطريق، وتمزيق تلك العباءة التي ألقاها الخميني وأعوانه على أبناء شعبهم لتزيف وعيهم، وإغماض أعينهم عن رؤية الحقيقية.
ومع اقتراب آب (أغسطس)، حيث ستبدأ العقوبات الأمريكية في الدخول إلى حيز التنفيذ، يتفاءل الكثير من أبناء الشعب الإيراني بأن التغيير الشامل بات قاب قوسين أو أدنى، وبأن النظام لم يعد فقط يترنح، بل إن أساطين النظام وزبانيته يدركون أن الدائرة تضيق، وأن ما ينالونه من دعم دولي من هنا وهناك ليس أكثر من خطاب مواساة للحظة الأخيرة، وأن الشارع يغلي، والحراك الشبابي في تصاعد، والتساؤلات التي ظلت لعقود حبيسة الغرف المغلقة جراء الخوف والفزع، باتت الآن على كل لسان، وأن أسئلة الإيرانيين لم يعد من الممكن إيقافها دون حمام دم.
الشعب يسأل الآن ما الذي أوصلنا إلى حافة الانهيار الاقتصادي؟، أين ذهبت ثروات الإيرانيين في أربعة عقود؟، من الذي مزق النسيج الاجتماعي بين أبناء الشعب الإيراني، من المسؤول عن الخلل الاجتماعي الراهن؟، وعندما يعود الصدى حاملا الإجابة معه، فإن أبناء إيران لا يجدون غير عبارة واحدة ومسؤول واحد يحملونه انهيار دولتهم ومجتمعهم.. إنه "نظام الملالي وولاية الفقيه".
لأربعة عقود كانت إيران تنتقل من خلل اقتصادي إلى آخر، ومن أزمة اقتصادية صغيرة إلى أزمة أكبر فأكبر، إلى أن وصلت الآن إلى وضع يصعب معه المسكنات أو عمليات ترقيع لإصلاح ما يمكن إصلاحه.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية