"وود ماكينزي": النفط الصخري الأمريكي شديد الحساسية لتقلبات أسعار الخام

"وود ماكينزي": النفط الصخري الأمريكي شديد الحساسية لتقلبات أسعار الخام

أكدت شركة "وود ماكينزي" الدولية لاستشارات الطاقة، أن تطورات سعر النفط الخام تعد أمرا بالغ الأهمية لمنتجي النفط الصخري الأمريكي، وهو ما يتطلب إعداد المحافظ الاستثمارية المستقبلية للشركات بحذر شديد وبأقصى درجات المرونة، حيث إن اقتصاديات النفط الصخري تعد حساسة جدا لتغير الأسعار.
وذكر تقرير حديث للشركة أن المستثمرين الجدد في صناعة النفط الصخري والباحثين عن تحقيق معدلات عالية من النمو عليهم أن يدرسوا الفرص الاستثمارية المتاحة بحذر شديد.
وأضاف التقرير الدولي، أن "أحجام النفط الصخري الأمريكي تنمو بشكل متسارع في الوقت الحاضر، لأن المشغلين يقومون بالحفر في مواقع رئيسة معظمها منخفض التكلفة في مراكز إنتاج مثل بيرماندز ميدلاند ولفكامب وديلاوير"، مشيرا إلى أن أغلب الزيادة في الإنتاج قادمة من حقل "بيرميان" الذي يوفر وحده ثلاثة ملايين برميل يوميا من الزيادة البالغة أربعة ملايين برميل يوميا في الحقول النفطية البرية في الولايات المتحدة وذلك على مدار العقد المقبل.
وقال التقرير "إن مناطق إنتاج النفط الصخري المتميزة لن تدوم إلى الأبد"، مشيرا إلى أنه تم بالفعل استنفاد مناطق الحفر في أفضل المساحات في باكين وإيجل فورد"، مشيرا إلى أن الشيء نفسه سيحدث للحقل الرئيسي الكبير "برميان" في الوقت المناسب وذلك على الأرجح في أوائل عام 2020.
وحذر من أن العودة إلى مستوى سعر 50 دولاراً للبرميل لخام برنت أو ما دونه لفترة طويلة من شأنه أن يبدد أي نمو في أحجام في معظم حقول النفط الصخري الأمريكي، بما في ذلك حقل بيرميان وهو ما سيقتل النمو المربح الذي يسعى إليه المستثمرون الجدد.
وتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الأمريكي الضيق من أقل من ستة ملايين برميل يوميًا هذا العام إلى عشرة ملايين برميل يوميًا بحلول أواخر عام 2020، مشيرا إلى أن وتيرة النمو ستتراجع على نحو واسع بحلول عام 2024.
وذكر أنه يجري حاليا تطوير صناعة النفط الصخري الأمريكي، حيث أصبحت شركات الطاقة العملاقة "إكسون موبيل" و"شيفرون" و"شل" من بين أكبر المستثمرين في حقول النفط الأمريكي حيث تعمل التقنيات الحديثة والمتطورة على تسريع عملية الحفروتقليل التكاليف.
واعتبر أن صناعة النفط الخام العالمية لا تزال تخوض دورة طويلة العمر حيث تتمسك شركات النفط والغاز بزيادة جهود الانضباط المالي وتتفادى الالتزام بالمشاريع التقليدية الكبيرة ذات الكثافة الرأسمالية العالية.
وفي سياق متصل، توقع مختصون ومحللون نفطيون أن تواصل أسعار النفط الخام مكاسبها السعرية خلال الأسبوع الجاري بعد أن اختتمت الأسبوع الماضي على ارتفاع بنحو 1 في المائة بسبب الاحتجاجات الشعبية في العراق وإضراب العمال في النرويج، إلا أنه كبح تحقيق مزيد من الصعود للأسعار استئناف تصدير الخام الليبي.
وتترقب الأسواق نتائج القمة الأمريكية الروسية في هلسنكي بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترمب والروسي فلاديمير بوتين، التي من المتوقع أن تتطرق إلى وضع السوق النفطية وسط احتمال التوصل إلى تفاهمات جديدة بشأن زيادة الإنتاج لتعويض الانخفاضات الحادة المتوقعة في إنتاج كل من فنزويلا وإيران، خاصة مع بدء تطبيق العقوبات الاقتصادية الصارمة على طهران.
وقال لـ "الاقتصادية" روبرت شتيهرير مدير معهد فيينا الدولي للدارسات الاقتصادية، "إن أسعار النفط الخام مرشحة لمزيد من المكاسب بسبب انكماش المعروض النفطي إثر تراجعات وانقطاعات واسعة في إنتاج فنزويلا وإيران وأنجولا ونيجيريا"، مشيرا إلى أن زيادات الإنتاج التي تقودها السعودية وروسيا تعوض جزءا كبيرا من الانقطاعات لكنها لن تحول دون استمرار صعود الأسعار.
وأشار إلى أهمية أن نأخذ في الحسبان قوة نمو الطلب وهو ما يفرض كثيرا من المسؤوليات على كبار المنتجين القادرين على زيادة الإنتاج لضبط توازن السوق وتعويض هذه الانكماشات بشكل سريع، لافتا إلى أن الإنتاج السعودي ارتفع بنحو أكثر من 400 ألف برميل يوميا منذ أيار (مايو) الماضي ومن المتوقع أن يسجل مستويات قياسية جديدة بعد تجاوز مستوى 10.4 مليون برميل يوميا.
من جانبه يقول أندريه جروس مدير قطاع آسيا الوسطي في شركة "أم أم أي سي" الألمانية للطاقة، "إن هناك قناعة في السوق بالحاجة إلى زيادة المعروض بأكثر من مليون برميل يوميا، وهو ما أكده وزير الطاقة الروسي الكسندر نوفاك أخيرا"، مشيرا إلى أن الزيادات ستتم بالتوازن مع انكماش المعروض ونمو الطلب وبالحفاظ على مستويات سعرية جيدة.
ولفت إلى تركيز المنتجين في اجتماعهم الأخير على ضرورة الاستجابة لتوصيات المستهلكين خاصة في آسيا الذين يمثلون الجانب الأكبر من منظومة الطلب، منوها بأن ارتفاع الأسعار يؤثر دون شك بالسلب في نمو الطلب، مشددا على ضرورة العمل على استقرار السوق وعلى علاقات جيدة ومتوازنة بين المنتجين والمستهلكين، وهو ما تأخذ به منظمة "أوبك" وشركاؤها من المنتجين المستقلين بقيادة روسيا.
بدورها قالت المحللة الأمريكية ويني أكيلو من شركة "أفريكا انجنيرينج"، "إن نمو الإنتاج الأمريكي يسير بوتيرة سريعة لكنها لن تستمر طويلا بحسب توقعات عديد من المؤسسات المالية والنفطية الدولية"، مشيرة إلى أن هذا النمو قد لا يواكب الانقطاعات في الإمدادات خاصة مع بدء تطبيق العقوبات الاقتصادية المرتقبة على إيران.
ورجحت أن تواصل الإدارة الأمريكية حثها المنتجين في "أوبك" وخارجها على زيادة الإنتاج، وأن تكون قمة هلسنكي بين ترمب وبوتين فرصة لبحث قضية زيادة الإمدادات في ظل المخاوف التي تهيمن على السوق من تأثير العقوبات ومن تداعيات الانقطاعات في عدد من دول الإنتاج المهمة.
من ناحية أخرى وفيما يخص أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط نحو 1 في المائة يوم الجمعة مع تضرر الإمدادات من إضراب عن العمل في النرويج واحتجاجات في العراق، لكنها سجلت ثاني خسارة أسبوعية على التوالي بعد أن أعيد فتح موانئ ليبية وتوقعات بأن إيران ربما ستظل تصدر بعض الخام على الرغم من عقوبات أمريكية.
وأنهت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق جلسة التداول مرتفعة 88 سنتا، أو 1.18 في المائة، لتبلغ عند التسوية 75.33 نقطة. لكنها تنهي الأسبوع على خسارة قدرها 2.7 في المائة.
وصعدت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 68 سنتا، أو 0.97 في المائة، لتسجل عند التسوية 71.01 دولار للبرميل. لكنها أيضا تنهي الأسبوع على خسارة تبلغ نحو 3.9 في المائة.
وقلصت السوق مكاسبها في أواخر الجلسة بفعل تقرير لـ "بلومبيرج" بأن إدارة ترمب تدرس بجدية استخدام الاحتياطي النفطي الاستراتيجي للولايات المتحدة وهو ما سيعني إضافة مزيد من الإمدادات إلى السوق. ويحتوي الاحتياطي الاستراتيجي على نحو 660 مليون برميل تكفي الإمدادات لنحو ثلاثة أو أربعة أشهر.
وأضرب مئات من العمال في حفارات بحرية للنفط والغاز في النرويج عن العمل يوم الثلاثاء بعد أن رفضوا اتفاقا مقترحا بشأن الأجور، وهو ما أدى إلى إغلاق حقل نفطي تشغله "شل".
وفي العراق خرج محتجون إلى شوارع مدينة البصرة النفطية لليوم الخامس على التوالي ومنعوا الوصول إلى ميناء أم قصر للبضائع مطالبين بوظائف وتحسين الخدمات الحكومية.
من جانب آخر، استقر عدد الحفارات النفطية النشطة في الولايات المتحدة هذا الأسبوع بعد أن تباطأ معدل الزيادة في الأسابيع الأربعة الماضية مع تراجع أسعار الخام منذ أواخر أيار (مايو) حتى أواخر حزيران (يونيو).
وأنهت أسعار الخام الأمريكي الأسبوع على هبوط قدره 4 في المائة تقريبا بينما تهدد التوترات التجارية المتصاعدة بالإضرار بالطلب على النفط، بعد أن صعدت في الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوياتها منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014.
وقالت شركة بيكر هيوز لخدمات الطاقة يوم الجمعة في تقريرها الأسبوعي الذي يحظى بمتابعة وثيقة "إن عدد حفارات النفط النشطة في أمريكا استقر عند 863 في الأسبوع المنتهي في 13 تموز (يوليو)".
ومع هذا فإن إجمالي عدد الحفارات النفطية في الولايات المتحدة، وهو مؤشر أولي للإنتاج مستقبلا، يبقى أعلى كثيرا من مستواه قبل عام عندما بلغ 765 حفارا، مع قيام شركات الطاقة بزيادة الإنتاج وسط توقعات بأن أسعار الخام في 2018 ستكون أعلى من السنوات السابقة.
وحتى الآن هذا العام، بلغ متوسط عدد حفارات النفط والغاز النشطة في أمريكا 1006، متجها نحو تسجيل أعلى مستوى سنوي منذ 2014 عندما بلغ المتوسط 1862 حفارا. وتنتج تلك الحفارات النفط والغاز كليهما.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية هذا الشهر أن المتوسط السنوي لإنتاج النفط الأمريكي سيرتفع إلى مستوى قياسي عند 10.8 مليون برميل يوميا في 2018 وإلى 11.8 مليون برميل يوميا في 2019، من 9.4 مليون برميل يوميا في 2017.
ووفقا لبيانات اتحادية، فإن المستوى القياسي الحالي للإنتاج السنوي هو 9.6 مليون برميل يوميا وسجل في عام 1970.

الأكثر قراءة